ذهبت إلى بلدتى، قرية الصياد بمركز نجع حمادى محافظة قنا، وخلال سفرى شاهدت الطرق وما حدث فيها من تعديلات، وبالفعل الدولة تنظر للصعيد نظرة مختلفة عن ذى قبل، حيث بدأ الاهتمام بالجنوب عكس العصور السابقة التى أهملتنا نحن أهل الجنوب.
وبعد وصولى بلدتى وجدتنى أصطدم بمشكلة اجتماعية خطيرة، وهى تغير عادات الزواج عندنا وهذا التغير للأسوأ وفيه ظلم كبير للبنت وللمرأة الصعيدية.
فعلى الطريقة الهندية وبفضل إحدى القنوات الفضائية التى تعرض الأفلام والمسلسلات الهندية التى استطاعت أن تنقل بعض العادات الهندية فى الزواج للصعيد، بحيث تتحمل العروس ما لا طاقة لها به من أثاث بيت الزوجية، حيث بدأ التباهى بما أحضرته بنت فلان وبناء على الغيرة لابد أن تحضر العروس التالية أكثر مما أحضرته التى سبقتها، ويُفتح المزاد الاستهلاكى، حيث وصلت القيمة حتى كتابة هذه السطور إلى مبلغ خيالى وسأكتفى فقط بما قاله لى بعض الجالسين معى بساحة المندرة «المضيفة».
وسأسرد ما تحضره العروس، فالبداية من المطبخ الذى يصل إلى 15 ألف جنيه والأجهزة الكهربائية.. الثلاجة سعرها 9 آلاف والفريزر ويصل سعره لـ 6 آلاف جنيه، بالإضافة إلى الفرن بالأنبوبة 200 جنيه وغسالة الأطباق بـ 18 ألفًا والبوتاجاز بـ 8 آلاف جنيه بخلاف الأنبوبة والحامل، ومازلنا فى المطبخ، حيث لابد من وجود عدد 5 أطقم اوانى وبمتوسط سعر 20 ألفًا، وبخلاف أطقم الأطباق (اركوبال والعسلية والصينى والميلامين) والجديد أطقم السيراميك، والمدهش هو وجود 4 أطقم سكاكين إحداها سيراميك، وكولمان مياه بخلاف أطقم الملاعق والشوك، وهذه الأدوات متوسط سعرها نحو 30 ألف جنيه، ولا تنس وأنت خارج من المطبخ أن تحضر أيضاً ستارة من الخرز لباب المطبخ.
بعد أن قامت العروس بتجهيز المطبخ تقوم بعمل الستائر والبلاتكنات وسعر المتر 1000 جنيه فى متوسط الشقة 10 آلاف جنيه ثم تقوم بشراء السجاد والموكيت 15 ألف جنيه، أيضاً تحضر العروس غرفة الأطفال ومتوسط سعرها 15 ألف جنيه ثم الأنتريه أو ركنة ومتوسط سعرها 15 ألفًا لأن سعر المتر 1500 جنيه، و2 شاشة و2 ريسيفر و2 طبق بمحتوياته، وتدفع العروس تكلفة تركيبها للكهربائى بمتوسط سعر 9 آلاف جنيه، ولن نخرج من الريسيبشن حتى تزينه العروس بالبراويز وفازات الورد والدباديب، وفى النهاية تقوم العروس بملء النيش وهذا يتكلف 20 ألف جنيه فى المتوسط، ولم تخرج من الشقة دون زيارة الحمام الذى تجهزه العروس بعدد 3 غسالات إحداها أتوماتيك وأخرى عادية، بالإضافة لغسالة الأطفال بمتوسط 15 ألف جنيه، هذا بالإضافة لبعض الأغراض الأخرى بنحو 2000 جنيه ولو دخلنا على ما تحضره العروسة من ثياب، فهنا الأعداد تلعب دورًا كبيرًا فى ظلم العروس 200 عباية صيفى و200 للشتوى و200 طقم داخلى و200 طقم خروج، هذا بخلاف أطقم ليلة الحنة وليلة عقد القران ويوم الصباحية واليوم الثالث والأسبوع الأول، وهى أيام زيارة أهل العروس بعد إتمام الزواج، و20 طقم فوط بخلاف إحضار روب العريس، وأيض أدوات التجميل و2 أباجورة لغرفة النوم وعدد 3 ساعات حائط و2 منبه، ولن أحدد متوسط السعر لأنى تعبت نفسياً.
لكنى لن أنهى مقالى قبل أن أحكى لكم عن عادات «الخبيز»، فالمخبوزات فايش وبسكويت وكحك ناعم وبيتى فور وغريبة وفريسكا، بتكلفة هذه المخبوزات تتعدى 7 آلاف جنيه هذا بخلاف ما تحضره من منظفات بأنواعها بنحو 2000 جنيه، وبعد ذلك تقوم العروس بإحضار التوابل وبعض ما تحتاجه من مواد غذائية كالأرز والمكرونة وغيرهما بنحو 2000 جنيه، بالإضافة إلى ملء العروس للثلاجة بالفواكه والتورتة والجبن والبيض العصير واللحوم وغيرها، ويتم هذا عصر يوم الزفاف وعشاء العروسين وهذا يتكلف نحو 2500 جنيه، بالإضافة إلى تكلفة نقل كل هذه الأغراض إلى جانب استئجار «دى جى» لزفة العفش التى تتحملها العروس.
أما الصباحية فيحضر أهل العروس 50 جوز حمام ومخبوزات العيش البلدى، وهذا يتكرر فى اليوم الثالث والسابع بمتوسط 10 آلاف جنيه.
أما العريس فيتكلف غرفة النوم و2 نجفة والشقة وما يتم الاتفاق عليه من المشغولات الذهبية بمتوسط 20 ألف جنيه.
إذن نحن أمام عادات استهلاكية وعادات تظلم المرأة حتى وصل الأمر للتباهى والمنافسة فى هذه العادات، بغض النظر عن الفقراء ودون مراعاة لشعور محدودى الدخل مع العلم بأن الدين يأمرنا بالتيسير فى أمور الزواج وما يحدث هو العكس.
عموماً فى العيد تكون نسب الزواج عالية جدًا، وكأنه موسم التزاوج.. وعيدكم سعيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة