التائبون توبة نصوحا لا ينتظرون مقابلا، فكل عمليات المراجعات الفكرية، المشروطة، كانت مراجعات واستتابات وهمية، هدفها تحقيق أقصى المغانم، مثل الخروج من السجون، والتنصل من جرائم التنظيمات والجماعات المنضمين لها وفقا لمعطيات ظرف سياسى ما، بجانب عدم المتابعة الأمنية، ولكم فى مراجعات شلة عاصم عبد الماجد وطارق الزمر وأبوالعلا ماضى وعصام سلطان وغيرهم، أسوة سيئة..!!
صاحب المراجعات الفكرية، لابد أن تتأسس لديه عقيدة أن الأفكار المتطرفة التى اعتنقها، فاسدة ولا تمت للدين بصلة، كما يدرك أن التنظيم أو الجماعة المنضم لها، وتحديدا جماعة الإخوان الإرهابية، أفكارها فاسدة، وقياداتها من المنافقين الباحثين عن جمع المغانم من سلطة وأموال على حساب كل القيم الدينية والأخلاقية والوطنية..!!
وإذا لم تترسخ عقيدة المراجعات الفكرية، بشكل ذاتى، وعن قناعة تامة، لا يؤثر فيها كائن من كان، فإن هذه المراجعات والأطروحات، لا قيمة لها، ولن يؤتى أكلها، وهدفها تحقيق مغانم من وراء ترديد مثل هذه المبادرات، إدراكاً بضعف موقفهم، وضعف وترهل التنظيمات التى ينتمون لها، وبمجرد ما تتغير الظروف السياسية، وتبدأ شوكتهم فى الاستقواء من جديد، يعود التائب إلى أخطر مما كان عليه بمراحل، وتتشبع جيناته بروح الانتقام..!!
التاريخ لا يكذب ولا يتجمل، فهو سجل ذكريات، يدون كل التفاصيل، عن الأحداث، فى مختلف المجالات، وكل العصور، ليعود إليها الإنسان، وينهل منه المواقف المشابهة لحالته الآنية التى يحياها، والتاريخ سجل لنا عشرات بل مئات المراجعات، وسجلتها عشرات الكتب، وساندت الدولة كل العناصر المستتابة، وما إن اندلعت 25 يناير 2011 حتى فوجئنا بالمستتابين، بقيادة وزعامة عاصم عبدالماجد، يتصدرون المشهد الفوضوى، ويعودون أكثر شراسة، وعنفا، وحقدا على المجتمع، من ذى قبل.
نعم، أعلنت الجماعة الإسلامية الإرهابية، مبادرتها لوقف العنف سنة 1995 ومراجعاتها للفكر المؤسس له بدءا من عام 1997، وفى نهايات 2007 أعلن منظر السلفية الجهادية، وأمير الجهاد السابق الدكتور فضل وثيقته «ترشيد العمل الجهادى فى مصر والعالم»، بجانب وثيقة أبوالعلا ماضى، رئيس حزب الوسط، والذى أعلن استتابته وانشقاقه عن جماعة الإخوان، وتصدر مشهد المنشقين التائبين المعترفين بفساد الفكر الإخوانى، وغيرهم من القيادات البارزة.
ورغم ذلك، وبمجرد اندلاع 25 يناير وجدنا أبوالعلا ماضى وعصام سلطان وعاصم عبد الماجد، وغيرهم، يتصدرون المشهد ويعودون للارتماء فى أحضان جماعة الإخوان، بالتحالف تارة والدعم والتأييد تارة أخرى، وصاروا أبواقا مدافعة ومبررة لمواقف الجماعات الإرهابية، بل ويتصدرون منصة معسكر رابعة الإرهابى، ينفثون سمومهم فى العباد، ويدعون إلى القتل والتخريب والتدمير، دون أى وازع من دين أو ضمير وطنى.
لذلك من يطرح فكرة المراجعات والاستتابة والتنصل من التنظيمات الإرهابية حاليا، عليه أن يعمل بالشعار الذى دشنته هيئة اليونسكو منذ ميلادها فى 15 نوفمبر عام 1945 ومستمر حتى الآن، والذى يقول إن الحرب تبدأ فى العقول كما يبدأ فيها السلام، وهو ما يعنى أن خطاب العنف أكثر خطورة من ممارسته، مما يجعل المراجعة الفكرية للفكر المتطرف أو الإقصائى أهم وأكثر جوهرية من التراجع العملى فى الفضاء العام نتيجة عدم توازن القوى لصالحها، وبينما تظل المراجعات العملية لحظات أو هدنة مؤقتة، تعنى المراجعات الفكرية تحولا عمليا مضادا فى اتجاه مختلف، ووقفا لفعل العنف واعتذارا مبطنا أو معلنا عن مبرراته ذاته، هى تأسيس مضاد وكفران بإيمان قديم نحو إيمان جديد بدرجة كبيرة.
إذن، وقولا واحدا، فإن المراجعات الفكرية والتنصل من التنظيمات، لابد أن تؤسس على قناعة فكرية كاملة، وغير مشروطة، وأن تكون مستمرة وليس لهدنة مؤقتة لمسايرة ظرف سياسى بعينه، وعندما يتغير هذا الظرف يعود المستتاب عن غير قناعة لأفكاره الإرهابية، أكثر شراسة..!!
ولك الله.. ثم شعب واع وصبور.. وجيش قوى يا مصر...!!