أما إن الإرهاب يتنافى مع كل القيم الدينية والإنسانية فهو تحصيل حاصل، والإرهابى لا يراجع كتب الدين والأخلاق قبل أن يمارس قتل الأبرياء فى سيناء أو أمام معهد الأورام ضد الجيش والشرطة أو المدنيين أو السياح، فالكل هنا واحد، والتصنيف هو من عمل شياطين الإرهاب، وهو ما بدا فى بيان تنظيم إخوانى يحاول تقسيم المواطنين المصريين، بينما هو يعمل وغيره لصالح جهات تمويل وتوجيه تغسل له مخه وتحوله إلى أدوات للقتل، وربما يكون مقتنعا أنه يؤدى عملا يقربه لله، بينما هو يرتكب أكثر الجرائم انحطاطا.
هذه هى التفاصيل التى تغيب عن البعض وهم يمارسون «العادة السوشيالية»، ويمارسون الفتى والادعاء بالعلم والشماتة أو يظهرون غضبا مصطنعا ومبالغا فيه، بينما هم جالسون خلف شاشات مضيئة، فالإرهاب لا يفرق بين مواطن وآخر ولا بين مدنى وعسكرى، وربما يكون بعض خبراء الأعماق بحاجة إلى معرفة ذلك، واكتشافه بأنفسهم وهم يرون اعمال الإرهاب تطال ابرياء ومرضى بمعهد الأورام وذويهم، أو عروس وأهلها فى ميكروباص، أو مصلين فى مسجد بالعريش، أو فى كنيسة بطنطا أو الإسكندرية.
ولا مانع إطلاقا من أن نبدى الغضب من تأخر إعلان بيان رسمى، أو أن نلوم إعلاما ليس على مستوى الحدث، فقط يفترض أن يأخذ الواحد نفسا ويعطى نفسه وغيره فرصة للتفكير، نحن أمام تفجير غير طبيعى وجهات الأمن لا يفترض أن تستبق الأحداث وتصدر حكما قبل أن تعمل وتبحث وتحلل، وارد أيضا أن تكون هناك معلومات أولية متضاربة، وهو أمر يحدث فى كل العالم المتقدم الذى ينبهر به خبراء العمق العميق على صفحاتهم، ففى أى حادث تصدر الجهات بيانا أوليا ثم تأخذ وقتا قبل أن تعلق بعض الحقائق، ومع أن الخبراء لدينا يشعرون بالدونية والانبهار أمام الخارج فهم يمارسون الاتهام والادعاء قبل أن تظهر أى معلومة.
وقع حادث معهد الأورام قبل منتصف الليل، وحدثت تناقضات فى المعلومات الأولية، وأعداد الشهداء، وضاعف من الالتباس سيل المعلومات والفتاوى على مواقع التواصل، مع خليط من الحزن والغضب الحقيقى، والادعاء والتمثيل، والشماتة، خلف ستار من الحزن المزعوم.
الضحايا من الفقراء والمرضى والعابرين الأبرياء كافية لتمزيق أى قلب لديه بعض الشعور، لكن خبراء «الولا حاجة» وجدوا لديهم برودا وطاقة، ليبدأوا حفلات الملامة المكررة، قبل أن يعرف الواحد ماذا جرى ولا كيف.
رأينا صحفيين وإعلاميين يصبون لومهم على زملائهم، مع أنهم أيضا صحفيون، يعانون من نفس ما يعانيه زملاء لهم، بل وهناك صحفيون استمروا يعملون طوال الليل وجزء من النهار لينقلوا ما يحدث فى مواقعهم وصحفهم، كل منهم قام بدوره، بينما آخرون يجلسون ليمارسوا الادعاء ويروجون تحليلات وادعاءات خالية من أى شىء سوى البلبلة.
طبعا هناك من يبدأ فى محاسبة الأمن على تقصير وهمى، وهؤلاء يرون ما يجرى فى العالم من حولهم، وأن الإرهاب عمل مفاجئ يقوم به جرذان مغسولى العقول، وفى دول أخرى لا تواجه ما نواجهه من إرهاب واسع، نراها تقع فى أعماق الارتباك مع هجمات أقل وأضعف مما نواجهه بشكل مستمر.
لا مانع أن يكون لدى كل شخص وجهة نظر فى السياسة يؤيد أو يعارض، فقط أن يعى أن الإرهاب لا ينتقى ولا يفرق بين أى من المواطنين ولا المنشآت، ولا يفرق بين مريض سرطان أو مصل فى مسجد أو كنيسة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة