ها قد اقتربنا الان من العشر الأواخر من رمضان ، تلك الأيام المباركة التى وصفها الحبيب المصطفى بأنها أيام العتق من النار وذلك فى قوله ((شهر رمضان أوَّله رحمة، وأوسَطه مغفرة، وآخِره عتق من النار)) .
فهنيئاً لكل من ادرك هذا الشهر وعاش تلك الايام العظيمة المباركة واغتنم ما بها من فرصة للاغتراف من نفحات هذه الايام المباركة وهنيئاً لمن استطاع أن يستثمرها الاستثمارا الأمثل و كما ينبغى أن يكون فمن فوائد شهر رمضان بصفة عامة أن الله عز وجل يغلق فيه أبواب النار ويفتح فيه أبواب الجنة وقد وصف ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فى قوله: ( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ ، وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ ) فاذا كان هذا هو فضل شهر رمضان بالكامل فما بالنا بفضل الليالى العشر الاواخر من رمضان فالثابت أن الخالق جل شأنه قد ميزها بما جعلها أفضل أيام السنة على الإطلاق.
لذا فكيف لا تكون تلك العشر الاواخر من رمضان على هذا النحو من الاهمية وفيها ليلة خير من ألف شهر واعنى بها "ليلة القدر" وعلينا ان نفعل كما كان يفعل الحبيب المصطفى في العشر الأواخر من رمضان .. علينا أن نتحرى تلك الليلة وأن نقوم بالليل والاكثار من قراءة القرآن والدعاء من القلب ونحن على يقين من ان الله سوف يتقبل منا هذا الدعاء وذلك تصديقاً لقول الحبيب المصطفى ( ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ )
يحب ان نعيش اجواء مظاهر الابتهالات الإيمانية ليصبح كل منا قلبه وعقله معلقاً بحب الله عز وجل وهو ما يطهر القلوب وينقى الروح ويجعلنا نتعلق بطاعة الله .
و ليلة القدر هي ليلة عظيمة مباركة قد ميزها الله تعالى وأعلى من شأنها عن سائر ايام العام حيث أُنزل فيها القرآن الكريم وذلك كما جاء فى قوله جل شأنه: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ () وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ () لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) وفى نفس السياق قال عنها الحبيب صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) فهي ليلة مليئة بكل معانى الحب والسلام.
وطالما نحن نعيش تلك الأيام المباركة ليتنا نرتشف من رحيق روحانيات العشرة الأواخر من رمضان وليتنا ننقى قلوبنا من كافة مظاهر الحقد والكراهية وان نشيع بيننا الحب كما يجب ان يكون وان نبتعد عن القيل والقال وعن اطلاق الشائعات التى افسدت العلاقات بين الناس بل جعلت افراد الأسرة الواحدة يعيشون وكأنهم فى جزر منعزلة .. مما يدعونى للقول بأننا ليتنا ننتهز فرصة الدخول فى العشر الأواخر من رمضان بإصلاح ما افسده الزمن وان نزين حياتنا بحب الله وان نعيد إحياء العادات والتقاليد النبيلة التى كانت من قبل سبباً فى تقريب الناس بين بعضهم البعض فهذه فرصة لن تتكرر سوى مرة من العام للعام .
نعم علينا أن نجتهد في هذه الأيام المباركة ونلتزم بالطاعات والعبادات حتى يخرج كل منا من شهر رمضان وهو مغفور الذنب بعد الصيام والقيام والطاعات .. فهنيئاً لمن عمل صالحاً في تلك الأيام واستطاع أن ينال الثواب العظيم الذى وعدنا به الخالق جل شأنه.