يحتفى الشعب المصرى بالذكرى السادسة لثورة "30 يونيو" المجيدة، بعد أن نجح الشعب بكل أطيافه وشرائحه بكل ما أوتوا من قوة من إزاحة جماعة الإخوان الإرهابية من سدة الحكم ومن المشهد بكاملة، الأمر الذى أدى معه لقيام الجماعة بقيادة التنظيم الدولي للإخوان بالتخطيط للانتقام من الشعب.
محاولات الجماعة المستميتة للانتقام من الشعب كشفت الستار عن المخطط الإجرامي للإخوان الذى اعدته لهدم مصر عن طريق السعي لـ"أخونة الدولة"، أو بالأحرى «أخونة القضاء»، فقد كشفت فترة حكم الإخوان الخلايا الإخوانية النائمة بالمؤسسة القضائية، على الرغم من أن "قانون السلطة القضائية" يُجرم ويُحرم على القاضى عملية الإشتغال بالعمل السياسى.
القاضي لا يعمل بالسياسة
ومن المتعارف عليه والذى يُعد من الثوابت العامة أن للقاضي "ضمير" من المفترض أن يحثه على تحقيق العدالة باعتباره الملاذ الوحيد والهدف وأن منصة القضاء هي بيته، بإغتبار إن القاضي لا يطرق أبواب السلطة ولا يخالف القوانين سعياَ وراء المناصب والمال والشهرة، إلا أن الوقائع والأحداث التى توالت بعد ثورة 30 يونيو كشفت لنا أن بعض القضاة لهثوا وراء ملاذاتهم وأغرتهم الجماعة الإرهابية بالأموال، ما أدى لانسياقهم خلفهم وعصبوا أعينهم عن مصلحة الدولة وسعوا في هدم أركانها، إلا أن الأحكام القضائية كشفت سترهم وعملت على إقصائهم خارج بيت القضاء أو فى ما يعرف بـ"تطهير القضاء نفسه بنفسه".
البداية
بداية كشف مستور إختراق جماعة الإخوان للقضاء جاءت بشكل واضح ومفضوح بعد أن أعلن من أطلقوا على أنفسهم بقضاة تيار استقلال القضاء رفضهم التام: "إزاحة محمد مرسى مطالبين بتفعيل الدستور، ليعود ساريًا ليحكم الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية"، بهذه الكلمات، استهل المستشار الهارب وليد شرابي، عضو حركة قضاة تيار الاستقلال، بيانه من منصة رابعة العدوية في يوم "24 يوليو 2013"، الذي أكد فيه أن 73 قاضيًا وقعوا عليه، وأنهم يرفضون الاعتداء على الشرعية الدستورية، وعُرف هؤلاء القضاة باسم "قضاة البيان".
بيان رفض عزل مرسى
بهذا البيان سالف الذكر انكشف ستر بعض القضاة من خلال الظهور في المشهد الإخواني، باعتصام رابعة العدوية المسلح وانضمامهم للمنصة وإعلانهم تأييد محمد مرسى، وذلك بالمخالفة لقانون السلطة القضائية الذي يُحرم ويُجرم العمل السياسي في الحقل أو السلك القضائي، حيث وقف "قضاة البيان" داخل منصة إعتصام رابعة وأعلنوا بشكل قاطع أمام الجميع وعلى الهواء مباشرة من خلال البيان رفض عزل محمد مرسي، بعد أن سيطر "الوهم" عليهم بأن جماعة الإخوان ستنجح في فرض السيطرة على الشعب المصري والاستمرار في سدة الحكم إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهى السفن وبدأ الصدام.
نادى القضاة يتصدى للبيان
وفور صدور البيان، تحرك نادي قضاة مصر بشكل واضح و سريع من خلال التقدم ببلاغ رسمى ضد "قضاة بيان رابعة"، لمجلس التأديب والصلاحية، مطالباَ بعزلهم حيث تتضمن البلاغ حافظة مستندات أرفق بها مقاطع فيديوهات وبيانات رسمية وتصريحات تثبت تورطهم مع جماعة الإخوان الإرهابية في العمل السياسي، ما أدى إلى صدور حكم قضائى، فى 14 مارس 2015 عُزل فيه مجلس التأديب والصلاحية، 31 قاضيا، وأحال 10 آخرين للمعاش فى اتهامهم بالعمل السياسى والتوقيع على بيان دعم الرئيس المعزول محمد مرسي، فضلاَ عن براءة 23 قاضياَ.
الأعلى للقضاة يعزل 31 قاضياَ
المجلس الأعلى للقضاء أكد في أسباب حكمه، أن هناك مخالفات جسيمة وقعت من «قضاة البيان» وعلى رأسهم القاضي ياسر محمد أحمد محي الدين، الذى قالت عنه : "لا يصلح البتة لتولي القضاء، بعدما أقر صراحة أمام المجلس بمشاركته مع غيره من القضاة في إصدار بيان رابعة المؤيد لجماعة الإخوان، الذي تلاه شقيقه القاضي محمود محي الدين، بالإنابة عن مجموعة من القضاة في المركز الإعلامي داخل مقر الاعتصام، وتصميمه حتى ختام المرافعات على كل ما ورد فيه، بما يؤكد أنه بعد أن ضل لا زال في ضلاله".
كلمات نارية
الأعلى للقضاء شن هجوماَ لاذعاَ ضد "قضاة البيان" للمحافظة على الدولة المصرية وللتأكيد على أنه الأمر لن يمر مرور الكرام حيث قال فى حيثيات الحكم أن هذا الأمر من صميم السياسة المحظور على القضاة الاشتغال بها أو الاقتراب منها أو حتى الإدلاء برأي فيها، وفيه خروج بالغ فادح وفاضح عن نطاق العمل القضائي، وشذوذ جسيم عن التقاليد القضائية الراسخة التي تلزم القاضي بحدود لا يتجاوزها، فهو قاض وليس شخصية عامة، ومن ثم فعليه أن يلزم محرابه عاكفا على عمله القضائي، ينأى بنفسه السياسة بما لها وما عليها، ولا يجهر برأي في الشؤون العامة للبلاد، أو يشارك في مجلس يناقشها علنا أو في إلقاء بيان بشأنها، لما في ذلك من تأثير في السياسة وتأثر بها.
القاضي ينبغي عليه أن ينأى بنفسه عن الإعلام
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد سطر حكم مجلس التأديب مبدأ قضائياَ بأن القاضي ينبغي عليه أن ينأى بنفسه عن الإعلام، فيعلو بشخصه ومنصبه عنه، فلا يظهر فيه قصدا أو يتحدث إليه ولا يدلي بأي بيان أمامه أو يشارك في إعداده أو يؤزار ملقيه، خاصة إذا كان كالبيان محل الاتهام وفي الظروف التي أعد وألقي فيها.
قائمة بيان رابعة
وضمت قائمة قضاة «بيان رابعة» كل من: "عمرو شهير ربيع درويش، ومحمد أحمد سليمان، وإسلام محمد سامي جمعه، وأمير السيد عوض، ومحمد أبوبكر عبدالظاهر، ومحمد ناجي درباله، وأحمد محمد كساب، وياسر محمد محي الدين، وعلاء الدين أحمد عبدالحافظ، وصفوت محمد حفظي، وسامح أمين جبريل، وحسن عبدالمغني عبدالجواد، ومصطفى أبوزيد، وأحمد محمد صابر عبدالرحمن، وعمر عبدالعزيز على أحمد، وأسامة أحمد ربيع".
وكذلك "ضياء محمد حسانين، ومحمد عبد اللطيف الخولي، ويوسف سيد مرسي، وخالد سعيد عبدالحميد فوده، وحسام الدين فاروق مكاوي، ومحسن فضلي، وحسن ياسين سليمان، ومحمد عزمي عزت الطنبولي، والسيد عبدالحكيم محمود، وحمدي وفيق زين العابدين، ومحمد وفيق زين العابدين، وبهاء الدين عبدالمغني، والسيد عباس عبدالدايم، وهاني صلاح عبدالواحد، ومحمد أنور متولي، ومحمود محمد محيي الدين".
قضاة من أجل مصر
وعلى جانب أخر، كان هناك مجموعة أو جماعة أخرى من القضاة عملت في الخفاء في بادئ الأمر ثم أعلنت عن نفسها عُرفت بـ"قضاة من أجل مصر"، فقد سلكوا أيضا مسار الثورة المضادة ضد الدولة حيث كانوا أول من أعلنوا المواقف السياسية من خلال تشكيل الجماعة التي أعلنت نتيجة الانتخابات الرئاسية قبل اللجنة الرسمية المنوط بها وأعلنوا فوز الرئيس المعزول محمد مرسي ولم يكتفوا بذلك بل هاجموا ثورة 30 يونيو.
قائمة قضاة من أجل مصر
هذه المجموعة هي الأخرى انتهى بها الحال بإحالة جماعة "قضاة من أجل مصر" لمجلس التأديب واحالتهم للمعاش حيث ضمت القائمة كل من: «عماد محمد أبو هاشم القاضى من الفئة (أ) بمحكمة المنصورة الابتدائية، وحازم محمد محمود صالح الرئيس من الفئة (أ) بمحكمة المنصورة الابتدائية، ومصطفى دويدار الرئيس من الفئة (أ) بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية، ومحمد عطاالله محمد عطا الرئيس من الفئة (أ) بمحكمة المنصورة الابتدائية، وعماد محمد البندارى الرئيس من الفئة (أ) بمحكمة بنها الابتدائية، وأيمن محمد يوسف مصطفى القاضى بمحكمة دمياط الابتدائية، وأحمد محمد أحمد رضوان القاضى بمحكمة الجيزة الابتدائية، وسبّب مجلس التأديب الحيثيات بأن "قضاة من أجل مصر"، اخطأوا حين شاركوا في الاعتصامات المؤيدة للرئيس الأسبق محمد مرسي عقب عزله بميداني رابعة العدوية بالقاهرة، ونهضة مصر بالجيزة، ما يدلل على تأييدهم لفصيل سياسي بعينه على حساب الدولة.
قضاة فيس بوك
معركة الدولة ممثلة فى القضاء النزيه والشريف لم تتوقف عند "قضاة البيان" و "قضاة من أجل مصر" بل استمرت المعركة مع "قضاة الفيس بوك"، الذين اتخذوا من صفحاتهم على مواقع التواصل "فيس بوك" و"تويتر" منصة لشن هجوم على الدولة وسياسية الرئيس وانتقاد القرارات الاقتصادية وتم علي أثرها إحالة عدد من القضاة للتفتيش القضائي.
قائمة قضاة "فيس بوك"
فقد صدر قرار بعزل المستشار السابق، مدحت الملط، وصدر ضده حكما قضائيا، استنادا لاتهامه بالنشر على حسابه الشخصي على موقع "فيسبوك" تدوينة من شأنها انتقاد السلطة القضائية والشأن العام، وكذلك المستشار محمد عبدالحميد حمدي، أحد القضاة الصادر ضدهم حكما أوليا بالإحالة للمعاش، لاتهامه بالانتماء لحركة قضاة من أجل مصر، جاء في أسباب عزله من القضاء أنه دون عبر صفحته على موقع "فيسبوك" ما يدينه، كما صدر ضد المستشار هاني عبدالواحد، حكما بالإحالة للمعاش، بسبب تدوينات نشرها على موقع «فيسبوك» إلى جانب اتهامه بالتوقيع على بيان يؤيد شرعية محمد مرسي.
قضاة الإخوان الهاربون لتركيا
وبذلك تكون المعركة قد انتهت مع قضاة الداخل، فكانت هناك معركة أخرى تجرى رحاها مع قضاة الإخوان الهاربون لتركيا، حيث دأب عدد من قضاة الإخوان الذين آثروا الهرب إلى تركيا وقطر والتعاون مع الجماعة الإرهابية على إثارة الفوضى من خلال دعواتهم التخريبية، وبدأوا في تسخير جهودهم وعملهم في القانون واستغلاله لإشعال الفتن، لكنهم لم يدركوا أن السحر قد ينقلب على الساحر لتبدأ الصرعات الداخلية بينهم، وكان من بينهم "المستشار وليد شرابى، والمستشار عماد أبو هاشم".