كلمات قليلة عنون بها عملاق الصحافة الراحل مصطفى أمين مقالا له على صفحات مجلة "الجيل" فى ستينيات القرن الماضى، لتثير جدلا واسعا، وأزمة سواء فيما يتعلق بعلاقته مع سيدة الشاشة فاتن حمامة، التي حمل المقال اسمها، أو فيما يتعلق بالجرأة فى اختيار وانتقاء العناوين للموضوعات والكتابة الصحفية.
أما فيما يتعلق بسيدة الشاشة، فقد ثارت الرقيقة فاتن حمامة وغضبت عندما رأت عنوان المقال، وتوجهت علي الفور إلى مؤسسة "أخبار اليوم" حيث مكتب الراحل مصطفى أمين؛ وخاطبته وهى فى قمة ثورتها بأنه شوه سمعتها التى حافظت عليها طوال حياتها، بادعائه أنه نام في سرير واحد معها، وهي التى لم يتجرأ عليها أحد، سواء فى الوسط الفني، الذى كانت سيدته المتألقة فى ذلك الوقت، أو خارجه.
وبهدوئه رد أمين سائلا إياها: هل قرأت المقال؟ فأجابت انها قرأت العنوان واكتفت به، فطلب منها قراءة ما يحويه المقال، حيث كان الراحل يكتب عن قصة مرضه وإخبار الأطباء له بضرورة إجراء جراحة عاجلة له، وأنهم اختاروا له غرفة بالمستشفى، لكنه رأى فى وسطها سريرا صغير الحجم، ولا يناسبه إطلاقا، وحين علق على ذلك رد الطبيب المرافق بأن هذا السرير كانت ترقد عليه النجمة فاتن حمامة قبل أيام، بعد دخولها المستشفى لإجراء جراحة.
بقية المقال يقول فيه مصطفي أمين: رقدت في سرير فاتن فوجدته صغيرًا دقيقًا، فكان نصفي فى السرير ونصفي خارج السرير، فاتن صغيرة الحجم وأنا ضخم الحجم، وكان من المستحيل عليّ أن أتقلّب في السرير، فأى حركة به أجدنى واقعًا على الأرض".
اختار مصطفى أمين عنوانا جريئا لمقاله، وكان يعلم بالتأكيد أنه لن يمر مرور الكرام، صحيح أن العملاق الراحل استمد جرأته من مكانته في الساحة الصحفية وقتها، وأيضا من علاقته بفاتن حمامة التى كانت صديقة مقربة له، لكنه يعطينا درسا أن الكتابة يعلو شأنها بالجرأة من دون تجاوز ، واختارت فاتن حمامة أن تذهب إلى أمين، لتناقشه وتنقل غضبها إليه، لا أن تجرجره في ساحات المحاكم، لنتعلم أنه بالحوار يمكن حل الكثير من الأزمات، خاصة وأن الأمر لم يستغرق ثوان معدودات امتص فيها الكاتب الكبير غضب النجمة الموصوفة بسيدة مجالها، بطلبه منها قراءة المقال كاملا ، ليبقي الحوار والنقاش المباشر، ودون وسيط، مفتاح التوازن في العلاقات الإنسانية، والداعم لأن تكون في طريقها الصحى الصحيح، وتقويم ما يمكن أن يخرج منها عن مساره ، أو يسيء لأحد طرفيها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة