أخيرا بدأ الغرب يلتفت جديا إلى خطر جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى، بعد أن تجاوزت الأعمال الإرهابية حدود العالم العربى وباتت خطرا واضحا على القارة الأوروبية والولايات المتحدة وكندا، أى أن الغرب الذى احتوى الجماعة الإرهابية لعقود أملا فى صناعة صيغة وسطية من الإسلام السياسى يمكن استخدامها فى السيطرة على البلاد العربية، بدأ فى تصحيح أكبر خطأ ارتكبه برعاية ثعابين الإخوان والتنظيمات التابعة لها، بعد أن تعرض للدغ منها مرات عديدة.
بداية تصحيح الأوضاع تأتى كالعادة من واشنطن، ثم تسير على هداها أوربا وسائر الحلفاء الآخرين من كندا إلى أستراليا والمكسيك واليابان، فعندما أعلن البيت الأبيض عن اعتزام الرئيس ترامب وضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب بعد رصد مجموعة من الممارسات الإجرامية لها تهدد سلامة المجتمع والمصالح الأمريكية، بدأت دول عديدة فى الاتحاد الأوربى تفكر جيدا فى اتخاذ خطوة مماثلة لحظر الجماعة الأخطر فى العالم، وتجفيف منابع تمويلها ومصادرة أموالها.
المتحدثة باسم حزب الجمهوريين المعارض فى فرنسا، ليديا جيرو، طالبت الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بتصنيف الإخوان منظمة إرهابية، لضمان سلامة المجتمع وتحصينه ضد خطر الإرهاب، كما طالبت كذلك بحظر الفكر الإخوانى المتطرف، ومنعه من التغلغل أكثر فى النسيج المجتمعى الفرنسى وتجريم المنظمات العاملة، تحت لواء الإخوان وفى مقدمتها اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا، الواجهة الرسمية للتنظيم الدولى، بسبب خطره الشديد على المجتمع الفرنسى.
السلطات الألمانية بدورها، أصبحت ترى فى تحركات جماعة الإخوان تهديدا لأمنها الداخلى، ومن ثم غيرت تصنيف الجماعة من تنظيم منفتح يعتمد قيم الحوار مع الآخرين إلى جماعة متطرفة تمثل خطرا على الدولة الألمانية، وجاء فى حيثيات القرار أن الجماعة المحظورة تسعى إلى إقامة روابط وثيقة مع الأحزاب ودوائر الحكم المختلفة بهدف توسيع نفوذها من ناحية، ومن ناحية أخرى تنشط بين دوائر المهاجرين عبر تقديم المساعدات الضرورية مثل السكن وإنهاء إجراءات الإقامة قبل تجنيدهم لخدمة أهدافها السرية التى تتمثل فى تغيير بنية المجتمعات الغربية عادة إلى مجتمعات ذات طبيعة متطرفة تفرض شروطها وقيمها على الآخرين.
فى الفترة السابقة لم تكن السلطات الألمانية تستطيع المضى إلى آخر الشوط مع جماعة الإخوان بإعلانها جماعة إرهابية، ومصادرة أموالها وحظر مدارسها وجمعياتها الفرعية، لعدة أسباب أولها تشابك الأوضاع الاقتصادية مع تركيا، فألمانيا لديها استثمارات كبيرة فى تركيا، كما أنها تخشى تأليب الديكتاتور التركى لرعاياه من أصل تركى على أراضيها، وهى تخشى أكثر أن ينفذ تهديده ويسمح لمئات الآلاف من اللاجئين على أراضيه بالتدفق على الأراضى الألمانية، مما سيضع ميركل فى مأزق كبير، لكن اعتزام واشنطن إعلان الإخوان جماعة إرهابية واستجابة فرنسا لمطالبات المعارضة الداعية إلى الأمر نفسه سيقلب الطاولة على أردوغان والجماعة الإرهابية، وسيدفع أوروبا بكاملها إلى فرض قيود حديدية على أعضاء التنظيم الدولى وحركة أموالهم بهدف تجفيف منابع الإرهاب
من المعلوم بالضرورة كذلك، أن أى إجراء بحظر جماعة الإخوان والتنظيمات التابعة لها سينطبق على التمساح التركى رجب أردوغان، فالجماعة المرتمية فى أحضان الاستخبارات التركية التى تدير معظم نشاطها الإعلامى والإجرامى من أنقرة ستسقط ومعها المشروع التوسعى الأردوغانى، وكذلك حروب الجيل الرابع التى تدار من الدوحة، أى أننا خلال الفترة المقبلة سنشهد إسدال الستار على مشروع الفوضى والحروب الأهلية وانتشار الميليشيات فى البلاد العربية جنوب وشرق المتوسط، ربما لاستعادة هيمنة الدولة المتماسكة ذات الحدود الواضحة، بعد أن تكبد الغرب مليارات الدولارات على حرب فاشلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة