ظل الحديث عن تنمية سيناء مجرد مطلب مرفوع، ما بعد خروج الاحتلال الإسرائيلى، وتركزت جهود التنمية على السياحة التى مثلت مصدرا مهما للدخل، لكنها بقيت نشاطا هشا خاصة مع ظهور الموجات الإرهابية، والتى تجسدت أكثر خلال السنوات الأخيرة، قبل ان تدخل قوات الجيش والشرطة فى المواجهة لتحاصر الإرهاب، ومنذ نصر أكتوبر 1973، ثم خروج الاحتلال ظل سؤال التنمية مطروحا، باعتبار أن المجتمعات الحية هى التى تضمن الاستقرار على أرض سيناء.
التنمية تعنى مجتمعا طبيعيا، زراعة وصناعة وسياحة، وحياة كاملة، حتى كان التفكير فى أنفاق الإسماعيلية وبورسعيد، والتى تضمن الاتصال الدائم بين سيناء والدولة، وسهولة الحركة وانتقال البشر كأساس للتنمية، وعندما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن الاتجاه لبناء الأنفاق والعبور لتنمية سيناء، تعامل البعض مع الأمر على أنه مجرد وعد، وبدا نوعا من التفكير النظرى صعب التحقيق، لكن الفكرة تحولت إلى واقع.
أنفاق الإسماعيلية، تجعل زمن العبور7 دقائق فقط من الغرب للشرق، وهى الأنفاق الجاهزة للافتتاح لتمثل مع شبكات الطرق الجديدة فى مصر شرايين جديدة تعيد رسم خريطة التنمية، الأنفاق تم إنشاؤها بخبرات مصرية، مع درجات تأمين عالية بأحدث وسائل التكنولوجيا، كاميرات مراقبة وأنظمة لمكافحة الحرائق، وممرات للطوارئ وإخلاء آمن للأفراد حال حدوث أى أعطال أو طوارئ.
وهذه الأنفاق تمثل خطوة كبرى نحو تنمية وتعمير شامل لسيناء، يسهل انتقال ملايين المصريين للاستقرار والعمل والحياة، وتضيف إلى مصر مساحات جديدة، بعد أن ظلت حركة المصريين مرتبطة بنهر النيل فى الوادى والدلتا، كما تضاعف من قدرات مصر على جذب الاستثمارات وتضعها فى قلب حركة التجارة الدولية، وضمن مخطط الحزام والطريق التى تطرحها الصين ضمن خطوط العولمة الاقتصادية الجديدة.
مع الأخذ فى الاعتبار أن التنمية تبدأ بالطرق والأنفاق، لكنها تقوم أيضا على عناصر مهمة، مثل توفير الطاقة والمياه لأى تنمية زراعية أو صناعية. وهو ما يتجلى فى محطات الطاقة الشمسية ومحطات عملاقة لتنقية مياه البحر، بما يوفر الأساس الذى تقوم عليه خطوات التنمية المتعددة.
الطاقة المتجددة للشمس والرياح تمثل مصادر دائمة ونظيفة للطاقة، وهو ما يقوم متوازيا ضمن خرائط التنمية الممتدة شمالا وجنوبا، كما يساهم فى توفير الطاقة بجانب المحطات التقليدية لتوليد الكهرباء.
وكل هذا النمو يعود بثماره على أهالى سيناء، ويعود عليهم بثمار فى الزراعة والصناعة والتعليم والتنمية، بناء على أنشطة مستمرة وقادرة على البقاء والتوسع.
تدخل مصر عصرا جديدا للتنمية والتوسع واستغلال الأراضى والثروات الطبيعية، بما يشكل قاعدة لرفع معدلات النمو وتوفير فرص عمل واستيعاب الزيادة السكانية، بناء على تخطيط مسبق، وخلال سنوات قليلة يمكن أن يرى المصريون تحولا كبيرا على قاعدة اقتصادية واجتماعيه، ويحقق مطالب ونظريات ظلت فى إطار التصورات النظرية، قبل أن تتوفر لها الإرادة.
وطبيعى أن بناء مجتمعات قادرة على التوسع والبقاء، يشكل أساسا لتنمية واضحة المعالم، تمنح الحياة لصحارى ظلت مهجورة طوال عقود، كما أنها تمنع بشكل تلقائى أى تهديدات أو أخطار.
نحن أمام خطوة جديدة للبناء تتجه بنا نحو المستقبل تحقيقًا لحلم قديم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة