ظاهرة سنوية وعادة ظهرت وترعرعت مع مواقع التواصل الاجتماعى، ومع الفراغ الافتراضى لدى بعض «المستخدمين»، وسكان العالم الافتراضى ليسوا « زى بعضهم» منهم هواة التفاخر ومحترفو الفشخرة، ومن يريد الظهور بأنه عميق ومهموم بقضايا الناس و«صاحب» موقف حاد تجاه ما يحدث فى العالم.
القصة السنوية المملة من كثرة التكرار، يظهر بوست سنوى، عن علبة كحك فى المحل الفلانى بـ6350 جنيه، أو خمستلاف تسعمية وسبعين، مع موشحات المصمصة والشهبشة، « يعنى معجون بمية الدهب، ولا مرشوش ببودرة الماس»، مع تشيير صورة علبة الكحك أم ستلاف.. وكل واحد يفتكس فى اختراع تعليق يؤكد فيه إنه متأسى على الأيام والليالى والاستغلال وأين الرقابة والرئاسة والوزارة، إذ كيف تباع علبة كحك بستلاف وما هذا الاستفزاز و«الاستفحاص»، ولابد من أن يحشر الناس والغلابة والاستغلال إلى آخره.
وهذا البوست يظهر سنويا مثل علبة حلاوة مولد النبى أم تسعتاشر دشليار، والتى ظهرت قبل سنوات، وحظيت بنسبة كبيرة من التعليقات التى تطرطش على مهاميز المرامى. تماما مثل قصة الفواتير والبيض المدحرج والمزفلط والمنعاص، والتى اجتاحت الأجواء فى الجزء الأول من رمضان.
أما المستخدمون والفريندز الذين يشيرون وينشرون صورة علبة الكحك أم «تسعتاشر دشليون يورو»، ومنهم معارف، واحد منهم أو اثنان فقط هم من شيروا الصورة نقلا عن مصدر، أما أغلب من يشيرون الصورة لايعرفون إن كانت حقيقية أم مزيفة، وعلى طريقة «شير فى المتشير».
المعلوم من واقع الحال، أن محلات الكحك منتشرة شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا، وتتفاوت الأسعار حسب الخامات والجودة واسم المحل، والزبون حر، ينتقى المحل والسعر والجودة المناسبة لجيبه، أما المحلات أم «تسعميت خمستلاف» للعلبة، فهى قليلة ومخصصة لزبائن محددين لسنا منهم، ولا يفترض أن ينشغل بهم العاقل البالغ الرشيد، فهى محلات تقدم سلعة لزبون يريد أن يشعر بالتميز، وأنه يختلف عن عموم الناس، ربما يكون هذا رغبة فى الفشخرة أو التميز أو أى سبب آخر، ومن حكم فى ماله ما ظلم واللى معاه قرش محيره يجيب حمام ويطيره».
هذا عن الزبون الذى يشترى هذا الكحك أو أى من المنتجات ذات «البراند»، وفى المقابل فإن ملايين من الناس تشترى كل حسب مقدرته وإمكاناته، من دون أن ينظر لغيره، ويستمتع بما صنعت يداه. أما المستخدم الفضولى الذى ينشر سنويا، فهو إما مدع ومتفاخر، يريد الادعاء بأنه يعرف هذه المحلات، أو أنه يريد أن يمارس عكننة افتراضية على خلق الله الغلابة ممن اختاروا الكحك العادى.
فى النهاية كل مواطن حر يشترى ما يريد بالسعر الذى يريده، والرقابة على الأسواق مطلوبة طوال الوقت لمتابعة الجودة والوزن إلى آخره، ومن تستفزه علبة الكحك أم «تسعتاشر دشليون»، يمكنه تجاهلها، والتركيز فيما يناسبه، وألا يظل يتساءل بأسى ليه وازاى ولماذا، ثم إن الافتراضى الشعبى العميق الذى يطالب الجهات المختصة بالتدخل لمواجهة الكحك أبو تسعتلاف هل بعد التدخل سيكون بخمستلاف، وهل هذا مناسب؟ ولا نعرف تدخل مع من، والأولى أن تتفرغ الجهات المعنية بمواجهة المخالفات والإشغالات.
ثم إن هذه المحلات تبيع لزبون معين ربما لا يشعر أمثالنا بأى فرق، أو يراه نوعا من السياحة الكحكية، هكذا مستخدمو العكننة المدحرجة وهم خبراء يمارسون «البيض» مدحرجا ومزفلطا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة