مارمرقس يا أبنا للإيمان هدانا، هكذا نطق الشماس بتمجيد القديس مارمرقس قبل أن يبدأ الأنبا رافائيل أسقف كنائس وسط القاهرة فى صلوات القداس الإلهى بعيد القديس مارمرقس بالكنيسة المرقسية التى تحمل اسم القديس وذلك بعد أن عقد أسبوعا كاملا من العظات الروحية والصلوات استضاف فيها أساقفة وكهنة من كنائس مختلفة.
وتحكى سيرة القديس مارمرقس، أن الوثنيين وجدوا أن الناس بدأت تترك معابدهم الوثنية وتنجذب لدعوة القديس مرقس لدخول المسيحية ووجد الوثنيون معابدهم خالية من الناس مما أثار غيرتهم وحقدهم، فدخلوا الكنيسة أثناء قيام مارمرقس بصلاة قداس عيد القيامة وسحبوه من الكنيسة وبدأوا سحله في شوارع الإسكندرية حتى استشهاده.
كاهن كنيسة مارمرقس: بدد الأوثان وهدانا للإيمان المسيحى
القمص داوود لمعى كاهن كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة، فقال عن القديس مارمرقس، إن أحد ألقابه الكثيرة والتى تقال فى تسبحة باكر هو مبدد الأوثان لأن أفريقيا كلها كانت تعبد الوثنية وحين ننظر حولنا الآن نقول: "كتر خيرك يا مارمرقس" لأن جهاده وتعبه ودمه أنهوا عبادة الوثنية مضيفا: فى مصر كانت الوثنية متزوجة الفلسفة مما صعب من مأمورية مارمرقس كمبشر بالمسيح.
واستكمل لمعى حديثه: "الكتاب المقدس يقول حين يدخل المسيح مصر تتحطم أوثان مصر فقد كانت تعيش فى الوثنية، والوثنية هى كل عبادة لغير الله وكل انشغال عنه، فلم تعد الوثنية تمثال والناس تسجد له مفسرا: "الطمع هو عبادة أوثان وهناك ثلاثة أوثان حاليا يعبدها العالم كله وهى المال والجسد والكرامة".
وأضاف كاهن كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة: "الناس تقتل بعضها وضمائرها من أجل المال، والخادم الصالح ينزع عبادة المال من قلوب الناس مثلما فعل مارمرقس وهى مأمورية ليست سهلة أبدا"، متسائلا: هل تستطيع أن تجعل ممن يعبد ذاته يعبد الله وحده؟ أما الوثن الثالث فهو الجسد فالعالم كله يبيع بضاعة الشهوة والأجساد وهو أمر مزعج للغاية.
وأشار لمعى، إلى أن القساوسة الذين خدموا فى أفريقيا اكتشفوا أن الجنس ليس خطية ومن ثم حين دخل مارمرقس مصر كان أمامه تحدى صعب جدا أمام علم وفلسفة ووثنية وخلال 30 سنة خلق تأثير عظيم لدرجة إننا نعيش تأثيره وبشارته بالمسيحية حتى اليوم.
البابا تواضروس يطيب رفاته بالإسكندرية فى مزاره المقدس
أما البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فقد ترأس أمس صلوات عشية القديس مارمرقس بمزاره بالإسكندرية بعد أن طيب رفات القديس.
ويجرى طقس تطييب الرفات وسط صلوات واحتفالات، حيث يصنع حنوط البركة، وهو المادة المستخدمة فى التطييب فى طبق حديدى، يسكب الكاهن زيتًا من العطر، وزيت الناردين المعطر، وهو أحد الزيوت المقدسة لدى المسيحيين، حيث سكبته امرأة على وجه المسيح وفرح بذلك، ويوضع المزيج مع مواد كيميائية عطرة لتصنع منها ما يشبه العجينة التى تتلى فوقها الصلوات والتراتيل، ويدهن به الأنبوب المعدنى الذى يحتفظ برفات القديس.
وتطييب الرفات بحسب المفهوم المسيحى قد حدث بعدما طيبت ثلاث من النساء اللاتى يحملن اسم مريم قبر المسيح، كما يذكر الأنجيل «وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّه»ُ.
يوزع القس الحنوط على الكهنة وشعب الكنيسة أجزاء مما صنعه من حنوط مبارك، يدهنون به أجساد القديسين، ويتقافز الناس من الخارج يلقون بالمناديل والإيشاربات والشيلان لتلتصق بالحنوط فتنال البركة، يقفز الجميع إلى داخل حلقة التطييب أو يرمى متعلقاته كمن يقفز فى بركة سباحة، ويساعد من فى الداخل طالبى البركة بالخارج، لتتبارك مناديلهم برفات القديسين.
وقال البابا تواضروس: "نعتبر هذا القديس عالميا، فقد ولد فى القيروان بليبيا ومازال له أثار فى محل ميلاده، ثم هاجر إلى فلسطين مع أسرته وأمه مريم وأبوه كان ذو قرابة من القديس بطرس الرسول وعرف المسيح ثم سافر إلى روما وكتب إنجيل مارمرقس ثم جاء إلى مصر ليبشر بالمسيحية واستشهد على أرض الإسكندرية أول مدينة تنال الإيمان المسيحى فى أفريقيا وامتدت كرازته لكل العالم".
أسماء القديس مارمرقس فى الإنجيل
واستكمل البابا: "له أسماء متعددة فى الانجيل أحيانا يسمى يوحنا أو مرقس وسيرته عطرة، ونحتفل بتذكار استشهاده فى نفس المدينة، ونسمى إنجيل القديس مارمرقس أقدم إنجيل من الناحية التاريخية والزمنية وهو 16 إصحاح فهو قصير وهو إنجيل المعجزات أو الأعمال فقد اهتم جدا بأعمال السيد المسيح وليس أقواله".
فيما اعتبر القمص أنجيلوس جرجس كاهن الكنيسة المعلقة أن عيد استشهاد القديس مارمرقس هو عيد مهم فى الكنيسة القبطية، فهو الذى بشرنا بالمسيحية إذ يعتبر جدنا الأكبر، وهو أحد أهم المبشرين ليس فى الكنيسة المصرية بل المسيحية بشكل عام وهو أقدم مبشر بالإنجيل المكتوب وهو صاحب أحد أقدم قداسات الكنائس وأسس مدرسة الإسكندرية اللاهوتية التى علمت العالم اللاهوت.
واستكمل جرجس: "هيردوت قال إن مصر هبة النيل والمسيحية فى مصر هبة مارمرقس، مصر كانت ولا تزال لها مكانة مهمة ولكن حين دخلها مارمرقس كانت حضارة مصر علمت العالم أشياء كثيرة ولكن رغم من إشراق الحكمة عند الفراعنة لكنها كانت مشوبة ببعض الأفكار الوثنية وبعد وصول مارمرقس مصر صارت مصر من أعظم الكنائس بعدما استند على التراث الحضارى لهذا البلد العظيم".