لم أكن أتخيل عظمة المشهد، عندما أبلغنى الدكتور أشرف حاتم، مستشار الحكومة المصرية بالجامعة الأمريكية بضرورة زيارة معبد "دندور" بمتحف الميتروبوليتان بولاية نيويورك الأمريكية، تزامنا مع حضور فعاليات اجتماعات مجلس أوصياء الجامعة الأمريكية هناك.
تركته يجهز حقائبه للسفر وتحركت منطلقا ناحية هذا المعبد المصرى؛ للإطلاع على موقعه وعدد زواره، كانت المسافة تبعد مقدار النصف ساعة تقريبا حتى أوصلنى قائد الطريق الإلكترونى "Google Map" إلى متحف الميتروبوليتان، رأيت فى البداية مئات من السياح يلتقطون الصور التذكارية أمام المتحف، ويشاهدون بعض العروض التى نفذها متخصصون؛ للحصول على المال.
بعد الانتهاء من إجراءات التفتيش المعتادة، وجدت ملكا مصريا قديما يجلس ببهو متحف الميتروبوليتان ويتوافد عليه الزوار لالتقاط الصور معه، توجهت مباشرة نحو الشباك المخصص للتذاكر وعندما عرفت المسئولة عن إصدار التذاكر للزوار التى يبلغ قيمتها نحو 25 دولارا وتم تخصيص عدد من الخصومات للطلاب لجذبهم لزيارة هذه العظمة التاريخية، أننى صحفى مصرى أصرت على منحى تذكرة المرور بالمجان، قائلا: "هذه حضارتكم وهذه آثاركم يتمتع برؤيتها العالم كله".
بعد هذه الكلمات صغيرة الحجم، قليلة العدد، شعرت بفخرى الشديد الذى جعلنى أتأمل قليلا فيما فعله لنا آباؤنا وأجدادنا الفراعنة من قيمة وقامة بين شعوب الأرض المختلفة حتى بعد مضيهم وذهاب عصرهم، قبل أن أرد عليها بإيمائة تعبر عن شكرى وامتنانى، حتى أدخل إلى الحجرات المختلفة التى ضمها معبد دندور المصرى بمتحف الميتروبوليتان الأمريكى.
حرصت الولايات المتحدة الأمريكية على تقسيم المتحف إلى العديد من الحجرات التى تضم كل منها نوعا معينا من الآثار سواء المصنوعة من الفخار أو القماش أو الخشب كالسفن التى تعبر عن انتقال أجدادنا المصريين عبر البحار وكذلك التماثيل الكبيرة التى وضعت داخل المتحف وتعبر عن معبد دندور الفرعونى.
"معبد دندور" هو معبد مصري قديم من العصر الروماني كان موجودا بالنوبة المصرية ويوجد الآن في متحف المتروبوليتان بنيويورك منذ عام 1978م، وكان يقع على الشاطئ الغربي للنوبة وعلى بُعد حوالي 20 كم جنوب كلابشة وحوالي 77 كم إلى الجنوب من أسوان أمام قرية دندور.
وشيد المعبد الحالي في عهد القيصر أغسطس على أنقاض معبد قديم يعود لعصر الأسرة الـ 26، كان مخصصا لعبادة إيزيس ربة فيلة بالإضافة إلى بطلين من أهل المدينة هما باتسى و باحور وتم تأليه هذين البطلين بعدما غرقا فى النيل.
المعبد الحالي أعاد بنائه أغسطس بعدما أرسل حملات تأديبية للنوبة بقيادة الجنرال الروماني Petronius، و ذلك من أجل إنشاء منطقة عازلة على حدود الإمبراطورية الرومانية آنذاك، وبعد تأمين هذه المنطقة أقام الرومان العديد من المعابد باسم أغسطس لربط الديانة المحلية بعبادة الإمبراطور.
تم تحويل المعبد إلى كنيسة فى القرن ميلادي على يد ملك نوبى
وشيد المعبد من الحجر الرملى، يتقدم المعبد رصيف طويل يطل على النيل، وكان المعبد في الأصل محاطا بسور من الطوب اللبن، في وسط الجدار بوابة ضخمة ،مقياس 25 متر من البوابة الأمامية إلى الخلف، وثمانية أمتار من أعلى نقطة حتى أدنى نقطة به، وغرفة الهيكل المطلة على النيل 30 متر عرضا، وتوجد حوائط تحيط المعبد من البوابة الثانية لتفصل الهيكل عن مياه النيل، واجهة المعبد مكونة من عمودين يعلوهما تيجان نباتية مركبة، والأعمدة متصلة بالجدران الجانبية عن طريق ستائر جدارية، واجهة المعبد تؤدى إلى الصالة الأولى، على واجهة هذه الحجرة تتكرر مشاهد للأمبراطور يقدم القرابين.
وتتكرر نفس المشاهد مع بعض الاختلافات على الجدران الداخلية للصالة، وفى الجانب الجنوبي من هذه الغرفة يوجد مدخل تمت إضافته فى القرن السادس الميلادي بعدما تحول المعبد إلى كنيسة، ويوجد نقوش علي نفس البوابة من الداخل تمثل قرص الشمس المجنح يعلوه جعران مجنح ممسك بالشمس، ويحيط بالمدخل ثعباني كوبرا ، علي اليمين كوبرا ترتدي التاج الاحمر الذي يمثل مصر السفلى، وعلى اليسار كوبرا ترتدى التاج الأبيض الذي يمثل مصر العليا، ويلتف كل ثعبان على ساق نبات البردى، كما يظهر على يمين المدخل إيزيس ترتدى رداء ضيق و ترتدى التاج الحتحورى المكون من قرنى الثور بينهما قرص الشمس، وفوقه العرش - العرش في الهيروغليفية هو الرمزالدال علي اسم ايزيس - كما ترتدى غطاء رأس على نسر.
يأتي بعد ذلك ال antechamber وهي صالة تتقدم قدس الاقداس و جدران هذه الصالة لا يوجد عليها نقوش ماعدا رسم لياب وهمي عليه نقوش لأشخاص تبين البطلين يتعبدان للألهة ايزيس، ثم حجرة قدس الاقداس بها قاعدة كان يوضع عليها الزورق المقدس المستخدم في الاحتقالات الدينية، هذه القاعدة كانت مجوفة من الخلف حيث كانت تستخدم لأخفاء الكاهن بينما يتكلم بأسم الاله،
والمعبد مزين جزئيا بنقوش قاعدة المعبد مزينة بنقش نبات البردي واللوتس التي تنبت من النيل والتي ترمز إلى الإله حابي، وأعلى بوابة المعبد مزينة بقرص الشمس المجنح والذى يرمز إلى الإله حورس، وعلى الحوائط الخارجية يصور الأمبراطور أغسطس كفرعون وهو يقدم العطايا إلى الآلهة إيزيس وأوزوريس وولدهما حورس، ويوجد تصوير مشابه فى الغرفة الأولى من المعبد يظهر فيه أغسطس يصلى ويقدم العطايا للآلهه، وتوجد على باب الغرفة الوسطى للمعبد نقوش للبطلين باحور وباديسه وهما يتعبدان للألهه إيزيس وأزوريس.
وخلف المعبد هيكل منحوت في الصخر يرجح وجوده قبل تشييد المعبد ويعتقد أنه يرجع للأسرة السادسة والعشرين، وعند انتشار المسيحية تحول الجزء الأوسط من المعبد إلى كنيسة زالت آثارها إلا بعض النقوش القبطية، حيث توجد بعض النصوص التي سجلت فوق جدرانه مكتوبه باللغة القبطية تتحدث عن تحويل هذا المعبد إلى كنيسة ويبدو أنها سجلت حوالى عام 577 ميلادية وأوصى بتسجيلها الملك النوبى اكسيا نومى.
وتم نقل المعبد من مكانه الأصلى في عام 1963م لإنقاذه من الغرق بعد بناء السد العالي بأسوان، وتقديرا للجهد الذي بذلته الولايات المتحدة الأمريكية في الحفاظ على آثار النوبة من الغرقة تم إهداء معبد دندور إلى الحكومة الأمريكية، وقد قامت الولايات المتحدة بمجهود كبير لنقله حيث كانت حجارة المعبد تزن أكثر من 800 طن وبلغت أكبر قطعة حجرية 6.5 طن، وتم نقله في 661 صندوق بواسطة شركة الشحن الأمريكية إس إس كونكورديا ستار، وفي 27 أبريل عام 1967م تم منحه لمتحف المتروبوليتان والذي قام بإجراء تعديل كبير في المتحف أوائل السبعينيات لتشييد جناح جديد ليشغله معبد دندور الذي بدأ العمل في إعادة بنائه في 15 يونيو 1975 و تم إعادة تركيبه بنفس شكله القديم.
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام
اشعر بحزن شديد عميق وغيرة على اثار اجدادي" ليس من حق احد اهداء التاريخ"
رغم حبي الشديد للرئيس العظيم الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله فإنني استنكر قيامه باهداء خمس معابد واحدة لأمريكا وواحد لأسبانيا وآخر لإيطاليا وآخر لهولندا والأخير لألمانيا فتاريخ اجدادي المصريين القدماء لا يهدى لأحد فقد بنوه بالدم والعرق. تحيا مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
حسين ابو اليسر
اين المعبد
كل الصور المعروضة عبارة عن قطع اثار لحضارتنا العظيمة هل تم اهدائها مع المعبد ام تم سرقتها لكى الله يامصر فى كل هذا الكم الهائل المنهوب من اثارنا الخالدة
عدد الردود 0
بواسطة:
على الدين
لم يتم إهداء أى آثار لنا لأى دولة فى الخارج
ولكن كانت أمريكا وغيرها حينما كانت آثارنا على وشك الغرق فى النيل بسبب بناء السد العالى ولم يكن فى إستطاعتنا إنقاذها بإمكانياتنا الضعيفة لأننا دولة زراعية وقتها أستغلت الدول الأجنبية ذلك وعرضت علينا نقل هذه الآثار وكتبت فى العقود المبرمة بيننا أنها ستأخذ معبداً أو غيره مقابل هذه المساعدة . لا يوجد شيئ فى التاريه يسمى مساعدة بدون ثمن يدفع أو مصلحة تتم مقابلها .