معظمنا نميل للطابع الاجتماعى ونعشق الحديث مع الآخرين، و"الفضفضة" مع الغير حتى لو كان الحديث عن أسرار ومعلومات تخصنا، فنبوح بها دون أن ندرى، معتقدين بذلك أننا نزيل جبلا قابعا على قلوبنا.
الخطير فى الأمر أنه بين هؤلاء الأشخاص الذين نتحدث معهم ونثق فيهم، يوجد من يتربص بنا، يستغل هذه المعلومات فى تحقيق استفادة شخصية له، حتى لو وصل الأمر لقتل صديقه وعشرة العمر.
ما أقوله لك هنا، ليس حديثاً يفترى، وإنما هى حقائق ثابتة، تسطرها المحاضر عن جرائم القتل والسرقة التى تقع أحياناً ويكون بطلها أشخاص قريبون من الضحية بدرجة كبيرة، استغلوا أسرارهم وارتكبوا بموجبها العديد من الجرائم.
الأمثلة هنا كثيرة، والوقائع عديدة، لو كلفنا القلم بسردها لتعب ومل وما استطاع، لعل أبرزها مقتل مسن وزوجته فى حى الزيتون بالقاهرة، على يد جارهما، الذى كان يتردد عليهما باستمرار، حيث دأب الضحيتان على استضافة المتهم بشقتهما، ومن خلال هذه الزيارات تسرب لمسامع المتهم أنباء عن امتلاك المسنين للأموال، فى الوقت الذى كان يحتاج فيه لبعض المال، فاختمرت فى ذهنه فكرة سرقتهما، فتوجه لزيارتهما وبعد تقديم واجب الضيافة له، تسلل لغرفة نومهما لسرقتهما، لكن المسن شعر به، فأسكن المتهم سكيناً بجسده، وعندما حاولت زوجة القتيل الصراخ للاستنجاد بالجيران عاجلها بعدة طعنات وسرق 70 ألف جنيه وهرب، ليتم القبض عليه لاحقاً.
هذه الجريمة من هذا النوع ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، حيث يستغل أشخاص غير أسوياء المعلومات والأسرار لارتكاب الجرائم، وبدلاً من وضع سرك فى "بير" يضعك أنت فى "البير" ذاته، فـ"الفضفضة" التى نبوح بها أحياناً لآخرين تحولنا لمجنى عليهم.
عظيم أن نتحدث مع آخرين، ونستريح معهم فى الكلام، خاصة هؤلاء الأصدقاء المخلصين الذين نحدثهم دوماً عن الألم فيحدثونا عن الأمل، لكن الأخطر أن نلقى بأسرارنا لأشخاص لا نثق فيهم، فينتهزون أول فرصة للانقضاض علينا، أو على الأقل تسريب المعلومات والأسرار التى نبوح بها لهم لأشخاص الآخرين، بالرغم من أن كلامنا معهم ينتهى بجملة:"ما تقولش لحد"، لكنهم "لا ينسوا أحدا" فى توصيل السر له.
أسراركم شىء ثمين، فاستودعوها عند من يصونها ويحافظ عليها، لا تتعجلوا بالحديث مع هؤلاء الأشخاص الذين يجعلون "سيرتكم على كل لسان"، أو من يستغلون هذه المعلومات لتحقيق مكاسب شخصية على حسابكم.. فاحذروهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة