أكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، أنه لن يدعو إلى انعقاد جلسة لمجلس الوزراء "قبل أن تهدأ جميع الأطراف السياسية المشاركة في الحكومة"، داعيا كافة القوى السياسية داخل الحكومة إلى التحلي بالهدوء والتروي حرصا على مصالح لبنان والمواطنين.
جاء ذلك في تصريح أدلى به الحريري على هامش رعايته لتوقيع مذكرة لإعادة تأهيل وصيانة وتجهيز أحد المعاهد التعليمية الفنية بمدينة طرابلس شمالي البلاد.
وأشار الحريري إلى أن أهمية المشروع أنه يقوم على الشراكة بين القطاعين الخاص والعام قائلا: "وهو ما يجب أن يكون عليه توجه الدولة من الآن فصاعدا. فالدولة ليس عملها أن تقوم بتشغيل المرافق العامة، بل واجبها أن تسهل إنشاء هذه المرافق، سواء كانت مدرسة أو فندقا أو جامعة أو غيرها، وعلى القطاع الخاص أن يكون شريكا حقيقيا لإنماء لبنان".
وأعرب عن تفاؤله بإمكانية تجاوز الوضع المتوتر الذي تشهده البلاد حاليا، مضيفا: "أرى أنها غيمة وستمر ككثير من الغيوم التي تمر فوقنا. لسوء الحظ هناك أمور حياتية واقتصادية وإنسانية علينا أن نعالجها فيما نحن نضيع الوقت على أمور سياسية".
وشدد على ضرورة تحييد السياسة عن مصلحة المواطن، والتركيز على تحقيق وتلبية احتياجات المواطنين ووضعها فوق كافة الاعتبارات.
ويشهد مسار العمل الحكومي في لبنان حالة من الجمود على صعيد انعقاد جلسات مجلس الوزراء، وذلك بعدما اضُطر الحريري إلى تأجيل جلسة الحكومة التي كانت من المقرر لها أن تنعقد صباح الثلاثاء الماضي، مشيرا إلى أن الاحتقان السياسي في البلاد، والذي أعقب أحداث عنف الجبل، اقتضى التأجيل لحين التوصل إلى حلول للخلافات.
وكان عدد من الوزراء الذين ينضوون تحت لواء تحالف (تكتل لبنان القوي) برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل، والذي يضم 11 وزيرا من التيار الوطني الحر وحزب الطاشناق الأرمني والحزب الديمقراطي اللبناني الدرزي وآخرين، قد حضروا متأخرين أكثر من ساعتين عن موعد جلسة الحكومة الأخيرة، وهو الأمر الذي أثار تكهنات بوجود رغبة لدى التكتل لعدم إكمال النصاب الحكومي حتى لا تنعقد جلسة مجلس الوزراء.
وشهدت منطقة الجبل، يوم الأحد قبل الماضي، أحداث عنف مسلحة تسببت في توتر سياسي شديد في عموم لبنان، على خلفية زيارة أجراها وزير الخارجية رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل إلى عدد من قرى الجبل، حيث وقعت اشتباكات نارية بين أعضاء الحزب الديمقراطي اللبناني الحليف لباسيل، وبين الحزب التقدمي الاشتراكي، بعدما اعتبر الفريق الأخير أن "باسيل" أدلى بتصريحات من شأنها إشعال الفتنة الطائفية بين المسيحيين الموارنة والدروز من سكان الجبل.
ويصر التيار الوطني الحر والحزب الديمقراطي اللبناني، وبدعم من حزب الله، على إحالة الوقائع في أحداث عنف الجبل إلى المجلس العدلي (جهة قضائية تنظر في القضايا شديدة الخطورة التي تمس أمن الدولة) وفي المقابل يرى الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية، وبدعم من رئيس المجلس النيابي، أن يُترك الأمر للقضاء العادي وأن يتم إعطاء الوقت للتحقيقات لكشف حقيقة ما جرى من أحداث في الجبل.