وصفه الكثيرون بالديكتاتور، وأحاط الغموض بحياته وأصبح بملامحه الجامدة وطباعه الحادة لغزا محيرا، هو زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، الذى قال مقربون منه أنه كان من المستحيل عليه أن ينشأ كإنسان سوى، حيث عاش طفولته فى دائرة مغلقة، بعيدا تماما عن غيره من الأطفال، وقضى سنواته الأولى فى قصر بالعاصمة الكورية الشمالية بيونج يانج، إلى جانب منزل العائلة المطل على البحر فى مدينة وونسان.
وظهر ذلك فى عيد ميلاده الثامن، حيث كان محاطا بكبار رجال الدولة، وارتدى بدلة سوداء وربطة عنق وحصل على باقات ورود من المسئولين الكبار، بدلا من أن يلهو مع غيره من الأطفال، وحيث روت خالته "كو يونج سوك" التى تعيش فى الولايات المتحدة منذ عام 1998، تفاصيل مثيرة عن حياة طفولة كيم، وقصة تحوله فى مقابلة لصحيفة واشنطن بوست، وقالت "كو" حفلة عيد الميلاد تلك التى احتفل فيها ببلوغ كيم جونج أون سن الثامنة أقنعتها بأنه سيعد لخلافة والده كيم جونج أيل، وأضافت أنها بنت استنتاجها على طبيعة الهدية التى قدمت له فى عيد ميلاده ذلك العام، حيث منح بزة عسكرية لأحد الجنرالات وانحنى أمامه أعضاء السلطة العسكرية.
زعيم كوريا الشمالية
إلا أن كتابا جديدا كشف خبايا طفولته وطبيعة الحياة التى كونت شخصيته الحالية، ألفته الصحفية فى "واشنطن بوست"، آنا فيفيلد ويحمل اسم " The Great Successor: The Secret Rise and Rule of Kim Jong Un"، بعنوان "الخليفة العظيم: البزوغ السرى وحكم كيم جونج أون"، وذكر الكتاب أن الطباع الحادة كانت واضحة على كيم منذ طفولته، إذ روى طباخ يابانى عمل فى منزل عائلة الزعيم، أن الطفل كيم رفض مد يده لمصافحته، ورمقه بنظرات حادة بالرغم من أنه كان فى السادسة من عمره فقط.
كما أن "كيم" كان لاعباً لكرة السلة وهو فى عمر الحادية عشرة، وأحب لعبة "سوبر ماريو" الشهيرة، الذى كان والده الراحل يوفر له كل ألعاب الفيديو الخاصة باللعبة، وكان يسمح له بمشاهدة سلسلة أفلام العميل البريطانى "جيمس بوند" و"دراكولا" فى سينما خاصة عازلة للصوت، كما كان كيم مهووسا بنماذج الطائرات والسفن.
أما الأمر الذى شكل صدمة، فهو أن والد كيم قدم له سيارة تم تعديلها خصيصا ليتمكن الزعيم الطفل من قيادتها، وهو فى السادسة من عمره، إلى جانب حمله للسلاح وهو فى سن الـ11، حسب ما ذكر موقع "تليجراف" البريطانى.
ورأت مؤلفة الكتاب أن طبيعة شخصيته المتغطرسة ربما هى أكثر ما أثار إعجاب والده، الذى فضل كيم على إخوته غير الأشقاء الأكبر سناً.
ومع وصول "كيم" إلى سن الـ12، تم إرسال كيم وأخيه إلى بيرن فى سويسرا للدراسة، حيث عاشا مع عمتهما وزوجها تحت اسم مستعار.
وفى هذه المرحلة من عمر الزعيم الكورى الشمالى، برزت طباعه الحادة أكثر فأكثر، إذ كان يعتدى بالضرب والبصق على زملائه فى الدراسة، خاصة أولئك الأكثر ذكاء منه، كما كان يشعر بالغضب إذا أقدم زملاؤه على التحدث باللغة الألمانية التى لم يكن يتقنها، فيما عرف بعنفه خلال ممارسة لعبة كرة السلة المفضلة لديه.
وخلال هذه الفترة، سافر كيم معظم الدول الأوروبية واحتفل مع أصدقائه، مستخدما جواز سفر برازيلى مزور لتبقى هويته سرية.
كما استمتع كيم فى صغره بالشمس على شاطئ الريفييرا بفرنسا، وذهب للتزلج فى جبال الألب، وتناول الطعام فى المطبخ الإيطالى، وارتدى أذنى ميكى فى «ديزنى لاند» بباريس حسبما ذكرت "ديلى ميل".
وذكر الكتاب أن تلك الحرية التى تمتع بها كيم فى مراهقته لاستيعاب الحضارة الغربية، مثل معرفة الثورة الفرنسية، والاطلاع على تاريخ مارتن لوثر كينج الابن، أو المناهج التى درسها فى سويسرا والتى شملت مواد عن التعددية الثقافية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والديمقراطية، لم تكن كافية لتغيير مصير كيم بوصفه ديكتاتوراً، حسب وصف الكاتبة.
وكتبت فيفيلد أنه "بدلا من إقناعه بتغيير بلده، فقد أظهرت له هذه السنوات ضرورة أن يكون النظام حوله مثل أبيه وجده".
وقالت فيفيلد إن كتابة سيرة ذاتية عن الزعيم الكورى الشمالي مهمة شاقة، إذ إن هناك معلومات كثيرة كاذبة، أو غير موثوق بها، وللتغلب على تلك العقبات، اعتمدت على مصادر أولية قريبة من الأسرة الحاكمة فى كوريا الشمالية، وأصدقاء مقربين من كيم.
وتولى كيم مقاليد الحكم عام 2011، واتسم حكمه بالقوة والرعب، وأعلن أنه أمر بإعدامات كثيرة، ووفقاً لفيفيلد، فإن كيم كان شاباً عديم الخبرة حينما تولى مقاليد الحكم.