العديد من الأزمات التى تقع بين المالك والمستأجر بسبب أحقية الأخير في التنازل عن العين المؤجرة لأخر من طريق «الباطن» وهو ما يعرف فى سوق العقارات بـ«التنازل عن الإيجار» المتمثل فى قيام المستأجر بتحويل كامل حقه فى عقار ما إلى شخص آخر، بحيث إذا قام شخص بتوقيع عقد الإيجار لمدة 12 شهرًا - على سبيل المثال - بينما قرر ترك السكن أو العقار بعد 6 أشهر فقط، فيمكنه إيجاد شخص آخر يحل محله بالوحدة السكنية أو العقار على أن يقوم بسداد الإيجار مباشرة إلى مالك العقار، وتكون لديه كافة حقوق ومسئوليات المستأجر الأصلى.
فى التقرير التالى «اليوم السابع» يلقى الضوء على أحد أهم الأسئلة التى تشغل ملايين المصريين سواء ملاك أو مستأجرين، وهو «هل للمستأجر فى عقود الإيجار الخاضعة للقانون المدنى الحق فى التنازل عن الإيجار، ونقل العين من الباطن إلى آخر ما لم ينص العقد على منعه من ذلك؟» - بحسب المستشار القانونى لرابطة المستأجرين – تحت التأسيس - والمحامى بالنقض، ميشيل إبراهيم حليم.
مسألة أحقية يحق المستأجر التنازل عن العين لآخر من الباطن تناولتها المادة 593 من القانون المدنى تنص: «للمستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن، وذلك عن كل ما استأجره أو بعضه ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك»، فالأصل العام أنه يحق للمستأجر التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن طالما أن «عقد الإيجار» قد خلا من شرط مانع من ذلك ولا يحق للمؤجر طلب الفسخ عند تأجير المستأجر للعين المؤجرة من الباطن أو التنازل عن الإيجار طالما لم يمنعه من ذلك باتفاق مكتوب.
والتنازل عن الإيجار – وفقا لـ« حليم » - يتضمن حوالة حق بالنسبة إلى حقوق المستأجر وحوالة دين بالنسبة لالتزاماته ويعتبر المستأجر المتنازل ـ فيما يختص بحق الانتفاع بالعين المؤجرة الذى حوله إلى المتنازل له فى مركز المحيل ومن ثم فإن ضمانة لهذا الحق ولو كان التنازل بعوض يخضع للقواعد المقررة للضمان فى حوالة الحق وليس للقواعد المقررة لضمان البائع فإذا تحقق سبب الضمان وفقا للمادة 308 من القانون المدنى فإن المستأجر المتنازل لا يلزم طبقا للمادة 310 إلا برد ما استولى عليه مقابل حق الانتفاع الذى حرم منه المتنازل له مع الفوائد والمصروفات لو وجد اتفاق يقضى بغير ذلك طبقا للطعن رقم 343 لسنة 32 ق جلسة 8/12/1966 س 17 ص 1855.
إلا أن منع المؤجر للمستأجر من أن يؤجر من الباطن يقتضى منعه من التنازل عن الإيجار وكذلك العكس وهو ما نصت عليه المادة 594/1 من القانون المدنى، فى حين نصت الفقرة الثانية من المادة المذكورة على... ومع ذلك إذا كان الأمر خاصا بإيجار عقارا انشأ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر، جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضى بإبقاء الإيجار إذا قدم المشترى ضمانا كافيا ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق.
والمتجر فى معنى المادة 594/2 من القانون المدنى يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية كالعملاء والسمعة التجارية والحق فى الإجارة ولئن كانت هذه المقومات المعنوية هى عماد فكرته وأهم عناصره إلا أنه لا يلزم توافرها جميعا لتكوينه بل يكتفى بوجود بعضها ويتوقف تحديد العناصر التى لا غنى عنها لوجود المحل التجارى على نوع التجارة التى يزاولها والتى توائم طبيعته.
وهو ما جرى به قضاء هذه المحكمة: «لما كان ذلك وكان المقصود بالحق فى الإدارة كأحد مقومات المحل التجارى هو حق صاحب المتجر المستأجر فى الانتفاع بالمكان المؤجر الذى يزاول فيه تجارته وفى التنازل عن عقد الإيجار للغير فإن بيع المحل التجارى يتم مجردا من هذا العنصر إذا كان التاجر يمارس تجارته فى عقار مملوك له وإذ كان الثابت أن المطعون عليه الثانى كان يملك العقار الواقع به المحل التجارى الذى باعه للمطعون عليه الأول فإن هذا البيع لا يتضمن الحق فى الإجارة أصلا لا يقدح فى ذلك ما ورد بعقد بيع المتجر من أن البيع يشمله ضمن المقومات المادية والمعنوية لأنه يقع على غير محل ويكون ما ورد بالعقد المشار إليه من تحرير عقد إيجار العين المبيعة تأكيدا لاستقلال البيع بمقوماته من الإجارة بشروطها ولا ينفى أن المكان المؤجر يخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن وهى أحكام آمرة لا يجوز للمتعاقدين مخالفتها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر أن عقد الإيجار مستقل عن عقد البيع، فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون طبقا للطعن رقم 476 لسنة 42 ق جلسة 26/5/1976 س 27 ص 119.
إلا أن لم يضع المشرع فى المادة 594/2 من القانون المدنى ضابطا يستهدى به فى تحديد الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع والتى يترتب على توافرها الإبقاء على الإيجار للمشترى رغم الشرط المانع بل ترك أمر تقديرها لمحكمة الموضوع تستخلصها من ظروف الدعوى وملابساتها دون معقب من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة من أصل ثابت بالأوراق ومؤدية عقلا إلى النتيجة التى انتهت إليها - الطعن رقم 212 لسنة42 ق جلسة 10/11/1976 س 27 ص 1563.
وتنص المادة 595 من القانون المدنى فى حالة التنازل عن الإيجار يبقى المستأجر ضامنا للمتنازل له فى تنفيذ التزاماته، وتنص المادة 596 من القانون المدنى:
1- يكون المستأجر من الباطن ملزما بأن يؤدى للمؤجر مباشرة ما يكون ثابتا فى ذمته للمستأجر الأصلى وقت أن ينذره المؤجر.
2- ولا يجوز للمستأجر من الباطن أن يتمسك قبل المؤجر بما يكون قد تم قبل الإنذار وفقا للعرف أو لاتفاق ثابت تم وقت الإيجار من الباطن.
والمقرر فى قضاء محكمة النقض أن مفاد المادتين 596 و597 من القانون المدنى أنه فى الإيجار من الباطن تبقى العلاقة بين المؤجر والمستأجر الأصلى خاضعة لأحكام عقد الإيجار الأصلى، فيطالب كل منهما الآخر بحقوق بمقتضى هذا العقد، ويسرى على العلاقة بين المستأجر الأصلى والمستأجر من الباطن أحكام عقد الإيجار من الباطن ولا ينشىء هذا العقد الأخير علاقة مباشرة بين المستأجر من الباطن والمؤجر الأصلى إلا فى شيء واحد هو الأجرة فيكون المستأجر من الباطن ملزما بأن يؤدى للمؤجر مباشرة ما يكون ثابتا فى ذمته للمستأجر الأصلى من الأجرة وقت إنذار المؤجر له عن المدة التى تلحق الإنذار على نحو ما فصلته المادة 597 من ذلك القانون.
ولا ينشىء عقد الإيجار من الباطن علاقة مباشرة بين المؤجر الأصلى وبين المستأجر من الباطن إلا إذا قبل المؤجر الأصلى الإيجار من الباطن دون تحفظ أيضا لما كان ذلك، وكان الواقع فى الدعوى أن المالك الجديد للعقار إنما استأدى الأجرة من الطاعنين لا بوصفه مستأجر من الباطن بل بوصفه مستأجرا أصليا بناء على العقدين اللذين أبرمهما معه، بما يتضمن جحدا من المالك الجديد لعقد الإيجار من الباطن المبرم بين الطاعن والمطعون عليه فإن الحكم المطعون عليه يكون قد أصاب إذ لم يعتد قبل المطعون عليه ـ المستأجر الأصلى ـ بالمبالغ التى دفعها الطاعن ـ المستأجر من الباطن ـ للمالك الجديد - الطعن رقم 851 لسنة 43 ق جلسة 15/6/1977 س 28 ص1446.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة