ننتظرها مهما غابت، نحبها ونتعلق بها مهما ابتعدت، نسترجع أياماً كانت فيها عنواناً لبهجة رمضان، حين كنا ننتظر يوميا الجديد الذى ستمتعنا به، أبهرتنا على مدى سنوات برشاقتها وجمالها واستعراضاتها، فحفظنا أغانيها وتتراتها وحاولنا أن نقلد حركاتها، كانت الشوارع تخلو من المارة حين تطل على الشاشة الصغيرة وبعد أن ننتهى من مشاهدة حلقات المتعة اليومية فى رمضان ننشغل فى البحث عن حل الفزورة، هى الخاطبة وأم العريف التى أدخلتنا إلى عالم ورق ورق وأمتعتنا بعجايب صندوق الدنيا.
فراشة جميلة وفتاة شقية وأميرة ساحرة وملكة الفوازير والاستعراض، كل هذه الألقاب يعادلها فقط اسم «نيللى»، فيكفى أن تذكره لتسترجع كل معانى الجمال والرشاقة والرقة والشقاوة والبهجة.
منذ سنوات غابت نيللى عن الأضواء وقل ظهورها بعد آخر عمل قدمته وهو مسلسل قصاقيص ورق عام 2005، ورغم الغياب بقيت دائما حاضرة مستقرة فى وجدان الملايين تشكل جزءا كبيرا من تكويننا وذكرياتنا وأيامنا الجميلة فى رمضان.
وطوال تاريخها الفنى ظلت ولاتزال تحتفظ بتلك الطلة الطفولية الجميلة وخفة الظل والرقة التى خطفت الأنظار، فعشقتها الكاميرا منذ وقفت أمامها أول مرة ترقص قبل أن يتجاوز عمرها 4 سنوات فى فيلم الحرمان عام 1953، والذى كانت بطلته شقيقتها الكبرى الطفلة المعجزة فيروز، فالطفلة نيللى آرتين كالفيان، الأرمينية ذات الأصول السورية ولدت لعائله فنية، كان الأب يهوى عزف الكمان، والأم صاحبة صوت جميل، وحرص الوالدان على تعليم بناتهما فنون الباليه والموسيقى، فسبقتها شقيقتها فيروز إلى طريق الفن وكذلك ابن عمتها لبلبة.
وبعد أول ظهور لها، شاركت نيللى فى بطولة فيلم عصافير الجنة مع شقيقتيها فيروز ومرفت وهو أحد أجمل وأهم الأفلام العربية التى تعتمد قصتها على الأطفال، كما شاركت الطفلة نيللى فى عدد آخر من الأفلام، حتى قامت بأول بطولة لها فى فيلم المراهقة الصغيرة عام 1966 مع الفنان الكبير أحمد مظهر، لتتوالى بعدها البطولات السينمائية التى شاركت فيها النجمة الاستعراضية ووصل عددها إلى ما يقرب من 67 فيلما، تنوعت بين الكوميدى والتراجيدى، ووقفت خلالها إلى جوار عمالقة الفن ومنها: «توبة، هى والرجال، إجازة صيف، نورا، صباح الخير يا زوجتى العزيزة، مجرم تحت الاختبار، اللص الظريف، دلع البنات، المشاغبون، الرجل الذى فقد ظله، الشحات، الحب سنة 70، مذكرات الآنسة منال، ذكرى ليلة حب».
كما تألقت النجمة الاستعراضية فى عدد من الأعمال المسرحية، ومنها مسرحية الدلوعة التى قامت ببطولتها مع وحش الشاشة فريد شوقى بعد أن قدما نفس القصة فى فيلم دلع البنات، و«سندريلا والملاح» مع هانى شاكر، والمدرسين والدروس الخصوصية، وسوق الحلاوة مع العملاق عبدالمنعم مدبولى، وانقلاب مع إيمان البحر درويش، وعدد من المسلسلات التليفزيونية ومنها: «الدوامة، الرمال الناعمة، امرأة وثلاث وجوه، برديس، مبروك جالك ولد، حبيبى الذى لا أعرفه»، وقدمت أيضا عددا من الأعمال الإذاعية ومنها المسلسل الإذاعى «شىء من العذاب» والذى شارك فيه موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وربطتها علاقة صداقة قوية بالعندليب عبدالحليم حافظ، الذى فكر فى تقديم فيلم معها قبل وفاته، واختارها لتشاركه عندما ظهر فى برنامج النادى الدولى، والذى كان يعرض على التليفزيون المصرى فى السبعينيات وقدمه الفنان سمير صبرى، لتقرأ ملك الاستعراض الفنجان للعندليب خلال البرنامج.
ورغم أعمالها السينمائية والمسرحية والإذاعية، فإن بطولة فوازير رمضان كانت النقلة والعلامة الكبرى فى مشوار نيللى الفنى، وأخرجت المزيد من الطاقات الفنية المتجددة والمتعددة للنجمة الاستعراضية، وكانت فكرة الفوازير بدأت عام 1967، وقدمها ثلاثى أضواء المسرح سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد، وأخرجها المخرج محمد سالم، وبدأت نيللى تقديم الفوازير منذ عام 1975 حتى 1981، وأخرجها المخرج الراحل فهمى عبدالحميد.
أبهجت الفراشة الجميلة الجمهور وأبهرته، وخلقت الفوازير مذاقا خاصا لشهر رمضان، فخلت الشوارع من المارة وحفظ الصغار والكبار الأغانى والاستعراضات، وأصبحت الفوازير وحلها مثارا للكثير من المناقشات.
توقفت نيللى عن تقديم الفوازير من عام 1982، حيث قام ببطولتها سمير غانم الذى قدم فوازير فطوطة ثم الفنانة الاستعراضية شريهان، وفى عام 1990 عادت نيللى لتقديم الفوازير، فكانت أكثر قوة وبهجة وجمالا وتألقا وقدمت الفوازير لعدة سنوات متتالية حتى عام 1996: «عالم ورق، صندوق الدنيا، أم العريف، الدنيا لعبة، زى النهاردة».
أمتعت نيللى الكبار والصغار ورسخت بفنها فى أذهان الأطفال على مدى الأجيال وقدمت أجمل الاستعراضات وأغانى الأطفال ومنها أوبريت اللعبة الذى كتبه الشاعر الكبير صلاح جاهين، وكان فى فراشة، وده مين، ياعصفورة العصافير.
ومنذ سنوات غابت ملكة البهجة والاستعراض عن الأضواء، ولم تظهر إلا فى برامج قليلة، بدت فى كل منها حساسة، خجولة، مخلصة، محبة للحياة، محتفظة بجمالها ورقتها رشاقتها وطلتها الطفولية المبهجة، ليبقى الجمهور دائما متشوقا لهذه الطلة، وما تستدعيه من ذكريات جميلة.
وعلى الرغم من أنها لازالت تحتفظ بكل بهجتها وجمالها ورشاقتها قالت ملكة الفوازير إنها وصلت لقناعة بضرورة الانسحاب لأنها تريد أن تحتفظ بصورتها الجميلة فى عيون جمهورها.
وفى كل الأحوال ومهما ابتعدت ملكة الاستعراض ستظل بيننا دائما رمزا للبهجة وعنوانا لفرحة رمضان نراها دائما طفلة جميلة نقية مبهجة ولا نملك إلا أن نقول لها دائما شكرا على فيض البهجة وجمال الذكرى.. وحشتينا يانيللى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة