النقيب عمر القاضي، بطل من طراز خاص، بات أيقونة للشجاعة والتضحية بعد استشهاده في كمين البطل 14 بسيناء الحبيبة، وهو يدافع عن تراب الوطن، بعدما سطر برفقة زملائه ملحمة بطولية جديدة في سجل جهاز الشرطة.
إطلاق اسم البطل عمر القاضي على دفعة الشرطة 2019، كان بمثابة التكريم لاسم وروح الشهيد الأسطوري الذي يعد من أشرف الرجال في مصر.
والدة البطل تحدثت لليوم السابع، عن البطل، وأسرار حياته واللحظات الأخيرة قبل استشهاده، وتمنيه للشهادة عدة مرات قبل أن ترتقي روحه لبارئها مع تكبيرات العيد.
انت ربيت عمر أزاي كدا؟
"عرفت أربي وأكبر"، هكذا تحدثت عن البطل وشقيقه الذي يعمل ضابط شرطة أيضا، فكنت حريصة أن يكون الاثنين ملتزمين دينيا وخلقا، حيث كان الجميع يشهيد ب "عمر"، وتدينه وعلاقته الطبية مع الآخرين، لذا قال لي الرئيس عبد الفتاح السيسى لدى مصافحته لي أثناء تخرج دفعة جديدة من طلاب الشرطة وإطلاق اسم ابني عليها: "انت ربيت عمر أزاي كدا؟ ثم قبل رأسي".
تحملت مسئولة تربية عمر، خاصة بعدما رحل عنا والده، وهو طالب في الفرقة الثانية بكلية الشرطة، واجتهد وتخرج، وكان حريص على تحقيق حلم والده، أن يكون ضابط شرطة مشهود له بالكفاءة والخلق.
الأم تتحدث عن ابنها بعد وفاة زوجها، بصوت ممزوج بالأسى: فرحنا جميعا لدى تخرج عمر وعمله بالأمن المركزي، وكان خوفي عليه لا يتوقف، خاصة بعد اصابته في إصبعه، وكتفه في بعض الماموريات ، لكنه كان "راجل بمعنى الكلمة" وبطلا منذ نعومة أظافره حتى استشهاده.
قلب الأم لا يكذب أبدا
وعن يوم الاستشهاد تقول الأم، يومها كان قلبي حاسس بشىء ما " قلب الأم بقى" حاولت الاتصال به عدة مرات منذ الخامسة فجراً دون التمكن من الوصول اليه، وكان قلبي يحدثني بشىء ما، لكني تماسكت، وتصاعدت تكبيرات عيد الفطر المبارك، وذهبت لأداء صلاة العيد، وفوجئت بابني الثاني يقول لي أنه سيذهب لعمته "يعيد عليها"، وشعرت أن هناك أمراً ما لا يريد يخبرني به، سألته: فرد "مافيش حاجة يا ست الكل"، مع أن قلب الام لا يكذب أبدا.
تكمل الأم سرد اللحظات الاصعب في حياتها على الإطلاق، تعودت اتصفح الانترنت من هاتفي المحمول للاطمئنان على حال البلاد والأولاد، لكني اكتشفت ان الانترنت عير موجود، ولم أدري ان ابن عم ابني قطع سلك الانترنت حتى لا أعرف هذا الخبر ، لكن لم تمر سوى سويعات قليلة وعرفت بالأمر كله، وشعرت وقتها ان الحزن فالق كبدي.
كنت اتمنى أفرح به
عمر كان يتمنى الشهادة، فتقول الأم : كتب ابني عدة مرات على السوشيال ميديا يتمنى الاستشهاد ، حيث كتب :" لكل أجل كتاب، عيدوا انتم وأنا هستناكم هنا"، " ربما الموت يقترب منى، وأنا لا أشعر به لطفك يا الله في سكرة موتي أن تكون خاتمتي حسنة ثم الجنة".
بصوت مكلوم، تقول الأم ، كنت اتمنى أفرح به، فلم يخطب أو يتزوج بالرغم من إلحاحي عليه في هذا الأمر، وتم اقامة جنازة شعبية مهيبة له بمسقط رأسنا بالمنوفية.
الدولة لا تنسى ابناءها
عاش بطلا ومات بطلا، هكذا تحدثت الأم عن ابنها ، قائلة: شرفنا حيا وميتا، فقد سطر بطولات عديدة رغم عدم تجاوز عمره 25 سنة، وسأحتفل بعيد ميلاده الخامس والعشرين يوم 5 أغسطس المقبل ، لأني أشعر بانه معي في كل لحظة.
وحول اطلاق اسمه على دفعة الشرطة 2019، قالت والدة الشهيد عمر القاضي ، الدولة لا تنسى ابناءها و"عمر" لم يك ابني بمفردى وسيظل في ضمير ووجدان هذا الوطن، وأقول للخريجين الجدد من كلية الشرطة :" خلوا بالكم من نفسكم..وربنا يحافظ عليكم".
وكانت كلية الشرطة شهدت تخريج دفعة جديدة من طلابها أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى حرص على حضور الحفل بأكاديمية الشرطة فى القاهرة الجديدة.
وحضر الحفل، المهندس مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، واللواء محمود توفيق وزير الداخلية، وعدد من الوزراء، وشخصيات عامة، وقيادات أمنية سابقة، فضلاً عن عدداً من الإعلاميين ورؤساء تحرير الصحف.
وتعد أكاديمية الشرطة المصرية صرح علمى أمنى شامخ حملت على مر التاريخ مشعل العلم فى خدمة الأمن فهى ملحمة الوطنية ومصنع الرجال، والمتتبع لتاريخ أكاديمية الشرطة يكتشف أنها لم تتوقف عن الوفاء برسالتها فى إعداد وتأهيل رجال الشرطة المؤهلين على أعلى مستوى تعليمياً وتدريبياً وبحثياً فهى من أقدم أكبر أكاديميات الشرطة فى العالم وهى الأولى على المستوى الإقليمى صاحبة الريادة والمكانة على كافة المستويات والأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية.
وتسعى العديد من الجامعات وأكاديميات الشرطة فى العالم إلى توقيع بروتوكولات تعاون معها، وهى أيضاً تقوم بإعداد وتأهيل وتدريب العديد من الكوادر الأمنية ليس فقط على المستوى العربى المستوى الأفريقى والأسيوى والأوروبى وليس غريباً أنها تعد أول مؤسسة تعليمية فى المنطقة تمنح درجتى الماجستير والدكتوراه فى علوم الشرطة.
وتعد الأكاديمية جامعة عصرية متكاملة تسعى إلى تطبيق أحدث نظم التعليم والتدريب فى العالم لإعداد وتأهيل ضابط الشرطة المحترف والقادر على مواجهة التحديات الأمنية.
وتعد كلية الشرطة من أقدم الكليات فى منطقة الشرق الأوسط، حيث تم إنشاء مدرسة البوليس فى ثكنات عابدين 1896 لمدة 10 سنوات، ثم صدر أول قانون للمدرسة فى 1907 حتى 1924، حيث تعدل اسم مدرسة البوليس إلى كلية البوليس 1925 حتى 1952، وبعدها بعام تغير اسمها إلى كلية الشرطة حتى سنة 1974، وبعدها بعام أصبحت كلية الشرطة إحدى كيانات أكاديمية الشرطة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة