لم تعد الحرب هى حرب سلاح ومعدات، كما كانت تفعل الدول الكبرى قبل ذلك، للسيطرة على ثروات الدول الصغرى خاصة منطقة الشرق الأوسط التى تعتبرها الدول بـ"التورتة" التى تسعى كل دولة فى السيطرة على أكبر جزء منها، خاصة بعدما فشلت الحروب بالسلاح التى كبدت الدول الكبرى خسائر كبرى.
ويطلق على الحرب الاقتصادية الحرب الباردة، التى أصبحت بديلاً للحرب الحقيقية فى ميادين القتال، ومن المتوقع أن تكون تلك الحرب الباردة هى أحد أسباب عدم قيام حرب عالمية ثالثة، والاكتفاء بالحروب الإقليمية فى الشرق الأوسط وأفريقيا، وفى منطقة البلقان وشرق آسيا، وفى الصراع العربى الإسرائيلى على الحافة الغربية من تلك القارة الكبرى.
وعندما وضعت الحرب الباردة أوزارها نسبياً، واتجه العالم إلى حالة من التوافق والتهدئة والتقارب بين الشرق والغرب على نحو انتهى بسقوط الاتحاد السوفييتى، وتهاوى منظومة الدول الشيوعية، أصبحنا نرى أننا أمام عالم مختلف، وخريطة سياسية جديدة يحتدم فيها الصراع حول الجانب الاقتصادى، وتحت غطاء ثقافى، يستخدم موضوع اختلاف الهوية كبديل لما يمكن أن يؤدى إليه الطريق إلى المستقبل.
ولم تعد الحرب الاقتصادية قاصرة فقط على الشرق الأوسط ودول الخليج فقط، بل شملت الدول الكبرى بينها، فالحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين بدأت مع دخول تطبيق الرسوم الجمركية التى فرضتها واشنطن على البضائع الصينية حيز التنفيذ، وهو ما قابلتها وزارة الخارجية الصينية بإجراءات مماثلة بفرض رسوم جمركية على البضائع الأمريكية، واعتبرت أنها مضطرة لاتخاذ تلك الإجراءات.
هذه الحرب التى مر على تطبيقها فترة كبيرة أثرت بشكل كبير على حركة التجارة العالمية من اضطرابات وتباطؤ متزايد، بسبب الحرب التجارية التى اندلعت منذ هذه الفترة بين العملاقين الاقتصاديين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
ولا شك أن الحرب الاقتصادية على تركيا والعقوبات التى فرضتها أمريكا على تركيا بعد الخلافات الأخيرة ساهمت بشكل كبير فى إضعاف الليرة التركية، وإن إحدى نتائج انخفاض قيمة الليرة هى زيادة دَين الدولة والشركات الخاصة التركية، كما أن هذه الشركات سوف تقلل من عدد عامليها لتعويض ديونها، ما يزيد من نسبة البطالة، ووفقاً لتقارير اقتصادية أكدت أن نحو 50% من الشركات الألمانية غادرت تركيا خلال العام الماضى، ومن المحتمل أن تغادر الشركات الأوروبية والكورية والأمريكية السوق التركية.
ولعل الحرب الاقتصادية بين البلدان الكبرى، تدفع ثمنها الدول الصغرى، خاصة دول الشرق الأوسط والخليج التى تتصارع الدول الكبرى للاستيلاء على ثرواتها سواء المتعلقة بالبترول أو الحصول على مليارات الجنيهات منها مقابل الحماية، وهو ما يسعى إليه ترامب رئيس أمريكا فى الوقت الحالى، خاصة بعد أن فشلت داعش يد أمريكا فى تدمير هذه الدول.
وما تشهده مصر فى الفترة الحالية من مشروعات كبرى يتم تنفيذها تساهم بشكل كبير فى دعم الاقتصاد المصرى والوصول به لمصاف اقتصادات الدول المتقدمة، وهذا ما أدركه جيدا السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى وتنبأ به مبكرا، فمنذ توليه رئاسة البلاد وهو يسعى جاهدا لتنمية الاقتصاد من خلال مشروعات كبرى فى كل المجالات الاقتصادية وإنشاء بنية تحتية تساهم بشكل كبير فى دعم الاقتصاد المصرى والوقوف بشدة ضد أجندة الدول الكبرى التى تسعى لتنفيذها داخل دول المنطقة من خلال السيطرة على اقتصادات الدول النامية من خلال الحرب الاقتصادية بدلا من دخول هذه الدول بالحروب التقليدية وتكبيدها تكلفة باهظة كما حدث فى غزو العراق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة