تتجه أنظار العالم ودوائر المال والأعمال إلى هونج كونج، حيث بلغت درجات التوتر أقصاها بعد 10 أسابيع من الاحتجاجات ضد سلطات هونج كونج فى أكبر أزمة سياسية منذ استقلال عن بريطانيا وعودتها للصين عام 1997.
اندلعت الاحتجاجات فى الأسبوع الثانى من يونيو الماضى ضد مشروع قانون حكومى يسمح بتسليم مطلوبين إلى بكين، وبالرغم من تعليق الحكومة لمشروع القانون، إلا أن الاحتجاجات تواصلت ورفع المتظاهرون سقف مطالبهم، ليصل بالبعض للمطالبة باستقالة رئيسة الحكومة كارى لام والاستقلال عن الصين.
اقتحم المتظاهرون مقر البرلمان أول يوليو بعد أن كسروا الأبواب واعتصموا فى المطار الدولى لهونج كونج، الأمر الذى أدى لشلل فى السفر من وإلى هونج كونج المركز المالى الآسيوى العالمى والمدينة الأغنى التى تضم أكبر استثمارات فى آسيا بعد الصين، وأثرت سلباً على الشركات التى تتخذ من هونج كونج.
هونج كونج التى تتمتع بحكم ذاتى ونظام سياسى مختلف عن الصين وفق مبدأ «بلد واحد، نظامان مختلفان» أولها استقلالية قضائية، وينصُ دستورها على أنها تحوز «درجة من الاستقلالية» فى كل جوانب الدولة، ولها عملتها ونظامها السياسى وهويتها الثقافية، وسوف يستمر ذلك حتى 2047، ولا يعتبر مواطنوها أنفسهم صينيون.
وقد تعهد المسؤولون الصينيون السابقون بعدم تدخل حكومة بكين فى ذلك.لكن الإعلان عن مشروع القانون بتسليم المجرمين للصين أعاد التوتر وجدد رغبة سكان هونج كونج فى تأكيد استقلاليتهم عن الصين، وهو ما تراه بكين خطا أحمر وخروجا على القانون ويستدعى تدخلا عنيفا، وتنتظر بكين طلب من حكومة هونج كونج للتدخل وإنهاء الاحتجاجات التى تراها احتجاجات ملونة مثل التى انتشرت، وأدت لتفكيك دول وفوضى فى بعضها، وعندما كتب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تويتة يدعو فيها الصين، لعدم التصعيد تجاه المحتجين ردت بكين بعنف واتهمت ترامب بالتدخل فى شؤونها، الأمر الذى دعا الرئيس الأمريكى لأن يبدى استعداده لعقد لقاء خاص من نظيره الصينى لحل الأزمة.
بكين حشدت قواتها على حدود هونج كونج، وأبدت استعدادها للتتدخل وإنهاء الاحتجاج، وأكد السفير الصينى فى بريطانيا، ليو تشاومينج، أن بلاده ستستخدم قوتها لقمع الاحتجاجات فى حالة صار الوضع أكثر سوءا، وأضاف: «لدينا ما يكفى من الحلول والقوة التى يسمح بها القانون لقمع أى اضطراب بسرعة»، لافتا إلى أن تحركات بعض المتظاهرين «تعتبر انتهاكات عنيفة وجسيمة».
أبدت ألمانيا وفرنسا والدول الكبرى قلقها من تصاعد الأحداث فى هونج كونج، فهى مدينة عالمية تمثل أحد أهم نقاط عولمة الاقتصاد، ويقوم اقتصادها على التجارة والسياحة والخدمات المالية، وتتركمز فيها الشركات العابرة للجنسيات، وهى التالية بعد الصين فى جذب الاستثمارات الخارجية، التى بلغت خلال السنوات الخمس الأخيرة أكثر من 700 مليار دولار، وبالتالى فهى تمثل أهمية اقتصادية وتجارية عالمية، وهو أمر تعرفه الصين التى تحاول تهديد الاحتجاجات، وتعرف أن التدخل بعنف من شأنه أن يكون خطرا على اقتصادياتها، كانت أحداث ميدان تيان مين فى عام 1989 هى الأعنف، حيث تدخلت القوات الصينية وسحقت تظاهرات الطلاب.
بكين هذه المرة تلوح بالتدخل فى مواجهة من تشير إلى أنهم تابعون لقوى خارجية تدفع للانفصال، واتهمت وزارة الخارجية الصينية الولايات المتحدة الأمريكية بالتآمر مع عناصر إجرامية وعلى صلة بأنشطة جنائية معادية للصين فى هونج كونج، فى الوقت الذى تجمعت قوات صينية تابعة للشرطة العسكرية فى ملعب رياضى فى مدينة شينزن الواقعة على حدود هونج كونج. ويبقى التوتر قائما بشدة، لحين انتهاء الاحتجاجات أو التدخل الذى يكون ثمنه باهظا.