فى 15 أبريل الماضى، شهد العالم، واحدة من أكثر المشاهد حزنا فى العام الحالى، وربما فى العقود الأخيرة، بعدما اندلع حريق خطير فى مساحة سطح مبنى كاتدرائية نوتردام دو بارى فى باريس، فى تمام الساعة 18:50 بتوقيت وسط أوروبا الصيفى، حيث اجتاحت النيران الجزء العلوى من الكاتدرائية بما فى ذلك برجى الجرس والمستدقة المركزية التى انهارت.
ومنذ تلك التاريخ الكارثى، لازالت كنيسة "الأحدب" نسبة إلى رواية "أحدب نوتردام" التى اتخذت من الكنيسة الشهيرة أيقونة لأحداثها، تواجه خطر الأنهيار، خاصة بعدما كشف المهندس الرئيسى لعملية ترميم كنيسة نوتردام، عن شعوره بالقلق من أن موجة حارة قياسية فى فرنسا قد تتسبب فى انهيار خزائن الكاتدرائية التاريخية.
ورغم تسارع الجهود من أجل استعادة الكنيسة التى تعرضت للحريق فى 15 أبريل الماضى، إلا أن مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية فى العاصمة الفرنسية باريس، أصبح القلق يشعر القائمين على عملية الترميم، حيث صرح فيليب فيلنوف المهندس الرئيسى المشرف على ترميم كاتدرائية نوتردام، لوسائل الإعلام الفرنسية تشعر بالقلق إزاء استقرار الأقبية الكاتدرائية، موضحا: "قلقى هو أن مفاصل البناء، بسبب جفافها، ستفقد تماسكها وتماسكها وسلامتها الهيكلية، وسقوطها!".
وبحسب موقع "أرت.نت نيوز" فإنه من المتوقع أن تصل درجات الحرارة إلى رقم قياسى 42 درجة مئوية (107.6 درجة فهرنهايت) فى باريس، حيث تم وضع العاصمة و20 مقاطعة فى جميع أنحاء شمال فرنسا فى حالة تأهب قصوى بسبب موجة الحر، واعلن المسئولين أن هيكل "نوتردام الضعيف بفعل أعمال الحريق يتم مراقبة باهتمام بالغ، لكن تبقى الأزمة فى عدم تمكن خبراء الترميم الذين يعملون على تأمين الكاتدرائية من الوصول إلى بعض الاجزاء الخاصة بالخزائن من أجل حمايتها.
من المقرر أن تستغرق أعمال إعادة الإعمار فى نوتردام خمس سنوات، بعد أن ألقى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون خطابًا تعهد فيه بأنه بحلول عام 2024 ستتم إعادة بناء الكاتدرائية "حتى تكون أكثر جمالا من ذى قبل"، لكن الخبراء جادلوا بأن الأمر سيستغرق وقتًا أطول من ذلك، حيث واجه الخطاب اعتراضات من بعض أعضاء البرلمان الذين جادلوا بأن إعادة الإعمار تم تسريعها لضمان اكتمالها فى الوقت المناسب لدورة الألعاب الأولمبية 2024 فى باريس، وقالت بريجيت كوستر من الجمهوريين المعارضين: "إن فرض مهلة مدتها خمس سنوات على القمة لا معنى له".
كانت الحياة عادت مجددا لكنيسة نوتردام، بعدنا استضافت الكاتدرائية العريقة فى باريس، فى 15 يونيو الماضى، أول قداس، وذلك بعد نحو شهرين بالضبط من الحريق المدمر لحق بالكنيسة، حيث كان غالبية الحاضرين من رجال الدين "لأسباب أمنية واضحة"، حسب أبرشية باريس.
وكان النقاش احتدم فى فرنسا، خلال الأسابيع الأخيرة، حول كيفية استعادة المبنى التاريخى لمجده السابق وما إذا كان ينبغى إعادة ترميم الكنيسة لشكلها الأصلى تمامًا مثلما صممه لأول مرة "فيوليت لو دوك" فى القرن التاسع عشر، أما يتم الاستجابة للمقترحات التى نادى بها آخرون حول أن يتم ترميم الكاتدرائية القديمة وفقا لتصاميم حديثة، حيث كان الفنانون ويم ديلفوى واستوديو دريفت والمهندس نورمان فوستر من بين أولئك الذين طرحوا مقترحات لإلقاء نظرة مختلفة للكنيسة على مستواه التاريخى، وذلك على خلفية دعوة مفتوحة أطلقها رئيس الوزراء الفرنسى، لتلقى الأفكار حول مصير الكنيسة وتصور عملية استعادتها من جديد، ولكن هذه الأفكار قد انهارت فى نهاية شهر مايو، حيث صوت مجلس الشيوخ الفرنسى لإعادة بناء الصرح قدر الإمكان لمظهره قبل الحريق.
ويبدو أن مصير الكنيسة ما بين الحريق، ومقترحات ترميمها، والتهديدات الأخيرة، هو مجرد بداية لعملية معقدة ومثيرة للجدل لاستعادة الكاتدرائية، تشهده الدولة الفرنسية، ويبدو تماما إلى أن أمنية استعادة الكنيسة القديمة إلى الأبد وكما كانت فى سابق عهدها هو أصعب شيء تواجه فرنسا الآن".