إذا كنت ممن حالفهم الحظ لزيارة الأراضي المقدسة والتحرك من مكة المكرمة لمدينة رسول الله، ستقف على مدى الرحلة الشاقة التي قطعها الرسول في هجرته لـ"يثرب" أو المدينة كما أطلق عليها بعد ذلك.
نحو أكثر من 500 كيلو متر، ستقطعها وأن تستقل "حافلة" مكيفة، ربما تتوقف مرة أو مرتين للاستراحة، بالرغم من أنك تسير في مكان ممهد بشكل رائع، وتجلس على مقعدك أسفل التكيف، ويدك وعينيك مشغولين بالبحث على جهاز المحمول وتتفصح الانترنت، ومع ذلك تشعر بالمشقة في رحلة ربما تستغرق الساعات.
في كل مرة أزور فيها الأراضي المقدسة، أفكر في الرحلة النبوية، وكيف قطع النبي الكريم وصاحبه أبو بكر، هذه الرحلة الشاقة، وسط الجبال والرمال، حتى وصلا للمدينة المنورة.
كل مرة أقف على مدى عظمة النبي القائد، وهو يتحمل الصعاب والمشقة من أجل تبيلغ الرسالة، أتخيل رجلاً يترك أهله وبلده ووطنه الذي عاش فيه حياته كاملاً ويسافر لبلد آخر لا يعرف فيها الكثير، لإيمانه برسالته وحرصه على الذهاب بها لآخر الدنيا وحمياتها.
وأنت تتحرك بين مكة والمدينة، تتعلم من قصة الهجرة، أن الصديق أهم من الطريق، وكيف عانى أبو بكر طوال الرحلة، وسر تخوفه على صديقه وصاحبه، وتتعلم الصبر والتفاؤل وأن بعد الضيق سيكون حتماً فرجاً، فقد عاد النبي بعدها بسنوات فاتحاً لمكة وسط الآف من الأنصار، وتساقطت أمامه الأصنام، وبدأ الناس يدخلون في دين الله أفواج.
تعلموا من رسولكم، العمل والإجتهاد والصبر والعزيمة، اجعلوا حياتكم كلها عمل وأخذ بالأسباب، إذا ضاقت عليكم الدنيا، فابحثوا عن الأمل والعمل في مكان آخر، لا تستسلموا، قاتلوا من أجل أحلامكم للحظات الأخيرة في العمر.
في ذكرى هجرة الرسول، صلوا عليه، وتذكروا حياته وتعلموا منها، واجعلوا يومكم عمل وعبادة.