خالد ناجح

أردوغان.. رصيدك أوشك على النفاد

الأحد، 21 يوليو 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
السياسات الخاطئة مصيرها الانهيار.. هذا ما حدث مع تعالى وتسارع الأصوات المعارضة للرئيس التركى رجب طيب أردوغان، بعد مواصلة الاقتصاد التركى لانهياره التدريجى، ما يضع تركيا على المحك تزامنًا مع الخسائر السياسية والعسكرية المتلاحقة فى كل الميادين، داخليا وخارجيا، أدت إلى تراجع حاد فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الأعوام الأخيرة، ولم ينفصل ذلك عن رؤية المؤسسات الدولية حول تراجع الاقتصاد التركى، إذ خفضت وكالة «فيتش» للتصنيفات الائتمانية تصنيفها للديون السيادية لتركيا من «BB» إلى «BB-» مع نظرة مستقبلية سلبية، بل كان عزل محافظ البنك المركزى برهانًا على تدهور فى استقلالية البنك وتماسك السياسة الاقتصادية التركية ومصداقيتها، كما قفز التضخم إلى 25% مسجلا أعلى مستوى له فى 15 عاما ماضية، بعد أن شهدت الليرة أسوأ أداء بعد أن فقدت نصف قيمتها مقابل الدولار، وهذا التراجع السريع والحاد للعملة التركية كان هو مفتاح جميع التراجعات التالية فى كل المؤشرات الاقتصادية الكلية لتركيا، وبهذا الانهيار أصيب الاقتصاد بالشلل التام، ودخل لأول مرة فى ركود اقتصادى كامل، وغطى اللون الأحمر كل المؤشرات وارتفعت البطالة إلى 11.1% مسجلة بذلك أعلى مستوياتها، ما يعنى أن المستثمرين والشركات قد يتخذون خطوات للدفاع عن ثرواتهم ستؤدى حتما إلى هروب رأس المال، وهذا ما أشار إليه الخبير فادى هاكورا بمعهد تشاثام هاوس البحثى فى لندن، مؤكدا أن استبعاد تركيا من برنامج «أف-35» وفرض عقوبات إضافية عليها قد يكون له تأثيرات مالية خطيرة على أنقرة، وقد يخيف المستثمرين العالميين ويهز الثقة فى السوق المالية التركية.
 
ولن تأتى المصائب فرادى بل دخلت بيت أردوغان نفسه، عندما تعرضت قرينته أمينة أردوغان لانتقادات حادة، بعدما شوهدت تحمل حقيبة يد ثمنها نحو50 ألف دولار خلال رحلة إلى اليابان.
 
وقال صحيفة «جمهوريت» التركية: إن الحقيبة «هرمس» يصل ثمنها إلى 50 ألف دولار، أو ما يعادل 288 ألف ليرة تركية، وهوالحد الأدنى لرواتب 11 شخصًا تركيا فى السنة، بينما يعانى شعبها من الجوع والبطالة، لكن «الاستايل أهم من العيش».
 
أما «على باباجان» وزير الاقتصاد ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الأسبق من 2002 حتى 2015، ورجل الاقتصاد الأول، وصاحب الفضل الجوهرى فى نجاح التجربة الاقتصادية «الأردوغانية»، لم يكن يدرى أن يأتى اليوم الذى يرى فيه كل ما بناه بيديه يتم هدمه من قبل رفيقه أردوغان الذى استقال من حزبه، بل ووجه له انتقادات لاذعة لسياسات أردوغان بل وشكلت استقالته «صفعة قوية» لرفيق الأمس. 
 
وتوترت العلاقات السياسية بين أردوغان ومسؤولين بارزين ومقربين منه فى حزبه بعد إصراره على الطعن بنتائج انتخابات بلدية أسطنبول، ومن ثم إلغاء فوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو فى تلك الانتخابات التى شهدتها عموم البلاد، وزاد قرار «اللجنة العليا للانتخابات» الذى قضى بإعادة الانتخابات البلدية فى أسطنبول، التى فاز فيها إمام أوغلو مجدداً، من حدة التوترات مرة أخرى بين أردوغان و«رفاق دربه» ومنهم غول وداوود أوغلو قبل أن يعلن باباجان عن استقالته بشكلٍ رسمى.
 
يبدو أن حزب باباجان ليس الأول، بل أتت هذه التطورات، بينما يواصل داوود أوغلوالذى ترأس حزب أردوغان فى السابق إلى جانب رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الخارجية، عزمه لإنشاء حزب سياسى آخر بالتزامن مع حزب باباجان، فى حين تتعالى الأصوات داخل تركيا المطالبة الرئيس التركى بقطع علاقته مع الإخوان مثل كليجدار أوغلو الذى طالب أردوغان بالتخلى عن جماعة «الإخوان»، التى تشكل العقبة الرئيسية فى وجه أى محاولات لتصحيح العلاقات الخاطئة، التى كرسها أردوغان، مع مصر والدول العربية، وأن تركيا إذا أرادت أن تكتسب دوراً مهماً فى سياستها الخارجية، فعلى أردوغان أن يتخلى عن جماعة «الإخوان»، متسائلًا فى استهجان: «من هم الإخوان؟ فمصالح الدولة التركية فوق كل شىء»، وهوما أيده أيضا المحلل السياسى التركى فائق بولوت فى مقابلة مع «العربية» أن زعيم أكبر أحزاب المعارضة فى تركيا، كمال كليغدار أوغلو، محق 100% بمطالبته أردوغان بقطع العلاقة مع الإخوان، ويضيف فائق: إن الحزب الحاكم ارتكب أخطاء كبيرة وهو فى مأزق عميق جداً، مؤكدا أنه فى داخل نفق مظلم، مشيرا إلى أن «خلفية أردوغان إخوانية والربيع العربى جعله يفكر بعثمانية جديدة تكون هى المسيطرة، والدول العربية تكون الحديقة الخلفية ولهذا دعم الإخوان لتحقيق ذلك المشروع الكبير».
 
أردوغان يعيش أسوأ أيامه، عقوبات أمريكية وأوروبية، وتصاعد الانشقاقات والتمرد داخل حزبه، تؤكد أنه أصبح مرفوضاً حتى من الدائرة المقربة، وهناك قناعة من المقربين له بأن سقوطه بات «مسألة وقت» فهذه الانشقاقات هى محاولة للقفز من قارب حزب العدالة الذى يسعى أردوغان بسياساته لإغراقه.
 
أما المحلل السياسى السعودى خالد الزعتر، فيرى أن حركة الانشقاقات والتمرد الحاصلة داخل حزب العدالة والتنمية ضد أردوغان، مع اشتداد أزمة تركيا الاقتصادية خاصة بعد العقوبات الأوروبية، والأمريكية المنتظرة، لن تكون محصورة على أعضاء حزب العدالة والتنمية بل سيمتد هذا التمرد للشارع التركى الذى يعانى من الأزمة الاقتصادية المتصاعدة.
بينما رصد مقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة - الخارجية الأمريكية على شبكة CNN، سنقتطف جزءا منه وهو:الآن وقد ولّت الذكرى الثانية لمحاولة الانقلاب الفاشلة على حكمه، أتساءل إن كانت متلازمة الفشل المتدحرج، إن جاز التعبير، قد تدفع إردوغان إلى انسحاب مسرحى من المشهد قبل أن يتولى آخرون مهمة إسدال الستار؟!
 
لعلنا نجد ناصحًا أمينًا يهمس بأذن أردوغان بالكف عن أوهام إحياء الخلافة أوالإمبراطورية العثمانية.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة