على قدم وساق يسعى الأوروبيين من شركاء إيران فى الاتفاق النووى، على إرضاء الدولة الإيرانية بآلية "اينستكس" المالية لمساعدتها للإلتفاق على العقوبات الأمريكية، لكن هذه المساعى قوبلت بابتزاز من طهران، فى محاولة ضغط عليها وتعميق الشرخ الحاصل مع الولايات المتحدة عقب انسحابها من الصفقة مايو 2018.
وفى تجاهل تام لتحذيرات أوروبا أعلنت إيران أنها ستنفذ تهديدها بتخصيب اليورانيوم بدرجات تتجاوز الحد المسموح به بموجب الاتفاق النووى المبرم مع القوى الكبرى بشأن برنامجها النووى، اعتبارا من الأحد المقبل.
وأعلن الرئيس الإيراني حسن روحانى هذا الإجراء خلال جلسة مجلس الوزراء مكررا التعبير عن امتعاضه من مواقف الولايات المتحدة وأوروبا والصين وروسيا، محملا هذه الدول مسؤولية المأزق الحالى الذى وصل إليه الاتفاق النووى المبرم عام 2015.
روحانی خطاب به #اروپا:
— akram sharifi (@akramsharifi) July 3, 2019
- ما قصد لجبازی با شما و به هم زدن #برجام را نداریم
- تمام اقداماتی که انجام میدهیم در یک ساعت قابل بازگشت به شرایط قبلی است
- سران اروپا به من زنگ زدند و گفتند یک ماه دیگر بیشتر به ما مهلت بدهید
- در برجام لحظهای احساسی عمل نکردیم کاملا منطقی عمل کردیم pic.twitter.com/7sO383altr
وأوضح روحانى أن قرار طهران مرتبط بواقع أن الأطراف الآخرى الموقعة على الاتفاق لا تحترم، بحسب قوله، التزاماتها بشكل كامل حيال إيران؛ وقال: "فى 7 يوليو، درجة التخصيب لن تبقى 3,67%. سنضع هذا الالتزام جانبا، وسنرفع الدرجة الى أعلى من 3,67% بأي نسبة نشاء، وبقدر ما يلزم وبحسب ما تتطلب احتياجاتنا".
وبخلاف رفع مستوى التخصيب حذر روحانى أيضا من أنه اعتبارا من 7 يوليو يمكن أن تستأنف ايران مشروعها الأساسى لمفاعل أراك وسط البلاد الذى يعمل بالمياه الثقيلة والذى أوقف بموجب الاتفاق.
وقال روحاني: "اذا اردتم التعبير عن أسف، فقد فات الاوان وإذا اردتم نشر بيان فافعلوا ذلك الان" وأضاف "سنبقى ملتزمين (بالاتفاق) طالما أن الأطراف الاخرى ملتزمة به. سنطبق بنسبة 100% الاتفاق حين تتصرف الاطراف الاخرى بنسبة مئة بالمئة" بموجب بنوده.
وتابع أن ايران تطبق "98%" من الاتفاق والاطراف الآخرى "لا تطبق سوى 10%" مضيفا "انتقلوا الى نسبة 98% وسنعود إلى الالتزام بنسبة 100%".
وتأتى هذه الخطوة بعد خطوة أولى قامت بها طهران فى يونيو الجارى بتجاوزت مخزون اليورانيوم منخفض التخصيب لأكثر من 300 كيلو جرام وفقا لبنود الاتفاق النووى، وكانت طهران أعلنت في 8 مايو أنها لن تعود ملزمة بالحدّ من مخزونها من اليورانيوم المخصّب والمياه الثقيلة بموجب الاتفاق وأمهلت الدول الاخرى الموقعة "60 يوما" لمساعدتها على الالتفاف على العقوبات الامريكية، وحذرت من أنها ستستأنف أنشطة تخصيب اليورانيوم بنسبة تفوق الحد المسموح به بموجب الاتفاق (3,67%) والعمل في مفاعل أراك.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن مفتشيها تأكدوا من تجاوز الحد المسموح به، وهو 300 كيلوجرام.
ورغم محاولات طهران لإنتهاك الاتفاق النووى، تنادى بعض الأصوات فى الداخل الإيرانى بالابقاء عليه رغم عدم جدواه من الناحية الاقتصادية لطهران وعجز آلية اينستكس الأوروبية لتلبية مطالب طهران وحتى لا يحدث ما هو أسوء من العقوبات لطهران، وكتب الكاتب الإيرانى الشهير، محمد رضا ستارى فى افتتاحية صحيفة "ابتكار"، تحت عنوان "لنبقى الإتفاق النووى المريض على قيد الحياة عبر آلية اينستكس العاجزة".. يدعو فيها للإبقاء على الاتفاق النووى بأى ثمن.
وانتقد الكاتب آلية اينستكس الأوروبية، قائلا إن المراقبين فى إيران يرون أن الآلية الأوروبية يكتنفها مواطن غموض، من بينها أن هذه القناة المالية تم تسجيلها بعد 7 أشهر من الانسحاب الأمريكى لكنها لم يتحقق أى شئ فى إطارها بشأن التجارة والتعاون المالى بين إيران وأوربا، ورأى أن الآلية القانونية للقناة المالية التى ستمكن إيران من الالتفاف على العقوبات غير معلومة حتى الأن، وحتى الأن تبين أن اينستكس غير قادرة على التصدى للضغوط الأمريكية ولن تلبى المتطلبات الإيرانية، ورأى الكاتب أن المشكلة الأساسية فى إيران هى بيع نفطها والحصول على مبيعاتها من النفط.
ورأى الكاتب الإيرانى، أن الخطوات التى تتخذها بلاده اليوم تجاه الاتفاق النووى ردا على الأوروبيين عرضت الاتفاق للخطر أكثر من أى وقت مضى (خطوات رفع تخصيب اليورانيوم عن3.67% وزيادة مخزونه ليتخطى الـ300كيلو جرام).
وأعرب الكاتب الإيرانى عن مخاوفه لإرجاع الملف النووى الإيرانى لمجلس الأمن مجددا، الأمر الذى سيخلق اجماع عالمى مناهض لإيران، لذا رأى الكاتب فى نهاية مقاله، أنه ينبغى فى الوقت الراهن ينبغى الإبقاء على الاتفاق النووى قيد الحياة وحفظ آلية اينستكس الأوروبية العاجزة من أجل إبقاء باب التفاوض مفتوحا، وبهدف ابعاد خطر الاجتماع العالمى ضد إيران، بل ومن الافضل استغلاله كآداة مساعدة فى الظروف الصعبة المقبلة التى قد تشهدها إيران بحسب تعبير الكاتب الإيرانى.
أما الولايات المتحدة، وردا على هذا التطور وجه الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، رسالة مباشرة إلى إيران مؤكدا أن ما قامت به طهران "ليس جيدا"؛ وقال ترامب، فى تغريدة له على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعى "تويتر": "إيران كانت تنتهك الصفقة النووية التى سمحت لها بالحصول على 150 مليار دولار من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى 1.8 مليار دولار من النقد الدولى، والآن تتجاوز الحد المسموح به من مخزون اليورانيوم المخصب. هذا ليس جيدا".
من جانبها قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن إيران لن تكسب شيئا من مخالفة بنود الاتفاق النووي وذلك ردا على إعلان طهران أنها ستزيد مستوى تخصيب اليورانيوم.وقالت أنييس فون دير مول المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية للصحفيين في إفادة يومية “لن تكسب إيران شيئا من الخروج من اتفاق فيينا”.
وأضافت “التشكيك في (الاتفاق) سيؤدي فقط إلى زيادة التوترات المتصاعدة بالفعل في المنطقة”، وقالت فون دير مول: “لهذا السبب تطالب فرنسا وشركاؤها الأوروبيون إيران بقوة بالتراجع عن التخصيب الزائد دون تأخير والامتناع عن أي إجراءات أخرى تقوض التزاماتها النووية”.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة