كل التنظيمات الإرهابية من القاعدة إلى الإخوان مروراً بداعش تستخدم تطبيق تليجرام الروسى فى عملياتها الإرهابية، وفى إرسال التعليمات والتكليفات إلى أعضائها وفى عمليات الحشد والهجمات الإلكترونية
كل العمليات الإرهابية الكبرى فى العالم، كان تطبيق تليجرام قاسما مشتركا بينها، هجمات باريس 2015، وهجوم سوق عيد الميلاد فى برلين 2016، والهجوم على الأكمنة فى شمال سيناء وحادث الدرب الأحمر الأخير، وكذلك هجوم ليلة رأس السنة 2017 على الملهى الليلى بإسطنبول، فالتطبيق الذى دشنه الروسيان نيكولاى وبافل دروف عام 2013 يوفر للمجموعات الإرهابية أعلى معدل أمان، فهو يقدم تشفيرا محكما للرسائل من المرسل إلى المستقبل، كما يوفر إمكانية تكوين مجموعات بأعداد كبيرة جدا تصل إلى ثلاثين ألف عضو، بينما لا يسمح واتس آب مثلا إلا بمائتين وخمسين عضوا فى المجموعة تقريبا، كما يسمح لأعضائه بمسح الرسائل بعد إرسالها، الأمر الذى يمنح الإرهابيين حصانة من التعقب أو تتبع مراسلاتهم.
وعندما أراد زعيم تنظيم الإرهابى أبو بكر البغدادى الظهور للناس بعد سنوات من الاختفاء اختار تطبيق تليجرام ليظهر من خلاله ويستقبل مساعديه ويبث فيديو خصيصا بهذه المناسبة
وعندما أراد تنظيم القاعدة أن يصدر مجلة دورية إلكترونية اختار تطبيق تليجرام ليصدر من خلالها مجلته التى تعلن أخبار التنظيم وتنقل التعليمات إليهم، والأمر كذلك بالنسبة لتنظيم داعش والخلايا المسلحة التابعة لجماعة الإخوان، مثل حسم ولواء الثورة فجميعها تنشر الصور والمعلومات والفيديوهات والأخبار والتعليمات المشفرة عبر تطبيق تليجرام، كما تنشر صور عملياتها الإرهابية وتفخر بها.
إذن ، نحن ببساطة لو أردنا وضع قاعدة بيانات للتنظيمات الإرهابية فى العالم يمكن أن نكتفى بتطبيق تليجرام وما عليه من مواد فيلمية ومصورة وصفحات موجهة، ليكون تحت أيدينا مادة معلوماتية وافية عن الإرهاب وتنظيماته وكيفية إدارته للعمليات الإجرامية فى العالم، كما يمكن للإرهابيين من خلال التطبيق تجنيد الأعضاء الجدد من أوساط الغاضبين والمحبطين والعاطلين بسهولة كبيرة، بل يمكنك أن تعقد صداقة مع أبوبكر البغدادى أو أى من قيادات التنظيمات الإرهابية، وأن تتبادلوا الحديث والمعلومات ببساطة، وأنت آمن تماما على سرية محادثاتك والمعلومات التى تنقلها بفضل خصائص تليجرام المذهلة.
السؤال الآن، هل يغيب هذا الكلام عن الدول الكبرى والصغرى؟ لا. طيب ما موقف دول العالم من هذا التطبيق الذى يمثل منتدى الإرهاب والإرهابيين ووسيلة الإجرام المثالية فى العالم؟ روسيا وقلة من الدول تحظر التطبيق على أراضيها، لكن الولايات المتحدة وأوربا وغيرها من المناطق المهمة فى العالم لا تتخذ أى خطوات وقائية ضد التطبيق، بينما تخوض الأجهزة الروسية - كما يبدو فى الظاهر – جدلا كبيرا مع مؤسسى التطبيق الروسيين «واخد بالك»، من أجل السماح لها بالوصول إلى بيانات الجماعات الإرهابية، وفى الوقت نفسه رفض مؤسسا التطبيق الأخوان دروف، عرضا ضخما يتجاوز الـ5 مليارات دولار لبيع التطبيق لشركة أمريكية، كما رفضا التعاون مع الأجهزة الأمنية الأمريكية بوضع ثغرة فى التطبيق تتيح لأجهزة الأمن الحصول على بيانات الجماعات الإرهابية.
كأن الأخوان دروف يصممان ويرعيان جنة إلكترونية لخدمة الإرهاب والتنظيمات الأشد خطورة فى العالم، أو كأن التطبيق الروسى جزء أساسى من الحرب الحديثة الدائرة بين المعسكر الشرقى بزعامة روسيا والصين والمعسكر الغربى بزعامة الولايات المتحدة، وما التنظيمات الإرهابية التى تحتفظ موسكو بداتا كاملة عنها عبر تطبيق تليجرام إلا ورقة شديدة الأهمية فى تلك الحرب العالمية فى الفضاء الإلكترونى.
طيب، كيف يمكننا نحن أن نحمى أمننا فى مصر؟ وأن نوجه ضربة للتنظيمات الإرهابية التى تستهدف مصر والمصريين؟ نبدأ بحظر التطبيق فى مصر لقطع الشرايين المعلوماتية وقنوات التكليفات والحسابات التى تسهل التواصل بين الإرهابيين وخلاياهم النائمة فى مصر والأجهزة الاستخباراتية والقيادات فى الخارج.
هذه خطوة أولى وضرورية تتلوها خطوات أخرى من خبراء المعلومات والأمن السيبرانى عندنا، وللحديث بقية.