قتل مسلحون 3 دبلوماسيين أتراك بمدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق أحدهم نائب القنصل التركي فى العراق ومرافقين، ولاذوا بالفرار، فى جريمة تختلف ملابساتها ودوافعها وموقعها كل الاختلاف عن تلك التى ارتكبها شرطى تركى وقتل السفير الروسى فى قلب أنقرة فى 19 ديسمبر 2016، لكن المؤكد أنه لا يمكن فصلهما عن سياسة النظام التركى سواء فى داخل تركيا أو سياستها القمعية وجرائمها تجاه الأكراد.
انقلب السحر على الساحر، فسياسة النظام التركى فى دعم وتمويل التنظيمات المسلحة ومنحها الملاذ الأمن فى الداخل وتجنيده للمقاتلين وتسهيل عبورهم إلى الأراضى السورية حيث لهيب حرب دائرة لا تعرف التوقف، حطب هذه النار يتم جلبه من داخل أنقرة تحت إشراف كامل من النظام، كل هذه السياسات عزز من الأفكار المتشددة داخل تركيا لتغذى عقول الأتراك بالأفكار المتطرفة.
وبالمثل غذت سياسات القمع التركية تجاه المكون العرقى " الكردى " للشعوب العراقي والسورى وحتى التركى، روح الانتقام، فالحادث بحسب مراقبين يمكن قراءته فى سياق انتقام كردى من جرائم أنقرة بحق الأكراد، حيث شهدت السنوات الأخيرة عمليات عسكرية تركية انتهكت سوريا والعراق لإبادة عرقية للأكراد بذريعة مكافحة تنظيم داعش الإرهابى، ويرجح عدد من المراقبين أن يكون الحادث تمهيدا لتعزيز العمليات التركية ضد العراق، والمزيد من القمع بحقهم.
وإذا ألقينا نظرة على سلوك النظام التركى تجاه الأكراد فى السنوات الماضية، نجد أنه اتخذ من الحرب على داعش والمنظمات المتطرفة التى تقاتل فى سوريا المدعومة من نظامه ذريعة لشن غارات على الوجود الكردى، ففى يوليو العام الماضى قام بشن غارات جوية لضرب مخيمات لناشطين من حزب العمال الكردستانى شمال العراق، وخرق اتفاق الهدنة بين أنقرة ومقاتلى الحزب التى وقعت عام 2013، وكانت بدعوى دك معاقل داعش، وهو ما يفسر تخوّف أنقرة من قيام كيان كردى من أكراد العراق وسوريا على الحدود التركية.
مسرح الجريمة
أما أكراد الداخل التركى، فهم يمثلون حوالى 15 أو %20 من سكان تركيا، وعاشوا صراعًا متأصلًا مع الدولة التركية، بعد أن وضع أتاتورك مبادئ عامة جعل فيها القومية التركية القومية السائدة فى تركيا، وعاملت السلطات التركية الأكراد معاملة قاسية، وقاتل الأكراد داخل تركيا لسنوات من أجل الحكم الذاتى، وهو ما أثار مخاوف لدى أردوغان من أن يعلن أكراد سوريا وكردستان العراق قيام كيان أو دولة كردية على الحدود التركية السورية، تهدد وحدة بلاده.
ويعتبر النظام التركى أن قيام أى كيانات كردية على حدوده خط أحمر، اذ يعترى أردوغان رعب من تحركات العمال الكردستانى فى العراق والاتحاد الديمقراطى لأكراد سوريا، وهو ما يجعله دائم التذرع بتوجيه ضربات إلى المقاتلين الأكراد، واعتبارها منظمات إرهابية، وباعلان عمليات تركية جديدة دخلت أنقرة فى مواجهة جديد مع أكراد سوريا، وحذر الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي لأكراد سوريا صالح مسلم أنقرة وقال أنها "ستفقد الكثير في المستنقع السورى".
وفى صيف عام 2016، خرجت الجيوش التركية على الحدود السورية التركية فى مدينة طرابلس شمال سوريا لإطلاق عمليات"درع الفرات" العسكرية، وإيهام العالم، بأن الدولة التركية تطهر تلك المناطق من تنظيم "داعش" الارهابى، وأعلن وقتها الرئيس رجب طيب أردوغان أن الهدف من العمليات هو وضع حد للهجمات التى تستهدف تركيا من داخل الأراضى السورية، وإزالة المخاطر الناجمة عن تنظيم "داعش" وحزب "الاتحاد الديمقراطى" الكردى فى سوريا.
وفى يناير 2018 جددت تركيا مواجهتها مع أكراد سوريا، خلال عملية عسكرية جديدة برية وجوية في سوريا شنها الجيش التركي، تحت مسمى "غصن الزيتون" يستهدف فيها مواقع تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية رغم دورها الكبير في الحرب ضد داعش في سوريا، لكن النظام التركى يعتبر أن لها صلات قوية بحزب العمال الكردستانى، في منطقة عفرين التى يسيطر عليها الأكراد وتقع شمال غرب محافظة حلب تحدها تركيا من جهتى الشمال والغرب، وهي على تماس مع منطقة اعزاز الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة من جهة الشرق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة