صوّت البرلمان النمساوى، يوم الإثنين، بالموافقة على اقتراح سحب الثقة من المستشار سبستيان كورتس، رئيس حزب الشعب "يمين وسط"، ما يعنى عزله من منصبه، فى سابقة تحدث لأول مرة منذ 1945.
يأتى ذلك فى ظل أزمة سياسية عنيفة تمر بها النمسا، بدأت بنشر مقطع فيديو يفضح علاقات فساد لنائب المستشار، كريستيان شتراخه، وانتهت بانهيار الائتلاف الحاكم المكون من حزب الشعب وحزب الحرية "يمين وسط"، والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة، قبل أن يسحب البرلمان الثقة من كورتس.
سيباستيان كورتس
مستشار النمسا يتوقع عزله ويدعو إلى وقف أعمال الانتقام بين الأحزب السياسية
وقال مستشار النمسا سباستيان كورتس، إن البرلمان لديه الكلمة الأولى والأخيرة فى الوضع السياسى للبلاد، مشيرا إلى احترامه وثقته فى قرارات واختيارات النمساويين، خلال الانتخابات البرلمانية المبكرة، والمقرر لها سبتمبر المقبل.
وأضاف كورتس- فى تصريح، ، قبيل تصويت البرلمان على الثقة فى حكومته المؤقتة، أن النمسا تحتاج إلى إجراء مسئول يصب فى إطار المصلحة العامة للبلاد، داعيا إلى التوقف عما أسماه "ألعاب الانتقام بين الأحزاب "، والتى تجىء على حساب البلاد.
وكان المجلس الوطنى النمساوى (البرلمان) قد بدأ، صباح الأثنين، جلسة طارئة، لمناقشة الثقة فى الحكومة المؤقتة فى البلاد، والتى شكلها كورتس مؤخرا، بعد استبعاد وزراء حزب الحرية، والذى تورط فى فضيحة فساد سياسى.
سيباستيان كورتس مستشار النمسا السابق
البرلمان يسحب الثقة من مستشار النمسا
ووافق على سحب الثقة من كورتس الكتل البرلمانية لحزبى الاشتراكى الديمقراطى "يسار وسط"، والحرية، فضلا عن قائمة "الآن" المعارضة "يسار"، وتملك هذه الكتل 110 مقاعد من أصل 183 هى إجمالى مقاعد البرلمان، فيما صوتت كتلتا حزب الشعب والليبراليين بالرفض.
وكان تمرير سحب الثقة فى البرلمان يحتاج لموافقة 92 عضوا، وبذلك، جرى عزل المستشار البالغ من العمر 31 عاما من منصبه بعد أقل من عامين من وصوله للسلطة.
ومنذ عام 1945، شهد البرلمان أكثر من 180 محاولة لسحب الثقة من مستشارى البلاد، لكن لم ينجح فى أى مرة فى تمرير القرار قبل حالة كورتس.
وينتظر أن يعين رئيس البلاد ألكسندر فاندير بيلن حكومة كفاءات غير حزبية لقيادة البلاد، حتى موعد الانتخابات المبكرة المرجح إجراؤها منتصف سبتمبر المقبل، حسب تقارير صحفية.
سيباستيان كورتس المستشار النمساوى
الرئيس النمساوى يعلن عزمه إعفاء كورتس وحكومته وتعيين مستشار مؤقت
أعلن الرئيس النمساوي، ألكسندر فان در بيلين، اليوم الأثنين، عزمه إقالة مستشار البلاد، سيباستيان كورتس، وحكومته، استجابة لقرار حجب الثقة منهما الصادر من برلمان النمسا.
وقال فان در بيلين - فى كلمة له وفقًا لقناة (روسيا اليوم) الإخبارية - إنه سيعفى كورتس وحكومته رسميًا، موضحًا أنه سيعين وزير المالية الحالي، هارتفيج لوجير، مستشارًا نمساويًا مؤقتًا ليقود الحكومة الفيدرالية فى هذه المرحلة، ويمثل بالتالى النمسا فى قمة الاتحاد الأوروبى ببروكسل اليوم الثلاثاء.
وسيتولى لوجير مهمة المستشار حتى اختيار الرئيس النمساوى مرشحًا رسميًا لهذا المنصب الذى سيشغله قبل الانتخابات البرلمانية المبكرة المزمع إجراؤها فى سبتمبر 2019
ألكسندر فان در بيلين رئيس النمسا
وصوت المجلس الوطنى النمساوي، فى وقت سابق، لصالح قرار حجب الثقة عن كورتس وحكومته على خلفية الفضيحة الناجمة عن نشر شريط فيديو قديم ظهر فيه نائبه السابق، هاينتس كريستيان شتراخيه، وهو يتفاوض مع امرأة ناطقة بلغة روسية على منح صفقات عقارية ضخمة فى النمسا مقابل الدعم الإعلامى لحملة حزب الحرية النمساوي، الذى يتزعمه، فى انتخابات 2017.
وإثر هذا القرار، قال كورتس لفان در بيلين إنه مستعد لنقل السلطة بلا عراقيل لحكومة مؤقتة ودعم عملها.
هارتفيج لوجير مستشار النمسا المؤقت
تفاصيل فضيحة الفساد التى أدت إلى سحب الثقة من المستشار النمساوى
والأسبوع الماضى، دعا سبستيان كورتس إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة ينتظر أن يحدد البرلمان موعدها النهائى خلال أيام، وأنهى الائتلاف الحاكم مع حزب الحرية إثر فضيحة الفساد التى طالت نائبه كرسيتان شتراخه.
وفى وقت سابق هذا الشهر، نشرت مجلة دير شبيجل وصحيفة زود دويتشه تسايتونغ الألمانيتان مقطع فيديو يظهر فيه نائب المستشار ورئيس حزب الحرية شتراخه مع سيدة روسية تدعى قرابتها لملياردير روسي، ويبدى استعداده لمساعدة الملياردير الروسى عن طريق إرساء عطاءات حكومية على شركاته، مقابل مساعدته فى حملته الانتخابية للانتخابات التشريعية التى أجريت فى أكتوبر 2017.
ووفق المقطع، فإن اللقاء بين شتراخه والسيدة الروسية حدث فى الـ24 من يوليو 2017 فى جزيرة إبيزا السياحية الإسبانية، ودارت فيه اتفاقات أيضا لاستحواذ الملياردير الروسى على صحيفة كرونه، أكثر الصحف النمساوية انتشارا.
كما عرضت السيدة على شتراخه خلال اللقاء استثمار قريبها، ربع مليار يورو فى النمسا، مشيرة إلى أن هذه الأموال غير شرعية، ورغم إقرارها بعدم شرعية الأموال، استمر نائب مستشار النمسا الحالى فى الحديث معها حول ضخ الأموال فى الاقتصاد النمساوى.
وفجر هذا الفيديو أزمة سياسية عنيفة فى البلاد، أنهت الحياة السياسية لاشتراخه الذى استقال من جميع مناصبه، وقادت البلاد لانتخابات تشريعية بعد عامين فقط من الانتخابات الماضية التى أجريت فى أكتوبر 2017.
سيباستيان كورتس مستشار النمسا
فضيحة "التمويل الروسي" تطيح بوزير الداخلية النمساوي
والأسبوع الماضى، أعلن المستشار النمساوى، سيباستيان كورتز، إقالة وزير الداخلية هيربرت كيكل، الذى ينتمى إلى حزب الحرية اليمينى المتطرف، إثر تسريب شريط مصور بشأن الحصول على تمويل روسى، الأمر الذى تسبب بفضيحة مدوية لهذا الحزب.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المستشار النمساوى المحافظ قوله: "بالتوافق مع رئيس الجمهورية، اقترحت عليه إقالة وزير الداخلية (كيكل)".
يأتى ذلك بعد 3 أيام من تسريب شريط مصور، يقول فيه رئيس حزب الحرية، هاينز كريستيان شتراخه، إنه "مستعد لتلقى تمويل روسى مقابل تأمين عقود حكومية مع النمسا، وفى وقت سابق دعا كورتز إلى إجراء انتخابات مبكرة عقب استقالة نائبه، ما أدى إلى تفكك ائتلافه الحاكم.
واستقال نائب المستشار هاينز- كريستيان شتراخه السبت الماضي، بعدما نشرت صحيفتان ألمانيتان تسجيلا مصورا له وهو يعرض تعاقدات حكومية على مستثمرة روسية
وقال كورتز إنه ليس بمقدوره التوصل لاتفاق مع قيادة حزب شتراخه- حزب الحرية المناهض للمهاجرين- بشأن المضى قدما بالائتلاف مع حزبه، حزب الشعب من يمين الوسط.
وأثارت هذه الفضيحة تكهنات بشأن مستقبل الائتلاف الحاكم بين حزب شتراخه (الحرية) المناهض للهجرة، وحزب كورتس (الشعب) الذى يمثل يمين الوسط.
يذكر أن المؤشرات تشير إلى تحالف الحزب الاشتراكى (اس بى أو) وحزب الحرية لإسقاط الحكومة المؤقتة، خاصة بعد خسارتهما الملحوظة، فى انتخابات البرلمان الأوروبى، والتى تصدر الفائزين بها حزب الشعب.
ألكسندر فان در بيلين الرئيس النمساوى