يلتف المريدون من أبناء الصوفية حول السيد أحمد بن مصطفى بن أحمد الإدريسى، وشهرته "السيد الإدريسى" رئيس الرابطة العالمية للأشراف الأدارسة، وينتهى نسبه إلى الإمام على بن أبى طالب زوج السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله.
وتعد "الساحة الإدريسية" فى مدينة دراو بمحافظة أسوان، أحد أكبر وأقدم ساحات الصوفية فى الصعيد، وتستقبل عشرات المريدين يومياً بالإضافة إلى المئات الذين يحرصون على المشاركة فى احتفالات الصوفية بالمناسبات الدينية والليالى المختلفة التى تجمع الناس ومشاهير مشايخ الصوفية وعلماء الدين والأزهر الشريف بجانب بعض الشخصيات الشهيرة فى المجتمع المصرى.
"اليوم السابع" انتقل إلى الساحة الإدريسية للأشراف الأدارسة بمدينة دراو بمحافظة أسوان، لرصد اليوم الرمضانى فى هذه الساحة التى لا يتوقف الناس عن زيارتها والمشاركة فى احتفالاتها وأوردتها اليومية، بجانب المشاركة فى الإفطار والسحور والمبيت بغرف الضيافة داخلها.
وحول وصف المكان، تقع الساحة الإدريسية وسط مدينة دراو ولها عدة أبواب لاستقبال الضيوف وأبرزها الباب الحديدى الأكبر الذى يتسع لدخول السيارات، وتنقسم الساحة لعدة أجزاء، منها جزء مخصص للصلاة ويعلوه سقف يحمى المصلين خلال النهار من أشعة الشمس، بينما يوجد بالساحة جزء آخر لمقامين أحدهما للسيد مصطفى الإدريسى وزوجته الحاجة فاطمة الشريفة، والدا السيد الإدريسى، ودفنا فى هذا المكان لأن منزلهما جزء ملاصق للساحة، ويوجد أيضاً بالساحة مكان مجهز لاستقبال الضيوف مزود بعدد من الأسرة على أعلى مستوى، وهناك جزء آخر للسيدات اللاتى يحرصن على صلاة التراويح ويفصل بينه وبين الرجال بساتر قماش وعروق خشبية.
والذى يدخل الساحة يشاهد الأنوار المختلفة المعلقة وزينة رمضان، وصور الأشراف الأدارسة ولافتات التوحيد وحب النبى وآل بيته الكرام، وصور الصالحين والأشراف من نسبه الشريف عليه الصلاة والسلام، ويزداد اللون الأخضر كلما تطرق النظر فى أرجاء المكان، ويجلس الحريصون على التلذذ بالنفحات وزيارة المكان فى ساحة الصلاة يتلون القران ويتدارسون أمور الدين فى انتظار موعد الإفطار، وينهض المؤذن ليكبر بصلاة المغرب ويفطر الصائمون الذين يزيد عددهم عن 100 شخص يومي، وألف شخص فى الأيام المتعلقة بالمناسبات.
قال ضياء الدين السيد محمود، 43 سنة، من أحباب الأشراف الأدارسة، أن الساحة الإدريسية هى مكان تجمع الأحباب فى الطريقة الأحمدية الإدريسية، ويعود تاريخ تأسيس الساحة لأكثر من مائتى سنة على الراجح، عندما أسسها السيد محمد الشريف، جد السيد الإدريسى، عندما حضر إلى هذا المكان قادماً من السودان، ولا تقتصر الساحة دورها على استقبال المصلين أو الذاكرين فقط، ولكنه كان شاهداً على فض المنازعات والصلح بين القبائل المتخاصمة بجانب إقامة الاحتفالات الدينية للمسلمين، مشيراً إلى أن كل الموجودين بالساحة يقدمون الخدمات للمريدين تطوعاً وحباً فى الأشراف الذى حوى آل بيت النبى، مشيراً إلى أن الساحة استقبلت العديد من مشايخ الأزهر الشريف وعلماء الدين البارزين فى مصر، علاوة على المشاهير من الفنانين ورموز المجتمع المصرى الذين كانوا حريصين على زيارة المكان والتقرب إلى آل البيت.
وفى مكان داخل الساحة، يقف العم أحمد محمد، البالغ من العمر 53 سنة، ليساهم فى إعداد الأطعمة والمشروبات لإفطار الصائمين من ضيوف الساحة، وتحدث لـ"اليوم السابع" عن دوره فى الساحة قائلاً: أتيت إلى الساحة الإدريسية فى دراو منذ فترة حباً فى الأشراف الذين ينتهى نسبهم الطاهر إلى سيدنا النبى، ووهبت وقتى فى خدمة ضيوفهم من كل مكان"، وعلق قائلاً: "تعلقت بحب آل البيت عندما رأيت رؤيا فى المنام تتكرر معى، وهى أنى برفقة أبناء الإمام على".
وتابع عم أحمد، بأنه يقف فى المطبخ بجوار "المحبين" للمساهمة فى إعداد الطعام والشراب للصائمين المترددين على الساحة، وفى المطبخ توجد الأوانى الكبيرة التى تحوى كميات أكبر من الطعام لطهيها لأكبر عدد من الناس، وكذلك فى إعداد المشروبات، مشيراً إلى سعادته البالغة فى المشاركة بهذا العمل الخيرى يومياً، ومدى الشعور بالرضا الذى يغمره وهو يقف بين المريدين ويمسك فى يديه إناء الماء يقدم الشراب خلال الإفطار وأثناء جلسات الذكر والمدائح والإنشاد الدينى "على حد قوله".
يرفع أحد الشيوخ آذان صلاة العشاء حسب التوقيت المحلى لمحافظة أسوان، ويسهب المؤذن عقب الفراغ من الآذان فى الصلاة على النبى، ثم يؤدى الناس الصلاة الفريضة وعقبها صلاة التراويح وركعات الشفع والوتر فى جماعة والتى يتخللها التضرع بالدعاء وطلب المغفرة من الله، ثم يجلس الناس فى شكل دائرة أو حلقة يتوارد فيها الناس ذكر الله والصلاة على النبى بالصيغ المختلفة، فيما يسمى بـ"الورد" أو "الراتب" ويتكرر ذلك يومياً، ثم تبدأ "الحضرة" والإنشاد بحب النبى وآل البيت.
أحمد مصطفى أحمد، شاب يبلغ من العمر 23 سنة، من أبناء مركز كوم أمبو، يحكى لـ"اليوم السابع" قصته مع الساحة قائلاً: "اعتدت أن أتردد على هذا المكان منذ طفولتى برفقة والدى الذى كان حريصاً أيضاً على لقاء المحبين فى هذا المكان"، مضيفاً بأنه يساهم أيضاً فى مساعدة المترددين على الساحة وخدمة ضيوف الأشراف الأدارسة، وحباً فى آل بيت الرسول وهذا الحب هو ما توارثوه من آبائهم وأجدادهم، مؤكداً أنه سيحرص على غرس هذا الحب فى أبنائه، لافتاً إلى أن جميع المجتمعين فى هذا المكان يجمعهم روح واحدة يلتقون على الحب والإخاء سواء فى نفس المكان أو خارجه، ويحاولون حل المشاكل بمشاركة بعضهم البعض.
وبينما الناس مجتمعة للصلاة والذكر، يخرج عليهم السيد الإدريسى بجلبابه الأخضر والعمامة البيضاء والشال الأبيض الذى يغطى كتفه، فيسارع عدد كبير منهم فى السلام عليه وتقبيل الخاتم الذى فى يديه ويسألونه الدعاء ويقدمونه الصفوف الأولى ويجلس وسط مريديه، ويؤكد السيد الإدريسى لـ"اليوم السابع"، أن التصوف هو الفطرة الطبيعية للمسلمين، لأنه المألوف بين الناس، غير أنه لا يوجد فى الأساس ما يسمى بالطرق الصوفية أو الطقوس الصوفية لأن التصوف ليس له مذهبية أو طقوس مختلفة، ولكن التصوف هو سلوك وآداب ومحبة الناس أجمعين بلا تفريق مذهبى أو عرقى أو دينى لأن الجميع مخلوقات الله.
وأوضح رئيس الرابطة العالمية للأشراف الأدارسة، بأن المنهجيات الأخرى تأخذ نصوص وتطبقها فى غير محلها، ومع ذلك فإن المتشددين بين المصريين لا يتعدون نسبة الـ10 %، مشيراً إلى أن التصوف يبرز المحبة للأمة الإسلامية لذلك تجد أن مشايخ الأزهر الشريف معظمهم متصوفون على مدار التاريخ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة