أكدت الصين اليوم الأحد، أنها لا تريد حربا تجارية مع الولايات المتحدة لكنها لا تخافها، وأن موقف واشنطن من المشاورات الاقتصادية والتجارية "متقلب"، مشددة فى الوقت نفسه على أنها لن تتنازل عن قضاياها المبدئية، وأن الهيمنة التجارية الأمريكية تضر بمصالح العالم ولا تجلب المصالح لأمريكا.
جاء ذلك فى كتاب أبيض (وثيقة رسمية) أصدره مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصينى (مجلس الوزراء) اليوم الأحد، تحت عنوان "موقف الصين إزاء المشاورات الاقتصادية والتجارية الصينية – الأمريكية"، وذلك لتقديم صورة شاملة حول المشاورات ذات الصلة، وعرض موقف الصين وسياساتها بشأن هذه المشاورات.
وقالت الحكومة الصينية - فى الكتاب الأبيض - إنها لن تتنازل بشأن القضايا المتعلقة بقضاياها المبدئية، وإنها تأمل فى تسوية الخلافات عن طريق الحوار بدلا من سلوك الرسوم الجمركية، معربة فى الوقت نفسه عن تطلعها أن تكون أى اتفاقية يتم التوصل إليها متوازنة وتلبى احتياجات الطرفين.
وأضافت الحكومة أن الصين تعارض، بشدة، سلوك الولايات المتحدة فى زيادة الرسوم الجمركية على الصادرات الصينية مؤخرا، وأنها اضطرت إلى اتخاذ التدابير المضادة لحماية مصالحها الشرعية، وأنه من أجل مصالح شعبى الصين والولايات المتحدة وشعوب العالم، ستتصرف الصين بعقلانية، لكنها لا تخشى الضغط ومستعدة لمواجهة أية تحديات.
وتابعت الحكومة الصينية أنه منذ بدء المشاورات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة فى فبراير عام 2018، توصل الجانبان إلى توافق حول معظم المحتويات، لكن المشاورات أيضا شهدت العديد من التحولات والمنعطفات، وفى كل مرة تحدث فيها هذه التحولات والمنعطفات تكون "نتيجة لكسر الولايات المتحدة للإجماع وعدم الصدق".
وأوضحت الحكومة أنه فى مارس 2018، أعلنت الولايات المتحدة زيادة تعريفة بنسبة 25٪ على 50 مليار دولار من البضائع المستوردة من الصين، وفى مايو 2018، بعد 10 أيام فقط من إصدار الجانبين بيانا مشتركا وتوصلهما إلى إجماع على أن "الجانبين لا يخوضان حروبا تجارية"، أطاحت الحكومة الأمريكية بالإجماع على التشاور وأعلنت أنها ستواصل الترويج لخطة زيادة التعريفة الجمركية، وفى مايو 2019، رفعت الولايات المتحدة معدل التعريفة 200 مليار دولار على صادرات الصين إلى الولايات المتحدة من 10٪ إلى 25٪، وتم الإعلان أيضا عن بدء إجراء لفرض الرسوم الجمركية على 300 مليار دولار المتبقية فى الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة.
واعتبرت الحكومة الصينية أن سلسلة التدابير الحمائية التجارية التى اتخذتها الولايات المتحدة تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية، وتضر بالنظام التجارى متعدد الأطراف، وتؤثر بشكل خطير على سلسلة التصنيع والتوريد العالمية، وتضر بثقة السوق، وتثير تحديات شديدة تواجه انتعاش الاقتصاد العالمي، وتشكل تهديدا كبيرا لاتجاه العولمة الاقتصادية.
ولفتت إلى أن أحدث إجراءات لإضافة التعريفة الجمركية المفروضة على المنتجات الصينية وفرض عقوبات على الشركات الصينية مثل هواوى تحت اسم "الأمن القومي"، ستشكل مزيدا من الإضرار بمصالح جميع الأطراف، وإن الصين تعارض ذلك بحزم.
وأكدت الصين ضرورة أن تتلاقى المشاورات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة فى منتصف الطريق، مع الالتزام بالصدق، لكونه أساس المشاورات، مشددة على أن الصين تتمسك دائما بالصدق ولديها إخلاص كبير للتفاوض مع الحكومة الأمريكية، وتولى اهتماما بالغا بمطالب الولايات المتحدة وتسعى لإيجاد وسائل فعالة لحل الخلافات معها، كما حققت 11 جولة من المشاورات الاقتصادية والتجارية رفيعة المستوى تقدما كبيرا، وكانت نتائجها تصب لصالح كل من الصين والولايات المتحدة، نتيجة لجهود مشتركة، فيما نفذت الصين الالتزامات خلال المشاورات وأكدت مرارا أنه إذا توصل الجانبان إلى اتفاق، فإن الصين ستلتزم بتعهداتها بشكل جدى وعملي.
واعتبرت الحكومة الصينية - فى الكتاب الأبيض - أن التعريفات الإضافية التى تفرضها الإدارة الأمريكية على البضائع الصينية المصدرة إلى الولايات المتحدة تعوق التعاون التجارى والاستثمارى بين البلدين، وتضر ثقة السوق والاستقرار الاقتصادى فى العالم.
وأوضحت أنه حتى شهر أبريل الماضي، شهد إجمالى الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة انخفاضا مستمرا خلال الخمسة أشهر الماضية، كما شهد إجمالى الصادرات الأمريكية إلى الصين انخفاضا مستمرا خلال الثمانية أشهر الماضية، وأن النزاع الاقتصادى والتجارى بين البلدين يثير قلقا إزاء التعاون الاستثمارى بين الشركات، ما أدى إلى انكماش الاستثمارات الصينية فى الولايات المتحدة والاستثمارات الأمريكية فى الصين، وفى الوقت نفسه، عدلت منظمة التجارة العالمية توقعاتها لمعدل النمو للتجارة الدولية لعام 2019 من 7ر3% إلى 6ر2%.
وأكدت الحكومة الصينية أن العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة تعتبر بمثابة الداعم للعلاقة الثنائية الشاملة وتتعلق بالمصالح الجوهرية للشعبين، والازدهار والاستقرار فى العالم، وأنه منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، قطعت العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية شوط طويلا، حيث تم توسيع مجالات التعاون على مستويات أعلى، وتم بناء علاقة متبادلة المنفعة ومتكافئة الربح مع تكامل قوى ومصالح مترابطة، لم يستفد منها البلدان فحسب، بل العالم بأسره.
ونوهت الحكومة الصينية بأنه نظرا للاختلافات فى مرحلة التنمية والنظام الاقتصادي، من المؤكد أن يشهد البلدان خلافات واحتكاكات فى تعاونهما التجاري، فقد شهد تاريخ العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة انتكاسات ومواقف صعبة، ولكن من خلال تبنى موقف عقلانى وتعاوني، تمكن البلدان من حل النزاعات السابقة، وجعل العلاقات التجارية الثنائية أكثر نضجا من خلال الحوار والتشاور.
ولفتت الحكومة الصينية إلى أنه منذ تولى الحكومة الأمريكية الجديدة مهامها فى عام 2017، هددت بزيادة التعريفات الجمركية وغيرها من التدابير، وأثارت احتكاكات اقتصادية وتجارية متكررة مع شركائها التجاريين الرئيسيين، واستجابة للاحتكاكات الاقتصادية والتجارية التى أطلقتها الولايات المتحدة من جانب واحد منذ مارس 2018، توجب على الصين اتخاذ تدابير قوية للدفاع عن مصالح الأمة وشعبها.
وأضافت أنه التزاما منها بحل النزاعات من خلال الحوار والتشاور، قامت الصين بجولات متعددة من المشاورات الاقتصادية والتجارية مع الولايات المتحدة، فى محاولة لتحقيق الاستقرار فى العلاقات التجارية الثنائية، وكان موقف الصين ثابتا وواضحا بأن التعاون يخدم مصالح البلدين، وأن الصراع يمكن أن يضر بكليهما، وأن التعاون هو الخيار الصحيح الوحيد للجانبين.
وأعربت الصين - فى الكتاب الأبيض - عن رغبتها الصادقة فى العمل مع الولايات المتحدة لإيجاد حلول، والتوصل إلى اتفاق متبادل المنفعة ومشترك الفوز للجانبين، شريطة أن يقوم التعاون على مبادئ، حيث إن الصين لن تتنازل فى القضايا المبدئية الرئيسية، فهى لا تريد حربا تجارية، لكنها لا تخشاها، وستخوضها إذا لزم الأمر، وأن موقف الصين من هذا الأمر لم يتغير مطلقا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة