تمر اليوم الذكرى الـ137، على قرار إبعاد الزعيم الراحل أحمد عرابى عن مصر، بناء على قرار اتخذه الخديو توفيق تنفيذا لمطالب إنجلترا وفرنسا، وهو القرار الذى قوبل بالرفض والاحتجاج من قبل رئيس الحكومة وقتها محمود سامى البارودى.
ويبدو الخلاف بين الخديو وعرابى واضحا للجميع، بسبب رفض عرابى التدخل الاجنبى فى مصر، وهو ما تحقق بقوة مع مجىء الخديو توفيق، لكن هناك خلافا من نوع آخر، دار فى النفوس، وتسبب فى إظهار عداوة كبيرة بين الرجلين.
الخلاف هو اعتقاد الخديو توفيق، برغبة أحمد عرابى وتآمره ضد من أجل إبعاده عن الحكم، وهو ما يظهر فى مذكرات الزعيم أحمد عرابى، دراسة وتحقيق الدكتور عبد المنعم إبراهيم الجميعى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، حيث يكشف أنه بعد أن تولى الخديو توفيق الحكم، تجدد آمال البرنس حليم فى عرش مصر، حيث كان يعتقد الأخير بأنه أكثر كفاءة من توفيق فى تولى المنصب، ومن هنا بدأ الصراع بينهما، ويتجدد صراع حليم مع توفيق، كما تصارع مع والده إسماعيل من أجل الحكم أيضا.
ووفقا لما يذكره موقع "الملك فاروق الأول" فأن البرنس حليم ابن محمد علي، وعم إسماعيل هو الأحق بولاية العرش طبقاً للفرمان الأول، فقد احتدم الصراع بينه وبين إسماعيل مما جعل الخديو يضيق عليه الخناق ، ويطالبه بمغادرة مصر، ولما رفض طلبه اتهمه بالتآمر ضده، وأصدر أمراً بإبعاده عن الديار المصرية، كما أجبره علي بيع جميع أملاكه له ، وألا تطأ قدمه أرض وادي النيل، ونتيجة لذلك غادر البرنس حليم مصر إلى الآستانة، وبعد عزل إسماعيل في عام 1879 رغب السلطان العثماني فى إعادة نظام الوراثة الأول وتولية البرنس حليم، ولكن إنجلترا وقفت له بالمرصاد وطالبته باتباع فرمان عام 1866.
وبالعودة إلى مذكرات الزعيم الراحل أحمد عرابى "سالفة الذكر" أنه عندما قام العرابيوان بثورتهم، حاول البرنس حليم استغلال احداثها للوصول لعرش مصر، لجند بعض اتباعه امثال "حسن موسى العقاد، عبد السلام المويلحى" للاتصال بالعرابيين، وترويج أفكاره، وإظهار احقيته بعرش مصر من توفيق، فاتصل بعرابى وأرسل له صورته وعليه خطه، وحاول توثيق صلاته معه.
كما حاول عن طريق حسن موسى العقاد، جمع التوقيعات من الأهالى بعزل توفيق، وإعلان رغبتهم فى إحلال حليم مكانه، وإلى جانب ذلك فقد حاولت الأميرة زينب هانم، شقيقة الأمير حليم، الاتصال بالعرابيين عن طريق وكيل دائرتها عثمان باشا فوزى، حتى يمكن اقناعهم بالعمل على تعيين حليم خديويا على مصر، بدلا من توفيق، وقدمت الأموال الوافرة لدفعها لكبار رجالات العرابيين، حتى يكونوا مع حليم باشا، لدرجة أن بلغ الأمر بان تبنى الشيخ محمد عليش مفتى السادة المالكية الدعوة إلى تعيين حليم باشا خديويا على مصر بدلا من توفيق.
ونتيجة لتداول الشائعات ضد الخديو توفيق فى مصر، ابلغ الخديو قناصل الدول بالموقف، وأوضح لهم أن اخبارا وصلته تبين أن العرابيين ينوون عزله، وإعلان حليم باشا خديويا على مصر، كما أرسل الخديو تلغرافا إلى الاستانة يعبر عن استيائه من هذه الشائعات.
ويوضح الكتاب أن عرابى على الرغم على من كونه لم يكن المنتمين إلى مجموعة حليم، فأنه لم يكن يعارضها، خاصة بعد أن أظهر الخديو توفيق انحيازه للإنجليز لذلك تمت الاتصالات بين العرابيين وحليم.
وسارت الأمور، حتى وصلت أساطيل انجلترا وفرنسا الحربية إلى الإسكندرية، وتقدموا بمذكرة مشتركة فى 25 مايو 1882، تطلبان اسقاط وزارة البارودى، وإبعاد عرابى عن مصر، وتحديد إقامة على فهمى، وعبد العال حلمى فى الريف.
ورفضت وزارة البارودى المذكرة، كما رفضتها الامة، وتقدمت الحكومة باستقالتها، وقبلها توفيق، وطلب توفيق من النظار قبول ذلك، لكن رجال حامية الإسكندرية ارسالو انذارا مدته 12 ساعة، يتضمن ضرورة عودة عرابى إلى نظارة الجهادية، وإلا فأنهم لن يكونوا مسئولين عما يحدث، فصدر أمر الخديو بعودة عرابى ناظرا للجهادية، وطالبه بإجراء انتظام فى الاحوال العسكرية لكفالة الأمن العمومى.