عاش جيلنا والأجيال التي سبقتنا مرارة العلاج في المستشفيات الحكومية، واكتوينا بنار أسعار المستشفيات الخاصة، فلا علاج ولا اهتمام ولا مراعاة لظروفنا الاقتصادية، مع أن مصر من أوائل دول العالم التى فكرت فى تطبيق تأمين صحى شامل عام 1964، لتنشئ الهيئة العامة للتأمين الصحى، لكن القدرات المالية وقفت عائقا أمام تحقيق الحلم وظل حلمًا.
إلى أن حلم الرئيس عبدالفتاح السيسي وعشنا معه حلمه الذى جدد الأمل فى وجود تأمين صحى شامل لكل المصريين ودون تمييز من أى نوع، فكما لم يفرق المرض بيننا لا يجب أن نفرق في العلاج، فالرئيس يتابع نظام التأمين الصحى الشامل يومًا بيوم، حسب تأكيدات رئيس هيئة التأمين الصحى.
وحسبما قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية: إن "الرئيس متابعنى فى كل جنيه عشان التأمين الصحى الجديد".
وعشنا تجربة استقبال أول حالة لعلاج الطفل "تميم أحمد جمال"، الذى لم يتجاوز عمره 3 أيام وولد بمستشفى بورفؤاد، وتم تشخيص حالته بأنه مصاب بـ "عيب خلقى بالقلب وصعوبة بالتنفس وزرقة"، وتطلبت حالته النقل لمستشفى النصر التخصصى للأطفال التابعة لمنظومة التأمين الصحى الشامل الجديد ببورسعيد لإجراء عملية قسطرة، وعلى الفور تم نقل الطفل من خلال سيارة إسعاف مجهزة، وتابع حالته فريق طبى كامل، وتم عمل جميع الإجراءات والفحوصات والأشعة اللازمة له، تمهيداً لإجراء عملية القسطرة القلبية، والتى تمت بنجاح خلال اليوم الأول من أيام عيد الأضحى المبارك، ولأول مرة فى مستشفيات القناة، من خلال منظومة التأمين الصحى الشامل الجديد يقوم على التكافل الاجتماعى وتغطى مظلته جميع المواطنين بمصر، فى حالات المرض وإصابات العمل بكل مستويات الرعاية الصحية سواءً كانت خدمات تشخيصية أو علاجية أو تأهيلية أو فحوصات طبية أو معملية، بما فى ذلك ما يتعلق بطب وجراحة الفم والأسنان والرعاية الطبية المنزلية، مع إمكانية العلاج المجانى بالخارج لمن يتعذر علاجه داخل مصر.
منظومة التأمين الصحى الشامل الجديدة هى ما حلم بها الشعب المصرى فى العلاج وفق أعلى معايير الجودة العالمية، فى الوقت الذى حفظت فيه الدولة حق غير القادرين فى العلاج مجانا على أن تتحمل هى فاتورة علاجهم، فمنظومة التأمين الصحى الشامل الجديدة هى إحدى ثمار الإصلاح الاقتصادى الذى أسهم فى تمكين الحكومة من زيادة الإنفاق على الصحة باعتبارها ركيزة أساسية فى استراتيجية بناء الإنسان، وهذا الكلام أكده وزير المالية من أن الخزانة العامة تتحمل قيمة اشتراك غير القادرين، فى إطار حرص الدولة على توفير الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، إن تطبيق قانون التأمين الشامل سيكون إلزاميا على جميع المواطنين المقيمين داخل البلاد، واختياريا على المصريين العاملين بالخارج، وكذلك المقيمين مع أسرهم بالخارج.
ويتم تمويل المشروع وفقًا للقانون من حصة أصحاب الأعمال المحددين بقوانين التأمينات الاجتماعية عن اشتراكات العاملين لديهم بواقع ٤٪ شهريًا لكل منهم، ومساهمة تكافلية من الإيرادات السنوية للمنشآت الفردية والشركات والهيئات العامة الاقتصادية، وجزء من مبيعات السجائر ومشتقات التبغ، وجزء من الرسوم المقررة عند استخراج أو تجديد رخصتى القيادة وتسيير السيارات وهنا يتضح أن الدولة حريصة على استدامة الملاءة المالية لنظام التأمين الصحى الشامل، بما يجعله يتسم بالمرونة الكافية لمواكبة أى متغيرات ويضمن استمراره بكفاءة عالية خاصة أنه سيتم وفقًا للقانون إجراء دراسات اكتوارية دورية كل ٤ سنوات بحد أقصى لمراجعة الاستدامة المالية والتأكد من أننا نسير على الطريق الصحيح، وهنا لابد أن نرجع إلى الدكتور محمد معيط الذى قال: "لدينا موارد كافية لدعم نظام التأمين الصحى والنظام أصبح مؤمنًا تماما، وهنطلع من بورسعيد بتجربة قوية نطبقها فى كل المحافظات"، إن المنظومة الجديدة ستزيل خطر أن أى مواطن محتاج فلوس يعالج أهله وليس معه، أن الأسرة كلها تخضع للتأمين الصحى الجديد وستحصل على خدمات بأعلى جودة وللمريض الحق فى اختيار مكان علاجه والمستوى الذى سيعالج فيه وهذا ما جعل العديد من الهيئات والمنظمات العالمية يشيدون بالتجربة والتي يتم تطبيقها بأعلى معايير للجودة بالإضافة إلى شموليته جميع فئات المجتمع، فضلا عن وجود بنية تحتية صحية ضخمة يقدم من خلالها الخدمة للمواطنين.
وكان من ضمن الهيئات العالمية المتابعة للمشروع بعثة البنك الدولى برئاسة "ركها منون" مدير البنك الدولى الإقليمى لقطاع الصحة والتغذية، حيث تفقدت البعثة مبنى هيئات التأمين الصحى الشامل وغرفة عمليات إدارة المنظومة وتم عرض النموذج المصرى لإدارة منظومة التأمين الصحى الشامل، وكيف تم تنفيذ المشروع على أرض الواقع، وقامت البعثة بزيارة إحدى الوحدات المنضمة للمنظومة، وتم تتبع خط سير المنتفعين داخل الوحدات واستعراض التجهيزات الطبية وغير الطبية، وأشادت البعثة بدقة تسجيل البيانات على المنظومة الإلكترونية، وأثنوا على نظام طب الأسرة وفتح الملفات العائلية بالمحافظة، وأشاد خبراء البنك الدولى بالتطبيق الإلكترونى لنظام الإحالة من الوحدات للمستشفيات الذى يتم في مصر لأول مرة ويبدو أننا سنعيش تجارب كثيرة تحدث لأول مرة.
كان المصرى عندما يسافر للخارج يشعر بالغيرة من الخدمات الصحية التى تقدمها البلدان لمواطنيها، وكان يقارن بين تجاربه الشخصية فى مصر عندما يذهب للمستشفى بجرح بسيط فيكتبون له روشتة لشراء الشاش والمطهرات من الصيدليات الخارجية، وبين ما يجده من خدمات فى الخارج إلى أن بدأ تحقيق الحلم من المدينة الباسلة بورسعيد والتى سيتم نقل التجربة منها لكل مصر، ليتم علاج 100 مليون مصرى فى نظام صحى شامل يضاهى أفضل الأنظمة فى العالم.