هناك عدد كبير من الأرقام الهامة التى تشتمل عليها موازنة مصر العام المالى الجديد 2019-2020، لكن الرقم الأهم فى هذه الموازنة هو زيادة ملحوظة فى مخصصات الأجور تنفيذا لتكليفات رئيس الجمهورية بزيادة الحد الأدنى للأجور إلى ألفين جنيه، إضافة إلى زيادة مخصصات التعليم والصحة وبرامج الحماية الاجتماعية، إضافة إلى مخصصات دعم رغيف الخبز والسلع التموينية.
هنا لابد أن لا نقف أمام هذه الأرقام دون تحليل لمدلولاتها، وكذلك كيفية توفيرها، وبمعنى أدق كيف لموازنة تعانى من عجز ملحوظ توفير هذه الزيادات، وهنا سنحد أن الإجابة محصورة فى كلمتين فقط وهما هيكلة الدعم، أو إعادة النظر فى الدعم خاصة دعم الوقود، والذى يكلف الدولة مليارات الجنيهات بشكل سنوى، تحترق فى سيارات الفئات الغنية، دون أن يستفيد منها الفقراء.
ولعل من أهم الأرقام وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن بند الأجور في موازنة 2019 وصلت إلى 301 مليار جنيه، وهو رقم كان من المستحيل الوصول إليه، بهدف رفع المرتبات، بدون قرارات ترشيد الدعم وتحديدا دعم المواد البترولية، وهذه الزيادات لم تكن لتأتى لولا تقليص دعم المواد البترولية إلى 52 مليار و 963 مليون جنيه بالموازنة الحالية، بعد أن كانت تسجل 89 مليار جنيه فى العام المالى المنتهى.
وكذلك تخصيص قرابة 60 مليار جنيه لقرارات الرئيس عبد الفتاح السيسى والخاصة بزيادة الحد الأدنى للرواتب لتسجل ألفى جنيه بدلا من 1200 جنيه، إضافة إلى زيادة المعاشات إلى 900 جنيه، واقرار علاوات للموظفين، فجميع هذه القرارات والنجاحات لم تكن لتتحقق لولا إعادة النظر فى منظومة الدعم.
علاج تشوهات منظومة الدعم يهدف فى المقام الأول للوصول إلى الفئات الأكثر احتياجا وعدم توجيه الدعم للأغنياء، فالموازنة الجديدة تشهد تقديم منح ومزايا اجتماعية تسجل نحو 327 مليار و699 مليون جنيه، منها م يتعلق ببرامج الحماية الاجتماعية ودعم الأسر الأكثر احتياجا، وعلى رأسها برنامج تكافل وكرامة، إضافة إلى رعاية المرأة المعيلة وغيرها من برامج حماية الفقراء.
ولأول مرة تشهد الموازنة العامة المصرية، زيادة مخصصات التعليم والصحة في الموازنة الجديدة 2019 / 2020 بنسبة 8.4% ليصل إجمالي المخصصات إلى 192.1 مليار جنيه مقابل نحو 177.2 مليار جنيه في الموازنة الحالية بزيادة تبلغ نحو 14.9 مليار جنيه، وتكشف الأرقام أنه جرى زيادة الاعتمادات المالية لقطاع التعليم إلى 69.6 مليار جنيه، بارتفاع قدره حوالي 8 مليارات جنيه عن العام المالي الحالي بنسبة زيادة تتجاوز نحو 13%.
كما جرى تخصيص نحو 122.5 مليار جنيه لقطاع الصحة، مقابل نحو 115.6 مليار جنيه في العام المالي الحالي بزيادة 6.9 مليار جنيه تمثل نسبة زيادة تبلغ نحو 6%، والسؤال هنا من أين تم زيادة مخصصات هذه القطاعات وهى الأكثر احتياجا، والإجابة هنا ترتبط بإعادة النظر فى منظومة الدعم وضبطها بما يتناسب مع احتياجات القطاعات الاقتصادية المختلفة.
ومع انتهاء برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادى، فإن الحقيقة التى لا جدال فيها هى أن ملف الدعم كان به مشكلات عدة لعل أبرزها أن جزء كبير منه لم يكن يصل إلى مستحقيه، إضافة إلى تخصيص جزء كبير فى السابق لدعم الوقود على حساب القطاعات الأخرى الأكثر أهمية مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية ومشروعات البنية التحتية، فالتعامل مع هذا الخلل فى منظومة الدعم سيجعل الميزانية المصرية أفضل ويوجه أموال الموازنة فى مسارها الصحيح، وللأسر المصرية الأكثر احتياجا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة