لا اميل للمقارنة، وكل دولة لها ظروفها فى مواجهة الإرهاب أو العنف الجنائى، لكن المقارنة تبدو مفيدة فى توضيح بعض الظواهر التى ترتبط بالإرهاب والاغتيالات اليمينية، حيث يحمل المتطرفون دائما كراهية تستند لفهم خاطئ للعقيدة أو الوطنية تدفعهم للقتل، وهى أمور تغيب لدى قطاعات من المدعين وهم يتجاهلون العنف والارتباك تجاه القتل فى أكبر الدول فى العالم، بينما يسارعون بصب ملامتهم على دولة تواجه إرهابا عنيفا طوال سنوات، والواقع أن المقارنة تبدو ضرورية أمام قطاعات تشعر بالدونية تجاه الغرب، ويلومون الضحايا لدينا.
ونقول هذا بمناسبة ما يجرى فى الولايات المتحدة الأمريكية، من حوادث قتل تتكرر وتتجاوز كونها حوادث فردية مما جرت عليه العادة فى أمريكا، ليصبح قتلا عنصريا يمينيا، وفى مواجهة هذا نجد بعض المقيمين فى أمريكا يتجاهلون ما يجرى حولهم، ويتفرغون لتوجيه اللوم إلى ضحايا الإرهاب فى مصر.
فقد شهدت الولايات المتحدة حادثى إطلاق نار دمويين وقع ضحيتهما 31 قتيلا الأسبوع الماضى فى كل من تكساس وأوهايو بينهما ساعات.. فى وقت تقدر دراسات بأن عدد قتلى الولايات المتحدة من حوادث العنف العشوائى خلال الـ50 عاما الأخيرة فاق خسائر البشرية من الحروب التى خاضتها منذ نشأة الولايات المتحدة.
أعلنت شرطة مدينة إل باسو فى ولاية تكساس، أنها وجهت تهمة القتل إلى المتّهم البالغ من العمر 21 الذى ارتكب مجزرة السبت راح ضحيتها 22 شخصاً، من أصل إسبانى، بينهم ستة مكسيكيين كانوا يتسوقون داخل مركز تجارى، فى هجوم يحمل دوافع عنصرية ووصفته وزارة العدل الفدرالية بأنه «إرهاب داخلى»، حيث نشر المتهم بيانا على الإنترنت قبل ارتكابه الجريمة ضد ما وصفه بـ«غزو ذوى الأصول الإسبانية» لتكساس وبعد أقل من 13 ساعة فى أوهايو، وذكرت هذه الأحداث بالمجزرة التى ارتكبها رجل عنصرى أبيض فى نيوزيلندا بإطلاق نار على مسجدين فى مدينة كرايست تشيرش فى مارس الماضى أسفر عن مقتل 51 شخصاً.
فى الولايات المتحدة الدولة الأقوى والأكبر هناك عجز عن كبح جماح السلاح، واتهامات للقتلة بأنهم تحركوا بناء على دعايات حملة ترامب او اليمين المعادى للمهاجرين. وفى الوقت الذى يرفع فيه امريكيون دعاوى لتعديل تشريعات حيازة وشراء الأسلحة يرفض الرئيس الأمريكى ترامب لأسباب انتخابية أن يقدم تشريعات بهذا الصدد.
وما يلفت النظر هنا، اننا أمام دولة مستقرة تعجز عن الوقاية من عمليات القتل، ووصل الامر لصدور تحذيرات اوربية لمواطنين من السفر للولايات المتحدة بعد تعدد حوادث القتل والإرهاب العنصرى بالولايات المتحدة. وهو تهديد محلى، وليس مستوردا ولا مدعوما من دول وأجهزة مثلما هو مع الإرهاب العابر للحدود لدينا.
نحن امام إرهاب عابر للحدود ويحظى بتمويل خارجى سخى، وفى نفس الوقت هناك قنوات وأدوات اعلامية خارجية تدافع عن الإرهاب وتدعمه، وهو يرتكب أكبر جرائم القتل ضد الابرياء. وهى أحداث يفترض ان تلفت نظر محللى العمق، والمدافعين عن الإرهاب وتبنى قضاياه لدينا، ومن يسارعون بلوم الضحايا وتجاهل حجم وشكل التهديد الإرهابى. بينما نفس الافراد ممن يبدون انبهارا بدول المهجر، لايرون كون هذه الدول بما لديها من إمكانات بشرية وتقنية، تعجز عن مواجهة قتل عنصرى وإرهاب موجه.