منذ سقوط حكم الإخوان فى 30 يونيو 2013، والجماعة تخرج من آن لآخر لتزعم أنها تقوم بمراجعات فكرية وتقييمات داخلية وتعترف بالأخطاء وارتكابها خطايا فى حق المجتمع المصرى بعد ثورة 25 يناير.
اللافت أن اعترافات الإخوان بالخطيئة يتزامن دوما إما مع ثورة 25 يناير أو ثورة 30 يونيو، مما يعنى أن هذا الاعتراف ليس الهدف منه الاعتراف بالأخطاء بقدر أنه محاولات المشبوهة من الجماعة للعودة للمشهد السياسى من جديد من بوابة الاعتذارات الكاذبة التى تخرج من قياداتها.
اعتراف الإخوان بالخطأ فى حق الشعب المصرى عبر الجزيرة
أولى تلك الاعترافات كانت فى أبريل 2015، على لسان أحمد عبد الرحمن، رئيس المكتب الإدارى لجماعة الإخوان بتركيا حينها حين خرج على قناة الجزيرة القطرية ليقول: "إننا أخطأنا فى حق الشعب المصرى ونعتذر عن ذلك"، وأضاف مسئول مكتب الإخوان فى الخارج، أنه تتم "مراجعات جذرية فى الفكر والقيادة وأسلوب عمل الإخوان"، مشيرا إلى الجماعة تتبنى النهج الثورى بعد أن أخطأت فى انتهاج النهج الإصلاحى.
وتابع حينها أن الجماعة تعمل مراجعات خلال الفترة الراهنة، مؤكدا أن الجماعة لن تسمح بتكرار الأخطاء وأنها ابتعدت عن سياسة الإقصاء التى انتهجتها خلال تولى الجماعة حكم مصر، لافتا إلى أن وجود مكتب إخوان الخارج أكبر دليل على إجراء الإخوان مراجعات، مضيفاً: "سيرى العالم كله نتائج أعمال مكتب الإخوان فى الخارج ولابد أن يكون لنا حراك إقليمى".
جمال حشمت: الاعتصامات والحشد كانا الخطيئة الكبرى للإخوان
من أهم الاعترافات التى خرجت من الإخوان كان من جمال حشمت، عضو مجلس شورى الإخوان، الذى رصد فى يناير 2015 بأخطاء الجماعة بعد ثورة 25 يناير، وخلال حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، مؤكدا أن قرار الدفع بمرشح للرئاسة فى 2012 كان قرارا خاطئا، وأن سياسة الجماعة فى الحشد لمرسى كانت سياسة خاطئة أيضا، وأن التنظيم لم يكن له أجندة بعد الثورة.
وقال "حشمت" فى مقال مطول نشر بأحد المواقع الرسمية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية :"من أعجب المشاكل التى كنت أواجهها، بصفتى القيادية فى مجلس الشورى والهيئة العليا للحزب والهيئة البرلمانية، هى ندرة المعلومات داخل الإخوان، وهى سمة التنظيمات التى عملت بعيدا عن العلنية، وسمة لقيادتها بأن المعلومة التى تنتشر تمثل خطورة، وهو أمر خاطئ فى أعمال علنية يمارسها مستوى مؤهل من حقه المعرفة والنقاش واتخاذ القرار، لذا كان من العجيب احتكار المعلومات حتى على أعلى المستويات، التى هى صاحبة القرار، مما جعل هناك لغط وغموض حول حقيقة ما يجرى فى الواقع، من أعمال ميدانية أو لقاءات سياسية أو استعدادات".
وأكد عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، أن الجماعة غابت عنهم أى أجندة ثورية بعد 25 يناير 2011، ولم يكن لهم أجندة سواء فى مجلس الشعب أو الشورى، ولم تكن الأولويات واضحة.
واعتبر عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، تعاون الإخوان والسلفيين معا خطأ كبير، قائلا:" هم معلومون للجميع، سلفيو برهامى بالإسكندرية المدعومين من الخارج!، والعملاء ضد الإخوان وقد أثبتت الأحداث والوقائع ذلك، الذين لم يحدثوا أى مراجعات فى فتواهم التى حرمت العمل السياسي، ودخول الانتخابات والبرلمان، وقد مارسوا كل ذلك فيما بعد دون مراجعة وانتهازية غريبة تشهد بها مضابط الجلسات فى الشعب والشورى".
وأشار القيادى بالإخوان إلى أن الجماعة استشعرت أنها بديل للحزب الوطنى، قائلا :"هناك إحساس غريب وكان مبالغا فيه لدى أغلب قواعد الإخوان بعد الثورة بأن هذا بداية التمكين بل شعر البعض أنه صار بديلاً للحزب الوطني، خاصة بعد انتخابات الرئاسة من حيث السلطة والنفوذ، وهذا الاحساس تسبب فى إحداث صدمة هائلة فى نفوسهم بعد عزل محمد مرسى، حيث اضطرب تفكير الشباب وتشككوا فى كل شئ".
واعترف حشمت بخطأ الإخوان فى سياسة الحشد قائلا :"لقد كان اعتماد سياسة الحشد فى الرد على المناوئين، سياسة مثلت خطورة لعدم وضعها فى إطار رؤية متكاملة تتعاون فيها الأدوات للوصول إلى هدف محدد.
واستطرد حشمت :"شاركت فى التصويت على مشاركة الإخوان فى معترك انتخابات الرئاسة، وقد ذكرت من قبل موقفى الرافض، وقد أعلن أيضا محمد مهدى عاكف (المرشد العام السابق للإخوان المسلمين) رفضه بل وصلنى من أحد القريبين من المهندس خيرت الشاطر نفس الرأي، ولا أعلم بماذا صوت لكن فى النهاية، التزمنا جميعا بما أسفر عنه التصويت، الذى تم مرة واحدة فقط فى نهاية الجلسة الثالثة للحوار داخل الشورى العام، إذن ما هو الخطأ من وجهة نظرى؟"
وقال حشمت إن أمراً بهذه الخطورة يتصدر له الإخوان لأول مرة بعد أن فشلت كل المحاولات فى ترشيح آخرين ودعمهم، خاصة وأن النتيجة كانت 52 موافق مقابل 48 رافض، وهى نتيجة لم تحدث من قبل فى أى تصويت داخل الإخوان، وكان الأولى أن يطول الحوار، وأن يشمل تحليل للقوى الحاكمة والمتحكمة والمسيطرة على المشهد السياسى فى مصر، وتاريخ كل منها، وليس البحث فقط عن شخصيات المرشحين وفرص نجاحهم هذا من جانب، كما كان يجب ألا يمر القرار بعد ذلك إلا بنسبة الثلثين على الأقل".
المراجعات الداخلية.. موضة إخوانية
وفى يناير 2017 ، أعلنت "جبهة القيادة الشبابية" والتابعة لما يسمى المكتب العام للإخوان عن إجراء مراجعات موسعة بشأن أداء الجماعة خلال السنوات الست السابقة، حيث أشارت الجبهة في بيان بتوقيع "المكتب العام للإخوان المسلمين فى مصر" حينها إلى أن تلك المراجعات تمثل جملة تقييمات شاملة، أجراها "مكتب الخارج" بعد أن استمرت لعدة شهور.
اختراق القوى السياسية بزعم "كلنا مخطئون"
وفى مارس 2017 خرجت جماعة الإخوان أيضا ببيان رسمى تقول فيه إنها بدأت منذ فترة في تقييم مواقفها التي اتخذتها منذ 2011 وحتى 2017 بعد الأزمات التي تعرض لها التنظيم، حيث اعتمدت على ورش العمل والأبحاث والمراجعات والتقييم للوصول إلى نتائج إيجابية، وأضافت الجماعة، في بيان نشر على موقعها الرسمي، إن اللجنة المشرفة على التقييمات بالجماعة تواصلت مع ما يزيد على الـ100 من المفكرين والسياسيين وأصحاب الرأي والشخصيات العامة والعلماء والمهتمين بالشأن الإخواني خاصة والإسلامي عامة والقضية الوطنية المصرية وتسليمهم نسخا من هذه التقييمات للمشاركة الفعالة بالرأي والمشورة والنقد البناء لمعرفة رأيهم في الجماعة.
وفى يناير 2018 قال الأمين العام لجماعة الإخوان محمود حسين إن قضية المراجعات والتطوير داخل الجماعة هي عملية ديناميكية مستمرة، خاصة في ما يتعلق بطريقة تعاطينا مع الواقع، مضيفا أن المراجعات أيضا تتعلق بدورنا السياسي في المستقبل، وثالثة تخص تطوير العمل داخل اللجان الفنية للجماعة.
وخلال الساعات الماضية خرجت الجماعة لتعترف فى بيان لها بأنها تستقطب شخصيات من التيار المدنى واليسارى، لتحقيق أهدافها الرامية نحو التحريض ضد الدولة المصرية والعودة للمشهد السياسى المصرى مرة أخرى، زاعمة أنها قامت بمراجعات للاعتراف بأخطائها، وأنها سترسل تلك الاعترافات لتلك القوى السياسية التى تريد التحالف معها.