لكل عصر رجاله، ولكل بطريرك فريقه من الأساقفة المخلصين، مثلما كان الثلاثى الأنبا بيشوى والأنبا أرميا والأنبا يؤانس من علامات عصر البابا شنودة، فإن الأنبا دانيال والأنبا يوليوس والأنبا بافلى من علامات عصر البابا تواضروس.
لم يكن الأنبا دانيال الذى كان يخدم كأسقف عام بالقاهرة يحلم بأكثر من تجليسه على إيبراشية المعادى ليصبح أسقفًا للحى القاهرى الراقى، إلا أن عصر البابا تواضروس حمل له الكثير بعد أن نال ثقة البطريرك فى كافة الملفات التى أوكلت له بداية من ملف الأحوال الشخصية الصداع المزمن فى رأس الكنيسة حتى سكرتارية المجمع المقدس المنصب الكنسى الرفيع.
الأنبا دانيال الذى تخرج فى كلية الطب عام ١٩٧٥ ككثير من الأساقفة، عُرف بصرامته وحزمه، فمن الصعب أن ترى الأنبا دانيال مبتسمًا إذ يلعب بشخصيته تلك دور اليد الحديدية للبابا وهى الصفات التى دفعت البطريرك لتكليفه بملف الأحوال الشخصية عام ٢٠١٥ فى أعقاب مظاهرات تسببت فى قطع عظة البابا بالكاتدرائية جرى بعدها نقل المجلس الإكليريكى من مقره بكنيسة العباسية إلى مقر الانبا دانيال بالمعادى إيمانًا بقدرته على التعامل مع تلك القضية الحساسة والخطيرة بعد أن فشلت إدارة الانبا بولا فى التعامل معها طوال ٤٠ سنة حتى صار هدفًا لتظاهرات المتضررين تندد بسياساته وترفع صورته.
تمكن الانبا دانيال من تطبيق اللائحة الجديدة، وساهم بإدارته للمجلس الإكليريكى بالقاهرة فى حل الكثير من القضايا العالقة لمتضررى الأحوال الشخصية فهو لا يحب التسويف وإدارته لا تعرف إلا الحسم.
فى أعقاب تلك الفترة، بدأ البابا تواضروس فى الاستعانة بالانبا دانيال كنائب باباوى يحل محله فى الكاتدرائية فى حال سفر البطريرك إلى الخارج، وقد ظهر الانبا دانيال بديلًا للبابا تواضروس فى عدة مناسبات كان أبرزها استقباله لوزير الخارجية الأمريكى بومبيو بكنيسة العاصمة الإدارية منذ شهور يشرح للوزير وزوجته معالم الكاتدرائية الجديدة.
الأنبا دانيال الذى ولد باسم جمال جوارجى فى السادس من يوليو ١٩٤٨ بحى شبرا، كان على موعد مع ترقية جديدة أدخرها له البطريرك، ففى مايو الماضى جرت انتخابات التجديد على مقعد سكرتير المجمع المقدس وكذلك فى عضوية بعض اللجان إذ كان الأنبا رافائيل الذى حل أولًا فى الانتخابات الباباوية منافسًا للبابا تواضروس يشغل المنصب طوال السنوات الفائتة.
لم يكن اختيار الأنبا رافائيل كسكرتير للمجمع المقدس إلا محاولة لكسب ود الرجل الذى تغلب على البابا فى الانتخابات الباباوية، فالاسقف الذى يخدم فى أسقفية الشباب لا يمكن أن يحتسب ضمن فريق البابا تواضروس وتياره بالكنيسة، وإزاء استقرار الأوضاع رأى البطريرك تصعيد ذراعه اليمنى وقد تم انتخاب الأنبا دانيال سكرتيرًا للمجمع.
رغم أن تلك المناصب تدار بالانتخاب، إلا أن رغبة البطريرك تظهر جلية فى كل مرة يتم فيها انتخاب سكرتير للمجمع المقدس مثلما كان الحال طوال سنوات عصر البابا شنودة حين كان المنصب حكرًا على الانبا بيشوى مطران كفر الشيخ الراحل.
الانبا دانيال الذى كان راهبًا بدير السريان بوادى النطرون، يلعب أيضًا دور المبعوث الباباوى فى حل كافة القضايا الكنسية المعقدة، فهو الذى ترأس اللجان الكنسية التى تفاوضت مع يعقوب المقارى الراهب الذى أسس دير الانبا كاراس بوادى النطرون وذلك فى محاولة لإعادته للكنيسة بعد أن رفض تسجيل الدير باسم البابا البطريرك بصفته، إلا أن تلك المفاوضات انتهت بشلح يعقوب عن رهبانيته بعد عناده وإصراره على موقفه.
كذلك فإن توقيع الأنبا دانيال ظهر على مستند كنسى خطير وهو قرار توقيع العقوبة على إشعياء المقارى المتهم بقتل الانبا ابيفانيوس، وذلك أثناء خلافه مع الأسقف المغدور بسبب مخالفاته الرهبانية.
يتمتع الأنبا دانيال بمكانة كنسية لا ينازعه فيها أحد فى الكنيسة كلها، فهو الذى حظى وحده بأرفع منصبين كنسيين فى عصر البابا تواضروس، النائب الباباوى وسكرتير المجمع المقدس ليصبح أسقف المعادى رجل الكنيسة الثانى وذراع البابا الطولى إن حضر أو غاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة