اهتمام مصر الكبير ببطولة الأمم الأفريقية 2019 المقامة على أراضيها، سواء شعبا أو حكومة، يعكس قيمة وأهمية هذه البطولة تحديدا، ومدى الآمال والطموحات المعلقة على أكتاف اللاعبين المنضمين لصفوف المنتخب وجهازهم الفنى والإدارى، وأن الفوز بالبطولة، فرض عين لإسعاد الشعب المصرى، وإعادة الكأس لحضن أحفاد الفراعنة من جديد بعد غياب 9 سنوات كاملة!!
وعندما حقق منتخب مصر إعجازا كرويا بالفوز بالبطولة ثلاث مرات متتالية، 2006 و2008 و2010 كان باللاعبين المحليين، وجهاز فنى وطنى، ولم يكن يضم المنتخب حينها سوى لاعب أو اثنين من المحترفين فى الخارج، وكان أداء المحليين مبهرا ورائعا، وأصبحت ظاهرة كروية أبهرت خبراء الكرة ليس فى القارة السمراء فحسب ولكن فى العالم أجمع، ما حدا بالأشقاء فى شمال أفريقيا وتحديدا الجزائريين والتوانسة والمغاربة، إلى المطالبة بدراسة تجربة مصر، وكيف أن لاعبى مصر المحليين تفوقوا على كتيبة اللاعبين المحترفين فى أكبر الأندية الأوروبية.
وعزت وسائل الإعلام والخبراء والنقاد فى الدول الأفريقية ما حققه اللاعب المصرى المحلى والفوز بالبطولة ثلاث مرات متتالية، فيما فشلت فيه كتيبة المحترفين فى صفوف منتخبات الجزائر والمغرب والجزائر وكوت ديفوار والسنغال وغانا ونيجيريا والكاميرون، إلى أن اللاعب المحلى «جعان» كرة، ويبذل أقصى ما عنده من أداء رجولى فى الملعب، بينما المحترف، لا يبذل نفس الجهد، ولا يلعب بنفس الحماس، خوفا على أقدامه، وتعرضه للإصابة، تحرمه من المزايا الكبيرة سواء المالية الطائلة، أو الشهرة والنجومية!
والحال تبدل فى البطولة التى تنظمها مصر التى ستنطلق فعالياتها الجمعة المقبلة، حيث يتسلح منتخب مصر بكتيبة محترفين، على رأسهم محمد صلاح، أحد أضلاع مثلث الأفضل عالميا، وهداف أقوى دورى فى العالم، وأفضل لاعب أفريقى لعامين متتالين، بجانب محمد الننى ومحمود تريزيجيه وعمرو وردة وأحمد حجازى وأحمد المحمدى وأحمد حسن كوكا وعلى غزال، فهل يسطر رفاق صلاح إنجازا قويا ويفوزون بالبطولة الأهم، والتأكيد على أن اللاعب المصرى، سواء كان محترفا فى أكبر الأندية العالمية، تسكنه روح الانتماء والحماس وإعلاء مصلحة بلاده، مثله مثل اللاعب المحلى الذى حقق ثلاث بطولات متتالية فى إعجاز كروى نادر الحدوث؟!
الحقيقة، أن الدولة، متمثلة فى رأس السلطة، قدمت دعما ومساندة لإنجاح البطولة، وتهيئة كل الأجواء وتذليل العقبات، بجانب مساندة جماهيرية تحرك الصخر، ما يدفع إلى ضرورة زرع كل لاعب فى صدره عقيدة أنه ليس «لاعبا» فحسب، ولكن «مقاتل» فى «الميدان» لا يعرف إلا النصر، وإرضاء المائة مليون مصرى المنتظرين لفرحة كروية، طوال 9 سنوات كاملة، واستثمار هذا النجاح لإحداث طفرة كبرى فى كرة القدم المصرية..!!
الدولة، متمثلة فى رأس السلطة، والشعب الصبور والرائع، قدموا ما عليهم، فالسلطة بذلت مجهودا ضخما فى التنظيم وتجهيز المنشآت وتجديد الملاعب، والجمهور المصرى أظهروا روحا كبيرة فى التشجيع من خلال الإقبال الكبير على شراء التذاكر، ويتبقى أن نرى كتيبة مقاتلين تعيد كبرياء مصر الكروى المفقود منذ 9 سنوات!!