لم تكن مشاركة الأقباط فى ثورة 30 يونيو إلا معركة وجود ضد جماعة الإخوان التى حكمت مصر رافعة فى وجه الجميع شعارات طائفية تقصى الآخر وتعمل على محوه، ومن ثم كانت مشاركة الأقباط فى تظاهرات 30 يونيو تحت شعار نكون أو لا نكون.
سيقصى الإخوان عن حكم البلاد ولكنهم سيحملون للأقباط فى نفوسهم ثأرًا، حتى إذا جاءت لحظة فض اعتصامى رابعة والنهضة، تنطلق جحافل الجماعة الإرهابية مستهدفة الكنائس فتحرق ما يزيد عن 63 كنيسة ومبنى خدمات، ويرفع البابا تواضروس شعاره التاريخى "إن أحرقوا كنائسنا سنصلى فى المساجد وإن أحرقوا المساجد سنصلى فى الشوارع، وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن".
بعدها سيتكفل الجيش بترميمهم جميعًا بل ويعيدهم أفضل مما كانوا كما يقول القس الدكتور أندريه زكى رئيس الطائفة الإنجيلية فى مصر
إرهاب الإخوان لن يتوقف عند العام 2013 بل سيستمر فقد عاش الأقباط المصريون عامًا قاسيًا، كان الـ2017 ليس كمثله عام، شهد استهداف للكنائس والأديرة ككل الفئات التى نالت منها نيران الإرهاب الجيش والشرطة والأقباط.
وفى المقابل طوال الفترة من 2013 وحتى اليوم، حصل الأقباط على حقوق أهدرتها الحكومات المتعاقبة معضلة بناء الكنائس هى الأوضح، عاش الأقباط ما يزيد عن قرن من الزمان، ضحايا لمرسوم الخط الهمايونى الذى أصدرته الدولة العثمانية، فلم تكن الكنائس تبنى إلا به، ولم يستطع القساوسة تجديد مجرد حمام فى كنيسة إلا بالمرور بسلسلة معقدة من الإجراءات قد تصل لتوقيع رئيس الجمهورية.
مرسوم الخط الهمايونى كان يصف الأقباط بأهل الذمة بالشكل الذى يتناقض مع قيم الدولة الحديثة ومفاهيم المواطنة، ثم جاء العام 2016، الذى شهد صدور أول قانون لبناء الكنائس فى مصر، بعد كثير من الشد والجذب، ربما لا يكون القانون الحلم ولكنه خطوة على الطريق مثلما يقول البابا تواضروس إذ يعالج القانون قضية الكنائس غير المرخصة تلك التى بنيت بتفاهمات بين الأمن والكنيسة، دون أن تحصل على أوراق رسمية بعدما تسببت فى عشرات الاحتكاكات بين مسلمين وأقباط إذ يضمن القانون ترخيصها وفقا لشروط بنائية وأمنية تضمن سلامة الجميع، أما الشق الثانى فيقر بناء كنائس جديدة مسيحية فى أى مدينة جديدة يضمن بناء المزيد من الكنائس على الدوام، إضافة لكاتدرائية العاصمة الإدارية التى شهد الرئيس السيسى أول صلاة فيها.
على صعيد التمثيل النيابى نجحت دولة يونيو فى التخلص من فكرة أبعاد الأقباط عن البرلمان، وحصد النواب الأقباط بالمحاصصة الإيجابية والمنافسة الحرة لأول مرة فى التاريخ 53 مقعدا نيابيا، وهو رقم كبير بالقياس لسنوات سابقة، وهى تلك المنجزات التى يشهد بها البابا تواضروس، ويشيد بها فى كل مرة يلتقى فيها ضيف أجنبى من ملوك ورؤساء وحكام الدول الأجنبية والعربية.
البابا تواضروس نفسه، خرج عن عباءته الكهنوتية وارتدى العباءة الدبلوماسية وحمل على عاتقه الدفاع عن صورة مصر، فى كل مرة يستقبل فيها ضيفًا جديدًا بالكاتدرائية أو يسافر خارج مصر، فقد أصبح البابا سفيرًا للدولة المصرية يبعث برسائل للخارج يوضح فيها صورة ما جرى فى ٣٠ يونيو ووضع الأقباط الحالى بعد سنوات من التهميش.