فى السنوات الثلاث الأخيرة، احتلت هموم ومشاكل الأقباط حيزًا من الكتابات الأدبية إذ لم تعد الكنيسة تولى اهتماما كبيرا لما ينشر عنها مثلما كان الحال قبل سنوات، حين نشرت رواية عزازيل ، التى كتبها يوسف زيدان وهب الأنبا بيشوى مطران كفر الشيخ الراحل للرد على تلك الرواية وهو نفس ما حدث مع الرواية العالمية شفرة دافينشى.
كذلك فإن السنوات التى تلت ثورة يناير، شكلت حالة من التمرد على السلطة الأبوية للنظام الكنسى، وبدأ خروج الأقباط من عباءة الكنيسة رويدا رويدا، حالة الخروج تلك كان لها انعكاسها على الكتابة الأدبية إذ ظهرت قضايا الكنيسة التى عرف عنها بالتحفظ لسنوات طويلة، ضمن تيمات وأعمال الروائيين المسيحيين وإن كان التصنيف الدينى لا يجوز حين نتحدث عن عمل أدبى إلا أن موضوعات الروايات هى التى فرضت نفسها باعتبارها تحاكى واقع الأقباط ومشاكلهم.
فى رواية طرق الرب.. قضايا الأحوال الشخصية والعلاقة مع الطوائف
وعبر الحوارات التى يجريها شريف مع القس انطونيوس ، تتكشف ملامح كثيرة من حياته بل ويروى أيضا سيرته العائلية، حيث ولد لعائلة أرثوذكسية، بينما قرر جده بناء كنيسة كاثوليكية فى قريته ومن ثم انتقلت العائلة من تلك الطائفة إلى الثانية، فوالدته كاثوليكية بينما أبيه كان لديه موقف من رجال الدين بشكل عام، ولكنهم عمدوه فى الكنيسة الأرثوذكسية فصار أرثوذكسيا بينما مر خلال مراهقته وطفولته فى منطقة الظاهر المعروفة بكثرة الكنائس فيها على اجتماعات وقداسات كل الطوائف المسيحية حتى عرف بين القساوسة بقدرته على الجدل وإثارة الشغب، وفى تلك النقطة بالتحديد يعرج الكاتب على قضية المعمودية التى أثارت جدلا واسعا أيام زيارة بابا الفاتيكان لمصر حين وقع اتفاقية مع البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية تقضى بقبول معمودية الكاثوليك وعدم إعادتها مرة أخرى.
تجمع البطل علاقة عاطفية بفتاة ألمانية تسمى إستر ، فيحاول الحصول على شهادة خلو الموانع مدفوعا برغبته فى الارتباط بها والسفر من مصر بعد أن تعرض لمشكلة أمنية ولكن العقبات البيروقراطية التى تضعها الكنيسة أمامه تعيقه عن اتمام الزواج قبل أن يتم اتهامه فى قضية اختلاس مال عام بعدما ترك توقيعه على إذن صرف لمبات فى الوزارة التى يعمل بها وتم استغلالها ضده وبالفعل حوكم على تلك القضية.
صلاة القتلة.. مقتل الأنبا ابيفانيوس سردًا
فى روايته صلاة القتلة ، التى وضع صورة الانبا ابيفانيوس على غلافها، يحاول الكاتب والصحفى روبير الفارس ، سرد قضية قتل الأسقف التى هزت الرأى العام بطريقة روائية وإن كان استخدم أسماء مستعارة للإشارة إلى الأبطال يستطيع القارئ بسهولة أن يفك تلك الرموز وأن يردها إلى شخصياتها الحقيقية، ففى الرواية راهب يتورط بالقتل يسمى "شعشع" فى إشارة منه لأشعياء المقارى ، المحكوم عليه بالإعدام فى تلك القضية، بينما يشاركه الجريمة زميله "فوفو" وهو فلتاؤس المقارى أيضا المتهم الثانى، أما الأسقف المقتول فيسمى المنير وهى الترجمة العربية لاسم ابيفانيوس الذى يعنى الأنوار الإلهية، بينما يفضل ذكر اسم القمص متى المسكين صراحة، ويلفت النظر وعبر الخيوط الدرامية إلى الانفلات المالى فى الحياة الكنسية خاصة الديرية منها.
البطريركية والرقص على إرغن الرب.. صرخات تمرد ضد الكنيسة
أما الكاتب الشاب مارك أمجد ، الذى حصد جائزة ساويرس العام الماضى، تبدو روايتيه البطريركية والرقص على إرغن الرب ، كمحاولة لاستثمار حالة التمرد ضد الكنيسة والصراخ فى وجه السلطة الكنسية، ففى روايته الأولى يتناول مارك حياة فتاة مسيحية متدينة تتعامل مع جمالها باعتباره عارا لابد من إخفائه، كما تعلمت فى الكنيسة بينما يتناول فى روايته الثانية العلاقة المشتبكة بين الكنيسة والدولة طوال السنوات الفائتة موجها سهام النقد والسخرية لما يصفه بذكورية الكنيسة كما يشير فى روايته إذ ينتقد سيطرة الآباء الذكور على البطريركية ويحاول أن يلعب بتيمة تماثيل أنثوية خشبية لفض تلك السلطة الحاكمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة