تشكيل المجالس المحلية يخفف العبء والضغط عن النواب الذين تحملوا مهام المحليات فى غيابها
وممارسة دور الرقابة والمحاسبة سيضبط الأداء ويساهم فى هيكلة وإعادة تخطيط المنظومة وإعمال النزاهة والشفافية
تمثل إجراء انتخابات المجالس المحلية التى يترقبها الجميع، ضرورة خاصة أن المجالس المحلية غائبة منذ نحو 10 سنوات، مما أحدث فراغا وفجوة، وأدى إلى ترهل وخلل فى مجال العمل المحلى، فالمحليات تعد عصب الدولة، وهى محور تقدم أى دولة وركيزة أساسية فى عملية تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وفى هذا الإطار، يحرص مجلس النواب بالتنسيق مع الحكومة، على خروج قانون الإدارة المحلية الجديد للنور فى دور الانعقاد المقبل للبرلمان الذى سيبدأ أول شهر أكتوبر القادم، ليتبعه إصدار لائحته التنفيذية، ثم الإعداد لإجراء انتخابات المجالس المحلية التى تعد انتخابات هامة جدا، سيتولد على أثرها مجالس محلية شعبية تمارس دور رقابى على الأجهزة التنفيذية بالوحدات المحلية، مما يفتح المجال للمحاسبة وضبط الأداء، وبالتالى يعود ذلك بإيجابية فى تحسن الأداء وتقديم خدمات للجمهور، مع ضرورة الاعتماد على العمل بشفافية ونزاهة.
وأكد عدد من البرلمانيين أن إجراء انتخابات المحليات فرصة لإعداد كوادر جديدة تقود العمل السياسى والعمل العام، وتعمل على ضبط وإعادة هيكلة منظومة المحليات، بالإضافة إلى توسيع المشاركة السياسية والشعبية.
ويقول المهندس أحمد السجينى، رئيس لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، إن نهضة الأمم تأتى من ضبط إيقاع العمل المحلى، وفى الدول الكبيرة المتقدمة لا يمكن أن يحدث تقدم فى مفهوم التنمية الشاملة والمستدامة، إلا بوجود جهد وإنجاز كبير فى شأن الملف المحلى، سواء على المستوى الإدارى والمالى والفنى والسياسى والبشرى.
ويضيف أن قانون الإدارة المحلية الجديد سيقضى على البيروقراطية والفساد فى الوحدات المحلية فى حالة تطبيق نصوصه، متابعا: «المحليات عانت من الفساد والبيروقراطية، وهناك ترهل كبير فى الجهاز الإدارى بالمحليات، والقانون الجديد سيقضى على هذا الخلل، فى ظل الاتجاه إلى تطبيق اللامركزية الإدارية والمالية».
ويشير السجينى، إلى أن الدولة المصرية واجهت خلال الفترة السابقة تحديات كبيرة فى مسألة ترتيب الأولوياتن، وآن الأوان أن يكون هناك نظرة وإرادة لملف المحليات كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وتابع رئيس لجنة الإدارة المحلية قائلا: «فى غياب المجالس المحلية، كلجنة إدارة محلية فوجئنا بأن المسؤولية ملقاة على عاتقنا فى ظل عدم وجود مجالس محلية، فحاولنا ضبط الإيقاع بمحاولة سد جزء من الفراغ فى ملف الرقابة المحلية، ووجدنا أكبر عدد فى تاريخ البرلمان لمناقشة طلبات الإحاطة المحالة إلينا، لكن مهما كان الجهد الذى يبذله النواب على مستوى الـ27 محافظة، وتبذله اللجنة لا يمكن تقارن بالمسؤولية الملقاة على عاتق المجالس المحلية، فـ595 عضو مجلس نواب مقابل ما يزيد عن 50 ألف عضو محلى منتشرين على مستوى المجالس المحلية فى الجمهورية، وليس لديهم أى أعباء سوى الرقابة على الوحدة التى تخصهم والخدمات التى تخص وحدتهم».
وأضاف: «على مستوى المفاهيم العامة مثل الانتقال إلى اللا مركزية، أعتقد أن المشروع الذى انتهت إليه لجنة الإدارة المحلية فى حال إصداره سيوفر البيئة الحاضنة لبداية مسيرة التنمية المحلية، كما أن بعض القوانين من شأنها أن تحسن الأداء المحلى، منها قانون التخطيط وإدارة المخلفات الصلبة وأيضا تعديلات قانون البناء الموحد، والتطبيقات الواقعية والرشيدة لقوانين تقنين أوضاع اليد على الأراضى، وكذلك قانون التصالح فى مخالفات البناء، وهذه القوانين من شأنها المساعدة والإسراع فى توفير البيئة المناسبة للنقلة التى نحلم بها على مستوى الإدارة المحلية بكافة مستوياتها».
وتحدث رئيس لجنة الإدارة المحلية، عن المعايير التى يتم على اساسها اختيار قيادات الوحدات المحلية، قائلا: كانت فى السابق تتم بشكل عشوائى، ولا يمكن أن ننكر أن المحسوبية والعلاقات كانت تدخل فى مكون تلك الاختيارات، مما يفسد الممارسة بحد ذاتها، وأن يكون هناك قيادة قادرة على مهنة صعبة، مشيرا إلى أن كثرة ضبط كثير من قيادات المحليات فى قضايا فساد أعطى انطباع عن انتشار الفساد فى المحليات و«الفساد للركب» كما هو مشاع عنها، ولجنة الإدارة المحلية انشغلت بهذا الملف الخاص بمعايير الاختيار، وأصرت أن يكون هناك مسابقات وامتحانات، وتم النص فى مشروع القانون الجديد على إنشاء أكاديمية الإدارة المحلية واشتراط الحصول على شهادة منها قبل التعيين فى الوظائف القيادية، نظرا لكونها وظيفة عامة.
وشدد على ضرورة تطبيق التشريع بعد صدوره، وأن يكون التشريع ملم بالواقع والتحديات ويعالج المشكلات، حتى يتم إصلاح أى خلل أو ترهلات.
من جانبه، قال النائب طارق رضوان، رئيس لجنة الشؤون الأفريقية بالبرلمان: إن المجالس المحلية مكملة للمجالس النيابية، ومنوط بها مراقبة السلطة التنفيذية على مستوى المحافظات والمراكز والأقسام وحتى القرى، وعرض المشاكل التى تواجهها هذه الدوائر على السلطات التنفيذية ومجلس النواب.
وأضاف «رضوان»، أن المجالس المحلية هى المنوط به التعامل المباشر مع الشعب فيما يتعلق بالمشكلات والمجريات اليومية المتعلقة بمتطلبات المراكز والأقسام والقرى، متابعا: «واجهنا كثير من الصعوبات خلال الفصل التشريعى الأول، كان علينا عبء التشريع والرقابة والقيام بأعمال المحليات».
وعن أهمية انتخاب مجلس الشيوخ، قال طارق رضوان: «مجلس الشيوخ مجلس تكميلى لمجلس النواب، معنى بدراسة مشاريع القوانين التى تقدم للمجلس وعرضها على اللجان المختصة لصياغتها، وذلك يسمح بمساحة أكبر لدراسة مشاريع القوانين وعرض القوانين من زوايا مختلفة وإعطائها الوقت المناسب، لدراستها وإخراجها بالشكل الأفضل للعرض على المجلس النيابى لإقرارها».
وتابع: «واجهنا كثير من الصعوبات فى مناقشة القوانين، فكان لزاما مناقشتها فى اللجان المختصة، مما أهدر الكثير من الوقت، ووجود مجلس الشيوخ سيساعد البرلمان، أن يؤدى مهامه المتمثلة فى الرقابة والتشريع».
«المحليات حلقة وصل بين المواطنين والجهاز التنفيذى، وجهاز رقابى على الجهاز التنفيذى بصورة أخرى»، هكذا يرى الدكتور أيمن أبو العلا، لافتا إلى أن كل المشكلات فى كل المجالات موجودة فى المحليات، معتبرا تطوير وهيكلة المحليات محور التقدم والنهضة والتنمية.
ويشير إلى أن انتخابات المحليات وتشكيل المجالس المحلية الشعبية ستفرز كوادر جديدة تقوم العمل السياسى والعام، داعيا القوى والأحزاب السياسية والشباب والمرأة والعمال والفلاحين، بالاستعداد للانتخابات، والتدريب والتأهيل للمارسة العمل المحلى، خاصة أن الدستور يكفل تمثيل هذه الفئات، وحتى تكون هناك كوادر مدربة تكون قيادات فى المستقبل ويكتسبون خبرات.
وتحدث «أبو العلا»، عن أهمية وجود مجلس الشيوخ، مقترحا أن يتكون من 300 عضو، 100 تعيين، و200 لقوائم مختلطة بين الأحزاب السياسية والمستقلين، ولفت إلى أن «الشيوخ» يفترض أن يضم متخصصين وذوى خبرات، وسيؤدى إلى توسيع المشاركة السياسية، وسيخفف الضغط التشريعى على مجلس النواب والقوانين ستكون أدق.
وبدوره، قال اللواء محمد صلاح أبو هميلة، عضو لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهورى، إن الشعب وكل مؤسسات الدولة والأحزاب يترقبون إصدار قانون الإدارة المحلية خلال دور الانعقاد المقبل، وإجراء انتخابات المجالس المحلية، واصفا غياب المحلية منذ نحو 10 سنوات بأنه أثر بالسلب وتسبب فى فراغ وفجوة.
وأردف: «المحليات وقفت مع قيام الثورة فى 2011، وأثر ذلك بالسلب بشكل كبير على الرقابة على أداء الوحدات المحلية من القرية حتى المحافظة، وعلى الخدمات المقدمة المواطنين، منذ يناير 2011 حتى يناير 2016 توقيت انعقاد البرلمان الحالى، فلما أنتخب مجلس النواب للأسف لم يكن هناك محليات، مما شكل عبئا إضافيا على النواب بسبب المشاكل اليومية التى يعانى منها المواطن الذى يعتبر ملجأه الأول والأخير النواب، ويطالب النائب بحل مشكلات المياه والزبالة، مما أدى لانشغال النواب بأمور ليست اختصاصهم، فدور النائب التشريع والرقابة، أما مشكلات المحليات اختصاص عضو المجلس المحلى للمحافظة والمدينة والقرية».
وتابع «أبوهميلة»: «فى اللجنة ناقشنا قانون الإدارة المحلية فى عام كامل، ونتمنى إقراره ليرى النور، أن تكون الانتخابات العام القادم، فالقانون يمنح سلطات أكبر للمحافظين، وكذلك مسؤوليات، لتحقيق انضباط العمل فى الإدارة المحلية وتحقيق الرقابة من خلال المجالس الشعبية، وتحقيق اللامركزية، وقيام المجالس المحلية بدورها فى الرقابة الشعبية على الوحدات المحلية، يخفف العبء عن النواب خلال الفصل التشريعى القادم».
وأشار إلى أهمية القانون الجديد للإدارة المحلية فى أنه يمنح للمجالس المحلية أدوات رقابية كبيرة مثل مجلس نواب، فعضو المجلس المحلى من حقه ان يتقدم بطلب إحاطة وسؤال واستجواب، مما يعطى فرصة للمجالس الشعبية أن تحاسب التنفيذيين وتراقب عملهم، مفضلا أن تجرى الانتخابات بنظام مختلط من القائمة والفردى، متابعا: «المجالس قبل الثورة لم تكن تؤدى دورها على وجه الأكمل بسبب سوء اختيار الأعضاء ووجود عناصر فاسدة نتيجة المجاملة والمحسوبية، ونأمل الانتخابات القادمة تفرز عناصر كويسة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة