أعلنت موسكو صباح اليوم رسميًا زيادة مستويات الإشعاع فى مدينة سفرودفنسك من 4 إلى 16 مرة، بعد الانفجار الذى وقع أثناء القيام بتجربة محرك صاروخ يعمل بالوقود السائل، الخميس الماضى، ما أسفر عن مقتل 5 عملاء وإثنين آخرين، وقد جاء اعتراف الحكومة الروسية بطبيعة الانفجار بعد ساعات من ظهور تقارير تفيد بأن المسئولين فى الولايات المتحدة يشتبهون أن الانفجار الذى وقع قبالة السواحل الشمالية الروسية، هو انفجار نووى جديد.
ما هو الانشطار النووي
يشير المفهوم العلمى للانشطار النووى، إلى أنه عملية انقسام نواة ذرة ثقيلة إلى قسمين أو أكثر، ليتحول عنصر معين إلى عنصر آخر وينتج عن عملية الانشطار "نيوترونات" و"فوتونات" عالية الطاقة، وجسيمات نووية مثل جسيمات ألفا وأشعة بيتا، كما يؤدى انشطار العناصر الثقيلة إلى تولد كميات ضخمة من الطاقة الحرارية والإشعاعية.
وتعتبر النواة هى الجزء المركزى من الذرة الذى تتكثف فيه كتلة الذرة وتتكون معظم كتلتها من "البروتونات" وهى جسيمات موجبة الشحنة، و"النيوترونات" وهى جسيمات متعادلة الشحنة لتكون النواة بالمحصلة موجبة الشحنة، وشحنة البروتونات الموجبة عدديًا تساوى شحنة الألكترونات السالبة لذلك تكون الذرة متعادلة كهربيًا.
استخدامات الانشطار النووى
يتم تستخدم عملية الإنشطار النووى فى إنتاج الطاقة الكهربائية فى المفاعلات النووية، كما تستعمل لإنتاج الأسلحة النووية، ومن العناصر النووية الانشطارية المهمة والتى تستخدم كثيرًا فى المفاعلات الذرية مادتى "اليورانيوم-235" و"بلوتونيوم-239"، والتى تعتبر هى أساس الوقود النووى، الذى يتم خلاله ما يسمى بالتفاعل المتسلسل، حيث يصطدم نيوترونًا مع نواة ذرة اليورانيوم-235 فتنقسم إلى قسمين، ويصاحب هذا الانقسام انطلاق عدد من النيوترونات يقدر عادة من 2-3 نيوترونات وفى المتوسط 2.5 نيوترون.
اليورانيوم والبولوتونيوم:
اليورانيوم:
اليورانيوم 235 هو نظير لعنصر اليورانيوم -ذو العدد الذرى رقم 92- ووزنه الذرى 235، ويوجد اليورانيوم فى الطبيعة فى صورة نظيرين مشعين هما اليورانيوم-235 واليورانيوم-238، وتتميز نواة اليورانيوم-235 بشراهة كبيرة للنيوترونات حيث تمتصها ويحدث بينهما تفاعل يؤدى إلى انشطار نواة اليورانيوم-235 إلى جزئين متساويين تقريباً، مكونة عناصر جديدة يكون عددها الذرى نحو 46 وزنها الذرى نحو117، وعندما تنشطر نواة اليورانيوم-235 ينطلق منها أيضًا فى المتوسط عدد 2 من النيوترونات، والتى قد تتفاعل مع نوايا أخرى من اليورانيوم-235 فى تفاعل يسمى التفاعل المتسلسل.
البلوتونيوم:
بلوتونيوم-239 هو أحد نظائر البلوتونيوم، وهو الذى يستخدم لإنتاج القنابل الذرية، كما استخدم أيضا يورانيوم-235 فى هذا الغرض، وويعتبر البلوتونيوم-239 إلى جانب يورانيوم-235 ويورانيوم-233 من المواد التى تستخدم كوقود نووى فى المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية.
مراحل الانشطار النووي
يمكن السيطرة على الانشطار النووى خارجيًا، حيث تقوم النيوترونات الحرة الناتجة من كل عملية انشطار وهى فى المتوسط 5 و2 نيوترونا، بالتفاعل مع اليورانيوم أو البلوتونيوم وتتسبب فى انشطارها، وهو ما يؤدى إلى تحرير نيوترونات أخرى، فيما تستمر هذه السلسلة من التفاعلات التى تسمى تفاعل متسلسل.
المفاعل النووي
هو المكان الذى يتم فيه إجراء التفاعلات النووية المتسلسلة والمتحكم بها باستخدام اليورانيوم أو البلوتونيوم كوقود نووى لإنتاج الطاقة الحرارية بداية ومن ثم تحويلها بواسطة المولدات إلى طاقة كهربائية كبيرة جدًا، والسيطرة على التفاعلات النووية التسلسلية كى لا تحدث انفجارات هائلة تؤدى للكوارث كما حدث فى مفاعل تشيرنوبل فى الاتحاد السوفياتى سابقًا.
الوقود النووي:
ويطلق على نظائر العناصر الكيميائية التى لها القدرة على تحمل هذه السلسلة الطويلة من الانشطارات النووية اسم "الوقود النووي"، ولعل من أكثر أنواع الوقود النووى استعمالا هى (يورانيوم-235) و(بلوتونيوم-239)، هذين العنصرين ينشطران بصورة بطيئة جدا تحت الظروف الطبيعية التى تسمى بـ"الانشطار التلقائي" وتأخذ هذه العملية التلقائية ما يقارب 550 مليون سنة عمر النصف لليورانيوم.
أما فى المفاعل النووى فتجمع كمية من الوقود النووى فوق الكتلة الحرجة ويجرى التحكم فيها بواسطة قضبان تتخللها من "الكادميوم" الماصة للنيوترونات، وبذلك يمكن المحافظة على معدل سير التفاعل لإنتاج الطاقة ومنعه من الانفلات وأحداث الدمار.
ما الذى ينتج عن الانشطار النووى
ينتج عن انشطار نواة اليورانيوم نواتين صغيرتين فى أغلب التفاعلات، كذلك من الممكن أن ينتج عن الانشطار أكثر من نواتين، فيما قد تكون "أنصاف" نواة اليورانيوم الناتجة زوجا من نوكليدات مختلفة، وغالبا ما تنتج نواة لها كتلة ذرية خفيفة نسبيا (نحو 90) مصحوبة بنواة ثقيلة (كتلة ذرية 140)، ولذلك يبين منحنى توزيع الأنوية الناتجة عن الانشطار قمتين (توزيع كتلة الأنوية الناتجة). ويبقى مجموع البروتونات والنيوترونات قبل التفاعل وبعده ثابتا. وعل سبيل المثال نذكر هنا حالتين ممكنتان للانشطار النووى للبلوتونيوم-239 بواسطة امتصاصه لأحد النيوترونات.
وتكون نواتج الانشطار أنوية ذرية متوسطة الكتلة، وفى نفس الوقت غنية بالنيوترونات، وهى لذلك عناصر غير مستقرة ويصدرون فى العادة نيوترونات زائدة عن مقدرتهم الاحتفاظ بها خلال عدة ثوان من بعد تكونهم، وتكون لهم أهمية فى ضبط معدل التفاعل الجارى فى مفاعل نووى.
الأسلحة النووية:
هى أسلحة فتاكة تعتمد فى قوتها التدميرية على عملية الانشطار النووى أو الاندماج النووي؛ ونتيجة لهذه العملية تكون قوة انفجار قنبلة نووية صغيرة أكبر بكثير من قوة انفجار أضخم القنابل التقليدية، حيث أن بإمكان قنبلة نووية واحدة تدمير أو إلحاق أضرار فادحة بمدينة بكاملها، لذا تعتبر الأسلحة النووية أسلحة دمار شامل ويخضع تصنيعها واستعمالها إلى ضوابط دولية حرجة ويمثل السعى نحو امتلاكها هدفاً تسعى إليه كل الدول.
أنواع الأسلحة النووية
هناك ثلاثة أنواع رئيسية من الأسلحة النووية وهي:
الأسلحة النووية الانشطارية:
هو أحد أنواع الأسلحة النووية التى تكمن قوتها فى عملية الانشطار النووى لعنصر ثقيل مثل اليورانيوم ذى الكتلة الذرية رقم 235 (يورانيوم-235) والبلوتونيوم ذى الكتلة الذرية رقم 239 بلوتونيوم-239 حيث تحفز هذه العناصر الثقيلة على الانشطار بواسطة تسليط حزمة من النيوترونات على نواتها والتى تؤدى إلى انشطارها إلى عدة أجزاء وكل جزء مكون بعد الانشطار الأولى تمتلك من النيوترونات الخاصة بها ما تكفى لتحفيز انشطار آخر وتستمر هذه السلسلة من الانشطارات التى يتم إجراءها عادة فى المفاعلات النووية وكل عملية انشطار تؤدى إلى خلق كميات كبيرة من الطاقة الحركية.
الأسلحة النووية الاندماجية:
وهى أحد أنواع الأسلحة النووية التى تكمن مصدر قوتها مع عملية الاندماج النووى عندما تتحد أنوية خفيفة الكتلة مثل عنصر الديتريوم وعنصر الليثيوم لتكوين عناصر أثقل من ناحية الكتلة حيث تتم تحفيز سلسلة من عمليات الاتحاد بين هذين العنصرين وتنتج من هذه السلسلة من عمليات الاندماج كميات كبيرة من الطاقة الحركية، ويطلق على القنابل المصنعة بهذه الطريقة اسم القنابل الهيدروجينية أو القنابل النووية الحرارية لأن سلسلة الاندماج المحفزة بين أنوية هذه العناصر الخفيفة تتطلب كميات كبيرة من الحرارة وتعتبر القنبلة النيوترونية والهيدروجينية من أهم أنواع الأسلحة النووية الاندماجية.
الأسلحة النووية التجميعية:
هى أحد أنواع الأسلحة النووية التى تتم صناعتها بخطوتين، تكمن فكرة هذا النوع من السلاح فى تكوين ما يسمى الكتلة الفوق حرجة ويتم هذا بدمج كتلتين كل منهما كتلة دون الحرجة. ولغرض دمجهما سويا يسلط ضغط هائل مفاجئ على الكتلتين فتندمجان لحظيا فى كتلة واحدة فتصبح كتلتهما الكلية فوق الكتلة الحرجة وتنفجر القنبلة الذرية وينتج عنها كميات هائلة من الحرارة والطاقة الحركية، وتشمل الأنواع الفرعية: القنابل ذات الانشطار المصوب، قنابل الانشطار ذات الانضغاط الداخلى.