ليست هى المرة الأولى.. ولن تكون الأخيرة داخل المجتمع الأمريكى..الدماء التى أريقت خلال اليومين الماضيين وقتل 29 فيها شخصا، وجرح العشرات فى حادثى إطلاق نار بولايتي تكساس وأوهايو فى الولايات المتحدة الأمريكية هى حصاد ظاهرة العنف وجرائم القتل وانتشار الأسلحة فى المجتمع حتى أصبحت ثقافة يمارسها افراد الشعب الأمريكى ساهمت فيها السينما الأمريكية أيضا.
الأمر ليس غريبا.. فعلماء النفس والاجتماع حول العالم يؤكدون بأن الولايات المتحدة الامريكية أكثر دول العالم معاناة من ظاهرة انتشار الأسلحة، التى أسهمت فى تصاعد ظاهرة العنف والارهاب الداخلى التى أصبحت تهدد المجتمع الأمريكى، فأمريكا صاحبة أعلى معدل جرائم بشكل عام فى العالم، كما أنها تحتل المركز الأول فى معدل جرائم الاغتصاب على مستوى العالم أيضاً. وهى أكثر دول العالم معاناة من ظاهرة انتشار الأسلحة الشخصية، حيث فقدت الولايات الأمريكية سيطرتها على إدارة الأسلحة النارية، واستخدام السلاح الناري يودي بحياة الآلاف سنوياً وخاصة الشباب والأطفال.
الإحصاءات تشير الى أن هناك 84 بندقية أو مسدس لدى كل 100 شخص، فالمجتمع الأمريكي يشهد جريمة قتل تقريباً كل 22 دقيقة. أما عمليات الاختطاف والاغتصاب للأطفال والنساء، فهناك حوالي 100 ألف جريمة اغتصاب يتم الإبلاغ عنها سنوياً وذلك طبقاً للأمم المتحدة، بخلاف الجرائم والاعتداءات التي لا يتم الابلاغ عنها.
وحسب إحصاءات أمريكية فقد قتل أكثر من 600 شخصا حتى الآن نتيجة 75 عملية قتل جماعى بالرصاص شهدتها الولايات المتحدة في السنوات الـ 35 الماضية. وكانت حوادث إطلاق النار الأسوأ على الإطلاق وقعت فى عام 2012، وكانت أكبر عمليات إطلاق النار تلك قد وقعت في مدرسة نيوتاون بولاية كونيتيكت في 14 ديسمبر؛ وفيها، قتل آدم لانزا (20 عامًا) أمه بالرصاص في المنزل، قبل أن يتوجه بعد ذلك إلى مدرسة ساندي هوك الابتدائية، ويقتل 20 طفلًا وستة بالغين. وقام بالانتحار عقب تنفيذ جريمته.
المخرج الأمريكي الكبير أوليفر ستون جسد في رائعته السينمائية "ولدوا ليقتلوا" مأساة المجتمع الأمريكي الغارق في دوامات العنف حتي شعر رأسه، ويشير ستون إلي انتشار الأسلحة في الشوارع وبأيدي مراهقين يتحولون مع الوقت إلي قتلة بل إلي إدمان القتل، ووقال ستون ان المجتمع الأمريكي يمر بمراحل خطيرة، فهذه الحوادث لم تكن لتقع منذ 20 عامًا ماضية، حيث إن أكثر الطلبة عدوانية وشغبًا لم يكن ليفكر في إطلاق النار في الفصل، لكن ذلك أصبح مألوفا وشائعا اليوم، حيث يرى العديد من المراهقين الذين يعانون من مشكلات أن العنف هو الحل، فالعنف أصبح ممكنا مثل الانتحار، فهناك طالبا من بين كل 4 طلاب، ومعلما بين كل 9 معلمين ، يتعرضان لهجوم في المدارس سنويا، وأن 1-5 من طلبة المدارس العامة يعتقدون أن العنف والمخدرات هما أخطر المشكلات الموجودة في مدارسهم.
انتشار فوضى السلاح في أمريكا هى من القضايا الشائكة والخطيرة التى لم تحسمها الإدارة الأمريكية، سواء بالحظر أو تقنين امتلاك الأسلحة في الولايات الأميركية الخمسين، وفاقم الظاهرة تنامي ثقافة الرجعية والعنصرية في المجتمع الأمريكي ، فالشخص الذى أطلق النار فى تكساس برر جريمته " بأنه يريد التخلص من الاستعمار الأسبانى"..فى إشارة إلى انتشار عدد كبير من الاسبان واللاتين فى الولاية.. بما يعنى أنه لا ينتمى إلى عصابات إجرامية منظمة أو حركات ارهابية وإنما يعتنق أفكار عرقية وعنصرية.. وحاول ترامب بعد وصوله للحكم معالجة هذه الظاهرة لكن يبدو أن العلاج سيحتاج وقتا طويلا لتغيير ثقافة المجتمع وتقنين عملية انتشار السلاح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة