سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 20 مايو 1960.. «السلام الجمهورى الجديد» والله زمان يا سلاحى يعزف لأول مرة رسميا فى وداع الزعيم الهندى نهرو

الإثنين، 20 مايو 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 20 مايو 1960.. «السلام الجمهورى الجديد» والله زمان يا سلاحى يعزف لأول مرة رسميا فى وداع الزعيم الهندى نهرو عبد الناصر ونهرو

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عزفت فرقة موسيقى الحرس الجمهورى النشيد الوطنى فى وداع رئيس وزراء الهند «نهرو» يوم 20 مايو «مثل هذا اليوم» عام 1960، بعد انتهاء زيارته لمصر، وحسب جريدة الأهرام يوم 22 مايو 1960: «السلام الجمهورى الجديد يعزف لأول مرة رسميا لنهرو، وبذلك يكون البانديت نهرو أول ضيف من ضيوف الجمهورية العربية المتحدة» مصر وسوريا يعزف له السلام الجديد، ويستغرق 55 ثانية.
 
كان نشيد «والله زمان يا سلاحى/ اشتقت لك فى كفاحى» هو السلام الجمهورى الجديد، وكان الطريق لاختياره نشيدا وطنيا رسميا لمصر يحمل أسرارا كثيرة منذ أن كتبه الشاعر صلاح جاهين، ولحنه الموسيقار كمال الطويل، وقدمته كوكب الشرق أم كلثوم، أثناء العدوان الثلاثى ضد مصر «بريطانيا وفرنسا وإسرائيل» وبدأت غاراته يوم 29 أكتوبر 1956.
 
روى لى كمال الطويل قصته فى شهادته بكتابى «أم كلثوم وحكام مصر»..كان لقائى به لأكثر من ثلاث ساعات فى مسكنه بالزمالك عام 1997..يحكى: «كان العدوان الثلاثى يواصل هجماته البربرية على مصر، والنار تشتعل بداخلى.. كنت فى حيرة، ماذا أعمل فى هذه الظروف العصيبة؟.. أخى فى الجبهة بيحارب، وأنا فى البيت.. اتصلت بصلاح جاهين وأنا أعتبره «جبرتى الثورة».. قلت له: «يا صلاح أنا فى دماغى مزيكة هأقولك شكلها».. كانت مزيكة شكلها حماسى وهى مقدمة «والله زمان ياسلاحى».. رد صلاح: «اقفل التليفون يا كمال».. وبعد فترة قليلة اتصل بى: اسمع يا كمال: «والله زمان يا سلاحى/ اشتقت لك فى كفاحى/ انطق وقول أنا صاحى/ يا حرب والله زمان».
 
يضيف الطويل: «اتصلت بى أم كلثوم فى نفس الوقت.. كان حالها زى حالى.. سألتنى: إنت بتعمل إيه؟.. قرأت لها كلمات جاهين، فطلبت منى الذهاب إلى فيلتها بالزمالك فورا، وهناك وجدت عازف الكمان أحمد الحفناوى، وعازف القانون عبده صالح، وعازف الإيقاع إبراهيم عفيفى.. أذكر وقتها أن الصافرات أنذرت بغارة جوية، وجلسنا جميعا على ضوء الشموع فى الدور العلوى.. فوجئت بها تخرج إلى البلكونة، جريت وراءها مسرعا.. قلت لها: «ادخلى يا ست بدل ما شظية تصيبك».. ردت: «شظية إيه ياكمال.. دا أنا نفسى أمسك طيارتهم أفعصها بصوابعى».
 
يذكر صلاح جاهين القصة بتفاصيل أخرى قائلا فى مجلة الكواكب «17 مايو 1960»: «فى الأيام الأولى للعدوان الإجرامى، أحسست بغليان يصهر نفسى، ثم تحول هذا الغليان إلى بخار زفرته، فكان مطلع نشيد حماسى، حملته إلى كمال الطويل، ولكن كمال بعد أن قرأه، هز كتفه وقال لى: «لا يا صلاح.. أنا عايز كلمات تتفق مع اللحن اللى عملته إمبارح»، ثم قام إلى البيانو وأسمعنى لحنا أحسست أنه معركة عنيفة، واتفقنا على مضمون الكلمات، وجلست أكتب المطلع، ولكنى فوجئت باستدعائى لتغيير غلاف المجلة بغلاف آخر يتناسب مع الأحداث الجارية، فأسرعت إلى المجلة، وغيرت الغلاف، وتركت وضع الألوان لأحد الزملاء، وعدت مسرعا إلى كمال، ومعى مطلع النشيد، فلما قرأته عليه تناوله منى وأسرع إلى التليفون، وسمعته يتحدث إلى سيدة، وفهمت من الحديث أنه يكلم أم كلثوم، فذهلت، واشتدت دهشتى عندما علمت أن الفنانة الكبيرة أعجبت بالمطلع، إذ لم أكن أتصور أن هذه السيدة الذواقة للأدب والفن سترضى عن كلماتى وستغنيها».
 
يضيف «جاهين»: «فى الجو الرهيب القاتم الذى كانت تعيش فيه القاهرة.. بين الظلام، ودوى القنابل والمدافع، أتممت كلمات النشيد، وتوليت قراءته للسيدة أم كلثوم.. وفى نفس هذا الجو لحن كمال النشيد، كان يأخذ ما أنظمه أولا بأول، ليلحنه أولا بأول، وفرغنا من مهمتنا فى الحادية عشرة مساء.. وفى اليوم التالى قمنا كلنا، السيدة أم كلثوم وكمال الطويل وسيد إسماعيل وأنا، قمنا بغناء النشيد، وكانت السيدة أم كلثوم برغم دوى القنابل شجاعة جدا ومرحة جدا، بل كانت هى التى تخفف عنا رهبة الموقف، وعندما أذيع النشيد لأول مرة أحسست بأننى فعلت شيئا، وأننى اشتركت فى المعركة، ولكنى لم أجرح فيها».
 
«غنت أم كلثوم النشيد بإحساس فاق تخيلى»، وفقا لتأكيد الطويل لى مضيفا: «طلبوا مننا التسجيل فى استوديو مصر، لأن الإذاعة مستهدفة، لكن أم كلثوم رفضت وقالت فى حسم: «أموت فى الإذاعة أحسن ما حد يقول إن أم كلثوم هربت».. يضيف الطويل: «كان اللحن نوعية جديدة أقدمها كملحن شاب.. تخيلت أم كلثوم وهى تعبر عن الجندى المصرى، والمفروض أن الإيقاع المناسب هو إيقاع «2/4 » المعبر عن الحماس أثناء نقل الجنود لخطواتهم، غير أنى وضعت اللحن بإيقاع ثلاثى، لدرجة أخافت أم كلثوم فى البداية وسألتنى: أنا أعرف أقول ده يا كمال؟.. قلت: تقولى طبعا.. وبعد انتهاء التسجيل لا أنسى تعليقها: «أنت أرهقتنى قوى ياكمال».
 
هكذا ولد «والله زمان يا سلاحى» فنيا، أما اختياره نشيدا وطنيا، فبدأ الطريق إليه بالإعلان عن مسابقة له، ويرصد هذه المسألة الدكتور محمد رفعت عبد العزيز فى كتابه «النشيد الوطنى المصرى» دراسة تاريخية»، مشيرا إلى أن جريدة الأخبار أعلنت فى عددها يوم 17 نوفمبر 1958 عن مسابقة لتأليف موسيقى للسلام الوطنى للجمهورية العربية المتحدة، وتقدم للمسابقة 170 مقطوعة، وفى النهاية اختارت لجنة التحكيم «والله زمان ياسلاحي» وأعلنت جريدة الأخبار الخبر يوم 6 مايو 1960.  






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة