بعد مرور 10 سنوات عليها، لازال ملف الاتهامات بتزوير الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل فى إيران فى العام 2009 محل نقاش داخل أروقة القضاء وحتى فى وسائل الاعلام وبين المسئولين، حيث يعانى مرشحيها الإصلاحيين حتى اليوم داخل إيران، وأصبحت جرحا غائرا فى النظام يأبى أن يلتئم، ففى ليلة الـ 14 يونيو 2009 فجر اعلان فوز الرئيس الأسبق محمود أحمدى نجاد الذى ينتمى للتيار المتشدد، تظاهرات عارمة تخللها اضطرابات وأحداث شغب كبيرة فى مختلفة المدن الإيرانية، قادها المرشح الإصلاحى الخاسر مير حسين موسوى الذى أيد التلاعب فى نتائجها، ولدت من رحمها "الحركة الخضراء" المعارضة وشكلت منعطفا وعلامة فارقة فى الحراك السياسى الإيرانى.
مرت كل هذه السنوات، ومازالت الاتهامات بتزوير الانتخابات لصالح نجاد تلاحق رأس النظام، واليوم وبالتزامن مع احياء ذكرى الاحتجاجات، أكد شقيق الرئيس الايرانى الاسبق وأمين عام حزب المشاركة الإسلامى السابق، محمد رضا خاتمى، حدوث عملية تزوير لصالح الرئيس السابق، وكشف خاتمى بعد جلسة محاكمته الرابعة غير العلنية والتى يحاكم فيها بسبب اتهاماته للسلطات بتزور الانتخابات، وخلال حديثه للصحفيين خارج المحكمة أوضح خاتمى أنه تم اضافة نحو ٧ ملايين و٨٩.٩٩٣ صوتا لصالح الرئيس السابق المتشدد فى غرفة جمع الاصوات بالداخلية الإيرانية الموظفة بالاشراف على الانتخابات قائلا لقد اثبت ذلك.
أحداث 2009
فجرت تصريحات شقيق الرئيس الاصلاحي الاسبق محمد خاتمي الذي أيد المحتجين آنذاك، جدلا واسعا فى إيران إذ أعادت ملف انتخابات 2009 إلى الواجهة مجددا، وأضاف فى تصريحاته التى لم يتراجع عنها، "أن الفتنة الحقيقية هى التزوير وليس الاحتجاج عليه، فى اشارة الى وصف المتشددون أحداث التظاهرات المؤيدة للمرشح الاصلاحى الخاسر موسوى والمحتجين علي النتائج آنذاك على بالـ"فتنة".
وبث عددا من الصحفيين الإيرانيين مقطع فيديو لتصريحات محمد رضا خاتمي وقت خروجه من المحكمة، قائلا "لا يمكن الغاء انتخابات ٢٠٠٩ او تعويض نتائجها الكارثية، لكن يمكن الحيلولة دون وقوع مثل هذه الانتهاكات مستقبلا من اجل ثقة الشعب بالنظام". وطالب خاتمي تقديم اعتذار لمن عانوا من هذا التزوير ورفع الاقامة الجبرية عنهم، و التحقيق مع المسئول عما وقع فى ٢٠٠٩ ومن بينهم جنتى بمجلس الخبراء وكدخدائى من مجلس صيانة الدستور ومحمد على جعفرى قائد الحرس الثورى السابق.
بیش از ۳ ساعت توی گرما دم دادگاه به ظاهر علنی بودم ، زخم های ما خوب نمیشن ولی وقتی آقای خاتمی این بیانیه ارو خوند یه کم مرهم گذاشت روی این زخم ۱۰ ساله. آقای خاتمی ما تا آخر کنارتان ایستاده ایم.مرسی برای این همه مردونگیت.#سند_تقلب #رضا_خاتمی pic.twitter.com/mTMWk3K6hh
— Alireza Abdi (@Alirezaabdi86) June 18, 2019
اتهامات خاتمى لم تكن جديدة، ففى اغسطس 2018 أفصح عن عمليات التزوير فى أحد البرامج التلفزيونية وأكد على اعتراض التيار الاصلاحى على هذه الانتخابات، حيث طالبه المتشددون تقديم دليل على ذلك، وتم توقيفه ومحاكمته فى ديسمبر العان نفسه، ويبدو أنه مُصّر على تصريحاته.
انصار الحركة الخضراء
لكن اليوم وبعد مرور عقد من الزمان يقبع المرشحون الاصلاحيون الخاسرون فى هذه الانتخابات داخل منازلهم قيد الإقامة الجبرية دون محاكمة، وهم مير حسين موسوى و مهدى كروبى مع زوجاتهما، ويسمح فقط لأبنائهم بزيارتهم، واعلاميا أصبح ينعتهم المتشددون"رؤوس الفتنة أو قادة الفتنة"، وأنصارهم بأصحاب الفتنة وسميت احتجاجات 2009 فى الادبيات السياسية الايرانية بـ"فتنة 2009" ، حيث اعتبرها النظام مؤامرة مدبرة من الخارج لقلب نظام الحكم، واتهم زعماء الحركة الخضراء المخملية التى اتخذت هذا اللون الذى كان يميز الحملة الانتخابية للمرشح موسوى شعارا لها، بالارتباط بأجهزة استخبارات أجنبية، إضافة إلى ملاحقة أنصارها فى الداخل والخارج.
مير حسين موسوى وسط أنصاره
وفى عام 2011 وضع موسوى وكروبى قيد الإقامة الجبرية بسبب طلبهم الخروج فى مسيرات داعمة لما سمى بـ "ثوارت الربيع العربى"، ورفضت السلطات حتى لا تحول المسيرات لتظاهرات مناهضة للنظام، وعلى مدار الـ 7 سنوات الماضية من حكم الرئيس حسن روحانى لم ينجح في اطلاق صراحهم بعد أن قدم وعودا فى عام 2013 خلال حملته الانتخابية آنذاك.
وأصيب أنصار الاصلاحيين بخيبة أمل بعد ما تبين أن روحانى غير قادر فك حصارهم وإعادتهم لممارسة الحياة السياسية بشكل طبيعى، بسبب صلاحياته المحدودة التى يحددها له منصب الرئيس فى إيران، لأن البت فى الأمور المتعلقة بالأمن القومى للنظام والخطوط العريضة والسياسة الكلية فى يد المرشد الأعلى على خامنئى، فأصبح معروف بين الأوساط السياسية وحتى بين النشطاء أن القرار فى يد المرشد (الولى الفيه) أعلى سلطة فى البلاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة