رغم استمرار المفاوضات بين كل من الصين والولايات المتحدة الأمريكية حول تفادى الحرب التجارية التى بدأتها وتصر عليها الولايات المتحدة، بهدف الضغط على الاقتصاد الصينى المتنامي وتقليل أرباحه بأى شكل، إلا أن كل دولة تعمل من جانبها على اتخاذ إجراءات حماية لاقتصادها ضد الأخرى.
ومن جانبها بدأت الصين الإعداد لاتخاذ خطوات جدية لمواجهة الحرب التجارية التى بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم وقائية على واردات الطاقة والمعادن بشكل مفاجئ، وتعمل على زيادة هذه الرسوم منذ تولى ترامب الرئاسة.
وأهم هذه الخطوات الصينية، هو قيام الصين ببحث خفض تدريجى لقيمة عملتها "اليوان"، كأداة تحرك فى الخلاف التجارى المتصاعد مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وكانت وكالات إخبارية نقلت سابقا إن مسئولين صينيين كبارا يبحثون تحليلين مطوّلين لأثر خفض قيمة اليوان، أعدتهما الحكومة فى الفترة الأخيرة، لكن تحليل الأمر وبحثه لا يعنى أن المسئولين الاقتصاديين سيأخذون قرارا بخفض قيمة العملة بالفعل، إذ إنه إجراء يحتاج إلى موافقة القيادات العليا فى البلاد.
وسبق وأن قامت الصين بتخفيض قيمة اليوان الصينى عدة مرات كان آخرها في 2015 عندما أرادت أن تقوم بتنشيط قطاع الصناعة والصادرات لديها بعدما شهدا تباطؤا فى هذا الوقت، وهو ما نجح بالفعل وقتها، ويفلح دائما هذا الإجراء مع أى دولة صناعية قوية.
ومؤخرا وبعد الإجراءات الأمريكية، بدأت الصين تعيد التفكير مجددا فى تخفيض قيمة عملتها المحلية لمواجهة الإجراءات الأمريكية وتنشيط اقتصادها وصادراتها، وبالتأكيد هذا يمكن أن يفلح، لكن هناك مشكلة قد تواجه هذا التوجه الصينى، وهو أن اليوان الصينى أصبح الآن ضمن العملات المعتمدة دوليا فى صندوق النقد الدولى، وهو ما يفرض العديد من الإلتزامات على الصين من أهمها أن تكون العملة مستقرة وتخضع لضوابط العرض والطلب دون التدخل الحكومى الكبير لتحديد قيمتها، لا سيما تخفيضها.
كما أن الصين تملك عدة أدوات أخرى للضغط والرد وعلى الإجراءات الأمريكية، بعيدا عن التدخل فى سعر الصرف، وخلق ضغوط جديدة على الاقتصاد الصينى بارتفاع التضخم، فالصين مثلا هى أكبر حائز لسندات الخزانة الأمريكية بنحو 1.2 تريليون دولار، ويمكنها بسهولة أن تتخلى عن هذه السندات أو جزء منها، وهو ما سيؤدى لتراجع حاد فى سعر الدولار وسيمارس ضغوطا قوية على الحكومة الأمريكية.
وبالنسبة لمصر، فرغم أنها يمكن أن تكون رابحة من أى حرب تجارية بين الصين وأمريكا، إلا أن هذا الإجراء بالذات (تخفيض قيمة اليوان)، لو تم تنفيذه، سيكون له تأثير سلبى على السوق المصرى، لأنه سيؤدى إلى رخص المنتجات الصينية بشكل كبير فى السوق المصرى، وبالتالى سيقبل عليها المستهلكون، ويتركون المنتجات المصرية لارتفاع سعرها، ومن ثم تحدث عمليات إغراق كبيرة للسوق، مما يمكن أن يتعرض معه عدد من المصانع المصرية للتوقف أو على الأقل الخسارة الكبيرة.
لكن الشيء الجيد في الموضوع، هو أن القرار مازال تحت الدراسة، ولا أعتقد أن تلجأ إليه الصين مرة أخرى، خوفا من الضغوط الدولية، من جانب ولتجنب حدوث أزمة داخلية من ارتفاع التضخم، من جانب آخر، لو اتخذ مثل هذا القرار.
وأعتقد أن اتجاه الصين نحو التخلى عن جزء من حيازاتها من السندات الأمريكية سيكون هو الأفضل والقابل للتنفيذ بسرعة وقوة وله أيضا تأثير قوى، إذا ما قررت الصين بالفعل الدخول فى الحرب التجارية مع أمريكا بشكل أوسع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة