يضبط البطل أفروله ويربط رباط بيادته اللامعة كأنه ذاهب لعروسه ثم يودع أهله «الأم والزوجة والأبناء» وكل ما يتمناه، إما يرجع منتصرًا ورأسه مرفوع أو ينال الشهادة، أما أهالى أبطال الجيش والشرطة، فإذا فقدوا الابن دفعوا بالابن الآخر دفعًا فى الزمان والمكان نفسه، فهناك جينات وراثية لهذا الشعب العظيم، فأبطالنا لا يبحثون عن «وساطات» للهروب من الخدمة فى سيناء بل يتدافعون إليها دفعًا وقوائم الانتظار طويلة.
فإذا سألوك عن الرجال فقل هم فى سيناء يدافعون عن الأرض والعرض، رابضون على الحدود لن يهزمهم غادر حاقد خسيس، ولن يسمحوا بتدنيس الأرض الطاهرة، أبطال بدرجة رجال يتحدون الغدر والإجرام، لا ترهبهم وحشة الجبال، يقهرون الحر الزمهرير، والبرد القارس، هم رجال قال عنهم رب العزة: «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا».
وأحد هؤلاء الرجال «عمرو القاضى» الذى استشهد بطلًا «راجل» كالجبل ينادى علة الدواعش ويقول لهم: « تعالى ياض خدنى لو تعرف».
باستشهاده هو ومن سبقوه من الرجال، وكذلك من هم يجابهون الموت على الحدود كل ساعة، سطروا ملحمة تاريخية من أجلنا وأجل أمننا الذى نعيشه بفضلهم وبفضل عطائهم نبنى مصرنا الجديدة، فمن أجل أن نحقق ازدهار واستقرار هذا الوطن ضحوا بأنفسهم فى سبيل أننا نعيش فى أمن وأمان من تلك المحاولات الإرهابية الخسيسة التى تستهدف زعزعة أمن واستقرار هذا البلد، لكن الشعب المصرى لن يسمح لهم بالنيل من بلدنا طالما يقف صفًا واحدًا خلف قيادته للعبور بوطنه إلى بر الأمان.
علينا أن نفتخر برجال الجيش والشرطة المصرية، فالمنحنى البيانى للعمليات الإرهابية فى الفترة من 2013 حتى يونيو 2019 فى هبوط حاد من مئات العمليات إلى عشرات إلى عمليات عشوائية على فترات زمنية متباعدة.
نعلم أن الإرهاب فى مصر مرتبط بسوريا والعراق وليبيا، بمعنى لن يتوقف الإرهاب فى سيناء إلا بغلق المشهد فى سوريا والعراق وليبيا، فالتمويل والتسليح القطرى - التركى مستمر، فما حدث مؤخرًا فى سيناء من فلول وعناصر الجماعات الإرهابية يكشف عن حالة اليأس التى وصلت لها هذه المجموعات تحت وطأة الضربات الأمنية المتلاحقة، فهذه المجموعة كانت تستهدف اختراق النطاق الأمنى الموجود جنوب مدينة العريش والدخول إليها، لارتكاب مجازر بحق المواطنين الأبرياء بسيناء. وبالطبع دبروا لهذه الجريمة الإرهابية ردًا على تسلم مصر للإرهابى هشام عشماوى، من قبل الجيش الوطنى الليبى، وهو أحد أبرز قادة الجناح العسكرى لتنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابى الذى لا يضم سوى المجرمين، وكان هذا الهجوم ما هو إلا محاولة لإثبات الوجود بأن هذه التنظيمات قادرة على الانتقام لأحد قاداتها. كان هدف الهجوم الإرهابى محاولة لإحداث فوضى، خاصة مع اقتراب تنظيم مصر لبطولة أمم أفريقيا، لكن المواجهة من قبل رجال الأجهزة الأمنية والشرطية استطاعت أن تكسر هذا المخطط بفضل قوة إرادة وعزيمة الشعب المصرى وتماسكه، ووقوفه صفًا واحدًا خلف قيادته السياسية وجيشه العظيم وجهاز الشرطة القوى لحفظ أمن واستقرار الوطن ومواجهة الإرهاب فى الداخل والخارج.
هذه الجريمة تؤكد طبيعة المعركة التى تخوضها مصر وجيشها لمواجهة عناصر الإرهاب فى الداخل، وملاحقة مموليه وداعميه والمخططين له فى الخارج، الذين يبررون جرائمه ويوفرون المنصات الإعلامية كمنابر للإرهابيين لبث سمومهم وأفكارهم وتزييف الحقائق وتزويرها لحساب هذه الجماعات التى تهدد معظم دول ومناطق العالم وتعادى كل قيم الحضارة والإنسانية.
أيضًا فى مكة كانت كلمة الرئيس المعنية بحل القضية الفلسطينية وفق حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية صفعة على وجه كل من شكك يوما ما فى إمكانية قبول السيسى بالتفريط فى حبة رمل واحدة من سيناء.
كرر السيسى الصفعة مرة أخرى فى إفطار الأسرة المصرية على وجه كل من شكك فى التنازل عن الأرض لصالح صفقة القرن، فهذه الجريمة الإرهابية تفرض على العالم المزيد من تقديم يد العون والقيام بدوره لدعم مصر ودعم الدول المناهضة للإرهاب من أجل اجتثاث جذوره التنظيمية والفكرية ومصادر دعمه السياسية والمالية والإعلامية، لأن محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه أصبح واجبًا دوليا على الجميع، خاصة من حيث تداعياته وانعكاسه ومحاولة الجماعات الإرهابية إقامة قواعد لها فى عدة مناطق، وبالأخص فى الدول التى تشهد انهيارات لسلطات الدولة المركزية وتعانى ضعفًا فى أجهزتها، أو جراء انتقال التنظيمات والجماعات الإرهابية من مناطق تمت هزيمتها فيها إلى دول أخرى.
وجاء الرد من الرجال عندما أسفر تتبع مسار هروب العناصر المنفذة للحادث عن تحديد مجموعة من العناصر الإرهابية، فتم التعامل معهم ما أسفر عن القضاء على 14 من العناصر الإرهابية.
الإرهاب يكره الحياة، يؤذيه الفرح ويبحث عن ارتداء اللون الأسود ويتخذه رايته، يحب لون الدم ورائحة الخيانة، ليس لديه عقيدة أو إيمان، يتاجر بالدين والخمر على السواء فهم بلا نخوة ويقتلون مقابل المال.