مجموعة من المؤشرات الاقتصادية أعلنت عنها مؤسسات الدولة خلال الفترة الماضية، وأكدتها المؤسسات المالية الدولية، تكشف بصورة كبيرة كيف بدأت عملية الإصلاح الاقتصادى الصعبة التى تحملها الشعب المصرى بشجاعة، تؤتى أكلها وتحقق العائد المرجو منها، بما يعنى أن المرحلة الأصعب من الإصلاح قد انتهت بسلام بفضل بطولة الشعب المصرى، الذى وعى لضرورات المرحلة وتراث المسكنات المدمرة، الذى عشنا عليه وأجل عملية التنمية الحقيقية خمسين عاما.
كما نقول إن الأوان قد آن لنجنى ثمار هذا الإصلاح المر، الذى لم يعد مرا بعد الآن، ولولا الأزمات التى تمر بها المنطقة العربية ومحاولات نشر الفوضى بها وفق مخططات مدفوعة من دول كبرى، لكان وضع الإصلاح الاقتصادى عندنا أسرع وأكثر تأثيرا وأقل فى الآثار الجانبية.
المؤشرات الاقتصادية أكدت أن التضخم انخفض إلى 7,8%، مقابل 13% فى نفس الشهر من العام الماضى، يؤكد أن هناك تزايداً فى الإنتاج، وضبطاً للأسواق، كما انخفض معدل البطالة فى الربع الثانى من العام الجارى لتصل إلى 7,5 % مقارنة بـ8,1 % فى الربع الأول من العام كما سجل الرقــم القياسى العـام لأسعـار المستهلكين لإجمالى الجمهورية ارتفاعاً قدره «1.5%» مع اكتمال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى المتفق عليه مع صندوق النقد الدولى وتسلم مصر الشريحة الأخيرة من قرض الصندوق البالغ 12 مليار دولار.
وفى الأيام الأخيرة بدأت الجهات الاقتصادية العالمية تتحدث عن مستقبل واعد للاقتصاد المصرى، وترافق مع ذلك عشرات الشركات العالمية الراغبة فى زيادة أو بدء الاستثمار فى السوق المصرية الواعدة، فشهدنا وفودا من شركات أوروبية وآسيوية حضرت إلى مصر للتفاوض حول إقامة شراكات ومشروعات بين القاهرة والإسكندرية، كما توالت العروض على منطقة قناة السويس لإقامة المشروعات العملاقة والمناطق الاستثمارية المتخصصة، وأعلنت كبريات الشركات البترولية زيادة تدفقاتها الاستثمارية وإعلانها عن كشوف جديدة فى مصر، ورافق كل ذلك استمرار تراجع سعر الدولار لأول مرة منذ إعلان تحرير سعر صرفه إلى ستة عشر جنيها ونصف مع استمرار التراجع ساعة بعد ساعة. وترافق ذلك مع تأكيدات خبراء صندوق النقد وكبريات المؤسسات المالية الدولية بأن الجنيه المصرى سيظل متماسكا أمام الدولار مع استمرار تراجع معدلات التضخم، وهى كلها إشارات ومؤشرات مطمئنة لنا، مؤكدة أن مسارنا لإصلاح الاقتصاد كان صحيحا بقدر ما كان حتميا.
الغريب أنه مع تواتر المؤشرات المحلية والدولية بالتحسن الملحوظ فى الأداء الاقتصادى ومؤشراته سواء على مستوى تراجع عجز الخزانة أو معدلات التضخم وزيادة نسبة النمو فى الدخل، مازالت الأبواق المحسوبة على جماعة الإخوان الإرهابية والمنصات المأجورة فى تركيا وقطر تحاول تشويه الأوضاع الاقتصادية فى مصر وتصور المصريين جميعا وكأنهم يعيشون تحت خط الفقر، ولا يجدون قوت يومهم، مع أنهم أثبتوا بطولة منقطعة النظير فى تحمل برنامج الإصلاح ومساعدة وطنهم على المرور من المرحلة الصعبة لعلاج القصور المتراكم على مدى أكثر من خمسين عاما.
هذه المنصات المأجورة والقنوات العدوة التابعة لأجهزة استخبارات معادية، لا هم لها إلا التشوية والحط من أى إنجاز يتحقق فى الداخل المصرى، وإن لم تجد خطأ أو قصورا تضخمه وتحوله إلى كارثة الكوارث حتى يلطم ويندب حولها الأبواق المأجورة، تخترع وتزيف وتلوى عنق المعلومات والأرقام، حتى توجد المصيبة التى تولول عليها، فالمهم هنا إحباط المصريين والضغط عليهم نفسيا لإشعارهم أنه لا فائدة من نضالهم فى سبيل البلد وإصلاحه، وهل يريدنا الأعداء أن نستمر فى الإصلاح أو التقدم أوالبناء وصناعة مستقبل أفضل لأبنائنا؟ بالطبع لا.
الخلاصة المؤكدة، أننا نسير فى الطريق الصحيح وهو طريق صعب يحتاج إلى مزيد من العمل والجهد وإنكار الذات، كما يحتاج منا إلى حرق المراحل حتى نلحق ما فاتنا من إصلاح، وفى الوقت نفسه لابد أن ندرك أن أعداءنا لن يتركونا فى حالنا ونحن نبنى وننمو ونفسد عليهم مخططاتهم، وهنا علينا أن نمتلك المناعة الضرورية فى مواجهة شائعاتهم وأخبارهم المزيفة وتقاريرهم الموجهة، فهذا القصف المبرمج على أدمغة المصريين لن يتوقف، بل سيزداد ضراوة وقبحا كلما حققنا نجاحات فى جميع المجالات، وندعوالله أن نظل كما نحن شوكة فى عيون الأعداء.