حكايات ألف ليلة وليلة.. حكاية مزين بغداد (5)

الثلاثاء، 28 مايو 2019 05:00 م
حكايات ألف ليلة وليلة.. حكاية مزين بغداد (5) ألف ليلة وليلة
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عرفنا فى الليلة الماضية كيف تسبب مزين بغداد فى فضيحة الشاب الذى ذهب للقاء حبيبته، وذلك بسبب تدخله فيما لا يعنيه.
 
وفى الليلة السادسة والثلاثين قالت: بلغنى أيها الملك السعيد، أن القاضى قال للغلمان: وما الذى فعله سيدكم حتى أقتله وما لى لا أرى هذا المزين بين أيديكم، فقال له المزين: أنت ضربته فى هذه الساعة بالمقارع وأنا أسمع صياحه، فقال القاضي، وما الذى فعله حتى أقتله ومن أدخله دارى ومن أين جاء وإلى أين يقصد، فقال له المزين لا تكن شيخاً نحساً فأنا أعلم الحكاية وسبب دخوله دارك وحقيقة الأمر كله وبنتك تعشقه وهو يعشقها، فعلمت أنه قد دخل دارك وأمرت غلمانك فضربوه والله ما بيننا وبينك إلا الخليفة أو تخرج لنا سيدنا ليأخذه أهله ولا تحوجنى إلى أن أدخل وأخرجه من عندكم وعجل أنت بإخراجه فالتجم القاضى عن الكلام وصار فى غاية الخجل من الناس وقال للمزين: إن كنت صادقاً، فادخل أنت وأخرجه فنهض المزين ودخل الدار، فلما رأيت المزين أردت أن أهرب فلم أجد لى مهرباً غير أنى رأيت فى الطبقة التى أنا فيها صندوقاً فدخلت فيه ورددت الغطاء عليه وقطعت النفس، فدخل بسرعة ولم يلتفت إلى غير الجهة التى أنا فيها بل قصد الموضع الذى أنا فيه والتفت يميناً وشمالاً فلم يجد إلا الصندوق الذى أنا فيه فحمله على رأسه.
 
فلما رأيته فعل ذلك غاب رشدى ثم مر مسرعاً فلما علمت أنه ما يتركنى فتحت الصندوق وخرجت منه بسرعة ورميت نفسى على الأرض فانكسرت رجلي، فلما توجعت إلى الباب وجدت خلقاً كثيراً لم أر فى عمرى مثل هذا الازدحام الذى حصل فى ذلك اليوم فجعلت أنثر الذهب على الناس ليشتغلوا به فاشتغل الناس به وصرت أجرى فى أزقة بغداد وهذا المزين خلفى وأى مكان دخلت فيه يدخل خلفى وهو يقول أرادوا أن يفجعونى فى سيدى الحمد لله الذى نصرنى عليهم، وخلص سيدى من أيديهم فما زلت يا سيدى مولعاً بالعجلة لسوء تدبيرك حتى فعلت بنفسك هذه الأفعال فلولا من الله عليك بى ما كنت خلصت من هذه المصيبة التى وقعت فيها وربما كانوا يرمونك فى مصيبة لا تخلص منها أبداً فاطلب من الله أن أعيش لك حتى أخلصك، والله لقد أهلكتنى بسوء تدبيرك وكنت تريد أن تروح وحدك، ولكن لا نؤاخذك على جهلك لأنك قليل العقل عجول. فقلت له: أما كفاك ما جرى منك حتى تجرى ورائى فى الأسواق وصرت أتمنى الموت لأجل خلاصى منه فلا أجد موتاً ينقذنى منه، فمن شدة الغيظ، فررت ودخلت دكاناً فى وسط السوق واستجرت بصاحبها فمنعه عني، وجلست فى مخزن وقلت فى نفسى ما بقيت أقدر أن أفترق من هذا المزين، بل يقيم عندى ليلاً ونهاراً ولم يبق فى قدرة على النظر إلى وجهه، فأرسلت فى الوقت أحضر الشهود وكتبت وصية لأهلى وجعلت ناظراً عليهم وأمرته أن يبيع الدار والعقارات وأوصيته بالكبار والصغار، وخرجت مسافراً من ذلك الوقت حتى أتخلص من ذلك القدر ثم جئت إلى بلادكم فسكنتها ولى فيها مدة فلما عزمت على وجئت إليكم رأيت هذا القبيح القواد عندكم فى صدر المكان فكيف يستريح قلبى ويطيب مقامى عندكم مع هذا وقد فعل معى هذه الفعال وانكسرت رجلى بسببه ثم أن الشاب امتنع من الجلوس.
 
فلما سمعنا حكايته مع المزين قلنا للمزين: أحق ما قاله هذا الشاب عنك؟ فقال والله أنا فعلت ذلك بمعرفتى ولولا أنى فعلت لهلك وما سبب نجاته إلا أنا ومن فضل الله عليه بسببى أنه أصاب برجله ولم يصب بروحه ولو كنت كثير الكلام ما فعلت معه ذلك الجميل وها أنا أقول لكم حديثاً جرى لى حتى تصدقوا أنى قليل الكلام وما عندى فضول من دون إخوتى وذلك أنى كنت ببغداد فى أيام خلافة أمير المؤمنين المنتصر بالله، وكان يحب الفقراء والمساكين ويجالس العلماء والصالحين، فاتفق له يوماً أنه غضب على عشرة أشخاص فأمر المتولى ببغداد أن يأتيه بهم فى زورق فنظرتهم أنا، فقلت: ما اجتمع هؤلاء إلا لعزومة وأظنهم يقطعون يومهم فى هذا الزورق فى أكل وشرب ولا يكون نديمهم غيرى فقمت ونزلت معهم واختلطت بهم فقعدوا فى الجانب الآخر فجاء لهم أعوان الوالى بالأغلال ووضعوها فى رقابهم وضعوا فى رقبتى غلال من جملتهم فهذا يا جماعة ما هو من مروءتى وقلة كلامى لأنى ما رضيت أن أتكلم فأخذونا جميعاً فى الأغلال وقدمونا بين يدى المنتصر بالله أمير المؤمنين فأمر بضرب رقاب العشرة فضرب السياف رقاب العشرة وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة