بعد مرور ما يقرب من عقدين على نهاية الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى السابق، لم تتوقف حرب الجواسيس بين الولايات المتحدة وروسيا، ولم تتوقف عمليات التجسس المختلفة بين الطرفين طوال هذه السنوات، وتتخذ شكلا دعائيا فى أغلب الأحيان، وقد بلغت حرب التجسس أقصاها فى عهد الرئيس الأمريكى السابق أوباما، مع تصاعد اتهامات الديمقراطيين للروس بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية، لصالح دونالد ترامب.
وعادت حروب الجواسيس لتطل من جديد، فقد أعلنت السلطات الروسية انتهاء التحقيق مع بول ويلان وهو موظف فى إدارة فى هيئة الحراسة لشركة «بورج وارنر» لقطع غيار السيارات ومتهم بالتجسس لصالح الولايات المتحدة الذى اعتقله جهاز الأمن الفدرالى الروسى نهاية العام الماضى، وهو عسكرى سابق خدم فى المشاة البحرية الأمريكية يحمل عدة جنسيات، بما فيها الأمريكية والكندية والبريطانية، وقالت جهات التحقيق الروسية: أن ويلان يزور روسيا بشكل منتظم منذ عام 2007، ويعمل كموظف، وأصدرت محكمة روسية قرارا بتمديد اعتقال ويلان حتى نهاية حتى 29 أكتوبر القادم.
وفى نفس توقيت إعلان التحقيقات سربت مصادر فى إدارة الرئيس الأمريكى ترامب لـCNN معلومات أن الولايات المتحدة نجحت فى استخراج واحد من أعلى مصادرها السرية فى دائرة القيادة الروسية من داخل روسيا، وذلك فى مهمة سرية لم يتم الكشف عنها من قبل، وأن إبعاد الجاسوس الأمريكى فى الحكومة الروسية كان مدفوعًا بمخاوف من أن يكون الرئيس دونالد ترامب وإدارته تعاملوا بشكل يمكن أن يساهم فى كشف المصدر السرى فى الحكومة الروسية، حيث أعلنوا أن قرار استعادة الجاسوس تم بعد بعد وقت قصير من اجتماع فى مايو 2017 فى البيت الأبيض، ناقش فيه ترامب معلومات استخبارية سرية للغاية مع وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف والسفير الروسى آنذاك لدى الولايات المتحدة.
وأعلنت مصادر أخرى أن الجاسوس الأمريكى المسحوب من روسيا هو أوليج سمولنيكوف، الموظف السابق بالحكومة الروسية، من جهته أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميترى بيسكوف، أن سمولنيكوف، كان يعمل فى إدارة الكرملين، وتم فصله منذ عدة سنوات بقرار داخلى، واعتبر بيسكوف قصة «الجاسوس الأمريكى» فى الكرملين نوعا من الخيال الرخيص، وقال وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف: إنه لم يلتق ولم يرَ قط سمولنيكوف الذى تطلق عليه وسائل إعلام صفة الجاسوس الأمريكى.
كانت حرب الجواسيس بلغت أقصاها فى عهد الرئيس السابق باراك أوباما الذى قرر أول يناير 2017 قبل أسبوعين من مغادرته البيت الأبيض طرد 35 دبلوماسيا روسيا من أمريكا، بتهمة «الأعمال العدوانية الروسية والتدخل فى الانتخابات الأمريكية»، كان ذلك بعد فوز ترامب وخسارة هيلارى، وهو ما اعتبرته روسيا نوعا من الاتهامات الخيالية، ولم يرد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بالمثل، وأعلن أنه لن يطرد دبلوماسيين أمريكيين من روسيا.
ويومها شكك ترامب فى نية سلفه أوباما، واعتبر قراره جزءا من محاولة إخفاء فشل الديمقراطيين فى الانتخابات، وتضخيم الدور الروسى فى الانتخابات الأمريكية، لكن تبادل أنباء عن جواسيس لموسكو وواشنطن، يبدو جزءا من حروب تقليدية لم تتوقف منذ نهاية الحرب الباردة.