توقفت كثيرا أمام البيان الذى أصدره مجمع البحوث الإسلامية، قبل يومين حول الأسئلة التى استقبلها خلال شهر رمضان والفتاوى التى رد عليها من الجمهور سواء من خلال القوافل الدعوية المباشرة أو عن طريق البريد الإلكترونى وموقع المجمع أو الرسائل البريدية، التى ترد إليه بصورة يومية، والحقيقة الرقم الذى تم إعلانه كان مفاجأة.
نعم مفاجأة كبيرة بالنسبة لى، فقد استقبل المجمع 70 ألف فتوى فى تخصصات مختلفة، من خلال لجانه الرئيسية والفرعية، مابين مسائل أحوال شخصية وعبادات ومواريث، ومعاملات تجارية ومالية، وقضايا معاصرة ، وذلك خلال شهر رمضان المبارك فقط، بما يؤكد أن العقل المصرى منشغلا بقضايا الفتوى بصورة مبالغ فيها، خاصة أن كل المسائل المذكورة تمت الإجابة عنها عشرات بل مئات المرات على مدار السنوات الماضية.
لماذا يستهلك المواطنون 70 ألف فتوى فى شهر واحد، وما تحليل مضمون تلك الفتاوى، ولماذا نضيع كل هذا الوقت فى أسئلة مكررة ؟ بمعنى أنه لو معدلات الأسئلة والفتاوى القادمة لمجمع البحوث فى شهر رمضان مثل باقى الأشهر، فنحن أمام ما يقرب من مليون فتوى سنويا يتم إصدارها والتفرغ للإجابة عليها وكتابتها ونشرها، بما يعنى أن هناك حالة غير عادية للانشغال بالفتوى فى المجتمع.
الأرقام التى نتحدث عنها فى السطور السابقة رسمية، وصدرت فى بيان عن المجمع، فما بالنا بالرسائل التى لم يتوجه أصحابها إلى المجمع أو التى رد عليها أئمة المساجد أو الأصدقاء والمقربين أو التى تم البحث عنها فى الانترنت، سنجد أننا أمام ملايين الفتاوى، التى غالبها مكرر، دون تجديد أو رؤية معاصرة.
الحقيقة لا أرى إنجازا فى أن يقدم مجمع البحوث الإسلامية 70 ألف فتوى فى شهر واحد، وكأن الدين الإسلامى الذى جاء منذ أكثر من 1400 سنة حديث العهد، ولا أرى أيضا عملا منظما من جانب المجمع لتوفير الوقت والجهد والمال من خلال جمع كل الفتاوى من خلال الموقع الإلكترونى أو على موقع الأزهر أو حتى نسخها على وسائط رقمية وبيعها مع المجلات التى تصدر عن الأزهر.
الأرقام فى مجمع البحوث الإسلامية غريبة وتحتاج إلى توقف ودراسة، خاصة ّإذا عرفت أن الجانب الدعوى له مخصص له 3.1 مليار جنيه فى برنامج الحكومة 2018 / 2022 ، من أجل تنفيذ 18 ألف قافلة دعوية ونحو 150 حملة توعية و30 ألف ندوة ثقافية وتنظيم نحو 300 دورة تدريبية، والتوسع فى إنشاء لجان الفتاوى الدينية من 230 لجنة حاليا إلى 456 لجنة بنهاية البرنامج، وزيادة عدد الوعاظ من 4105 حاليا لـ 10 آلاف واعظ بنهاية عام 2022 .
لماذا كل هذه الأرقام والأعداد، ولماذا نحمل الدولة تبحث عن المستقبل والتنمية كل هذه التكاليف ؟ ولماذا تتعدد برامج الفتوى والوعظ من الأوقاف إلى الأزهر ودار الإفتاء ومجمع البحوث ؟!.. فعين العقل تقول اختصار كل هذه الميزانيات وتوحيدها فى كيان واحد، حتى لا ننفق مليارات دون طائل أو عائد.
أتمنى أن يكون لمجمع البحوث الإسلامية دور آخر على مستوى تجديد الخطاب الدينى والارتقاء بجهود الدعوة والخطابة، وشئون الناس بصورة تليق بالعصر الذى نعيشه الآن وتتواكب مع ما نعيشه من واقع جديد، بدلا من جمع وطرح الفتاوى التى تمت الإجابة عليها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة