دائما ما يدعو عبد الفتاح السيسى إلى "تصويب الخطاب الدينى" ويشدد عليه مرارا وتكرارا عندما تسنح الفرصة، وآخر هذه المرات أمس خلال مؤتمر الشباب لنسخة الثامنة، وحث الرئيس المؤسسات الدينية الرسمية على ضرورة تجديد الخطاب الدينى لمواجهة الجماعات المتطرفة، وهو ما يثير تساؤلات عديدة فى هذا الأمر من عينة من المسئول عن تصويب الخطاب الدينى، وهل المؤسسات الدينة المنوط بها هذا الأمر فقط أم أن للأحزاب والمثقفين دورا، ويبقى السؤال الأهم سيتم تصويب الخطاب الدينى؟.
خطوات على أرض الواقع فى "التجديد"
النائب شكرى الجندى، عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، أشاد بتأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال مؤتمر الشباب على ضرورة تصويب الخطاب الدينى، مشيرا إلى أن تجديد الخطاب الدينى ليس مسئولية مؤسسة الأزهر ووزارة الأوقاف فقط، بل أيضا تتطلب مشاركة مؤسسات عديدة سواء التعليم أو الثقافة أو الإعلام، والاعتماد على المثقفين فى تجديد الخطاب الدينى.
وتطرق عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب، فى حديثه إلى أن هناك تقدما ملحوظا فى تجديد الخطاب الدينى، قائلا: "مؤسسات الدولة الدينية تحقق نجاحات فى هذا الملف على رأسها تمكن وزارة الأوقاف من السيطرة على المساجد فى جميع أنحاء الجمهورية ومنع الإرهابيين والمتشددين من السيطرة عليها لنشر أفكارهم المتطرفة".
ولفت النائب شكرى الجندى، إلى أن اللجنة الدينية ستعقد العديد من المؤتمرات مع بداية دور الانعقاد الأخير، فى عدد من المحافظات ضمن جهودها لتطوير الخطاب الدينى وستستضيف عدد من رموز الأزهر والأوقاف، لافتا إلى أن تجديد الخطاب الدينى لا يقتصر فقط على مصر بل يجب على كل الدول الإسلامية المشاركة فيه، لافتا إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ أن تولى حكم مصر وهو يدعو ويحرض على تجديد الخطاب الدينى وتغيير نمط الحياة وتغيير سلوك المواطن لكى يتحول من كائن استهلاكى طفيلى إلى مواطن فاعل ومشارك ومسؤول فى بناء مستقبله ومستقبل بلاده وصناعة الحياة.
دعوة للمثقفين والسياسيين بتبنى مشروعا تنويريا
من جانبه دعا إبراهيم ربيع القيادى السابق بجماعة الإخوان الإرهابية، جميع النخب المصرية بتبنى مشروع يشمل تصويب الخطاب الدينى، قائلا ": "النخبة الثقافية والإعلامية والسياسية الحقيقية يجب أن يكون لديها مشروع مستقبلى ورؤية تقدمية لنقل المجتمع من الوضع القائم إلى الوضع القادم (اجتماعيا – تعليميا – ثقافيا – دينيا – اقتصاديا الخ) وهذه النخبة فى مواجهتها للمجتمع ومحاولة تغييره إلى الأفضل تحتاج لمجرد تفهم السلطة السياسية لتحركها، فما بالنا بوجود قيادة سياسية للدولة المصرية متمثلة فى شخص الرئيس عبدالفتاح السيسى، متابعًا: "فنحن أمام لحظة فارقة فيها سلطة سياسية أزالت كل الاسقف ورفعت كل التوقعات ومازلت تنادى وتحرض على التغيير، تغيير الخطاب الدينى وتغيير نمط الحياة وتغيير أسلوب التعامل وتغيير الأفكار والقناعات".
وتساءل "ربيع" ماذا ينتظر دعاة الليبرالية أكثر من هذا حتى يعرضوا مشروعا جادا لتحرير المواطن من فكر التخلف والرجعية وبناء مواطن حر ومسئول، وماذا ينتظر دعاة التجديد الدينى أكثر من هذا ليقوموا بصناعة مشروع إصلاح دينى يعتمد القرآن الكريم مركزا للدين والعقل وسيلة وحيدة لفهم الدين والتدين ويخرج الأمة من كهوف الظلام وثلاجات الجمود ويفتح لعقولها نوافذ الحكمة ولقلوبها ينابيع المعرفة".
كما تساءل عن ماذا تنتظر النخبة السياسية الممثلة فى الأحزاب والسياسيين أكثر من ذلك حتى يقدموا للمواطن مشروع جاد لبناء كوادر سياسية محترمة تقود البلاد لمستقبل أكثر مشاركة ايجابية وديمقراطية ورفاهية، وماذا ينتظر دعاة حقوق الإنسان أكثر من ذلك حتى يقوموا بتقديم مشروع لحصول الانسان على أسمى حقوقه واصل كل الحقوق وهو حصوله على إنسانيته ووعيه وتحرره من براثن تجار الدين الفاسد المفسد وصناع قتل الحياة".
وأضاف القيادى الإخوانى السابق: "منذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئوليته كرئيس لمصر وهو يدعو لتجديد الخطاب الدينى وتغيير نمط الحياة وتغيير سلوك المواطن لكى يتحول من كائن استهلاكى طفيلى إلى مواطن فاعل ومشارك ومسؤول فى بناء مستقبله ومستقبل بلاده وصناعة الحياة".
وتابع ربيع حديثه: "نحن أمام فرصة تاريخية لو فرطنا فيها ربما لن تتكرر وسيدفع الجميع ثمنا فادحا لتكاسل النخبة السياسية والثقافية وانشغالها بمماحكتهما وتصفية حسابات الماضى على جثة مستقبل الوطن والمواطن".
تصويب الخطاب الدينى.. مسئولية الجميع
فيما أكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، أن المعالجة الفكرية لم تتم بالقدر الكافى فى ملف "تصويب الخطاب الدينى".
وقال "كريمة" فى تصريحات له إن مسألة تجديد الخطاب الدينى، تتطلب إرادة من قبل أجهزة الدولة، بجانب المؤسسات الدينية سواء الأزهر الشريف ودار الافتاء ووزارة الأوقاف بجانب الكنيسة المصرية لأن الخطاب الدينى يهم جميع المصريين، فضلا عن وزارات الثقافة والشباب والرياضة، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدنى التى لها دور كبير فى هذا الملف.
وتابع "كريمة" :" نحن بحاجة إلى خطاب دينى جديد، لأننا نتعبد إلى الله بالمذاهب وليس بالدين، ولذلك إذا كنا نريد تصويب الخطاب الدينى فالأمر يتطلب فلتره الإسلام من المذهب الطائفية والقومية" مشيرا إلى أن الشيخ الأزهر الراحل محمود شلتوت، كان يقول: "ما كانت شريعة الله تابعة لمذهب وما أمرنا الله أن نتعبد بمذاهب".
وقال "كريمة": "هناك فرقا بين الفقه والشريعية والعقيدة والإيمان وفرق أيضا بين السلوك والأحلام" مضيفًا: "أصبحت الأمة الإسلامية منقسمة إلى مذاهب وداخل المذهب الواحد تيارات مختلفة ولذلك نحن بحاجة إلى تصويب الخطاب، وخطاب دينى جديد" مشدد على أهمية معالجة المذهب الطائفية، موضحا أنه يرأس جمعية التآلف بين الناس الخيرية، والتى تمتلك 20 بحثا فى معالجة الإرهاب والتطرف، فضلا كامل لعملية تجديد الخطاب الدينى يحمل عنوان "المحجه البيضاء".
فيما أكد الشيخ أحمد البهى، الداعية الأزهرى، أن تجديد الخطاب الدينى هى مسؤولية الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، وهو ما يتطلب ضرورة التكاتف للانتهاء من مشروع تصويب الخطاب الدينى، خاصة أن الرئيس السيسى حريص على إتمام هذا المشروع لمواجهة الجماعات الإرهابية.
وقال الداعية الأزهرى، إن الرئيس السيسى تحدث عن الأزهر خلال مؤتمر الشباب حديث يؤكد أنه غيور على الإسلام والأزهر ويحمل هموم تصحيح الصورة المغلوطة عن المسلمين الحقيقيين، لافتا إلى أن تجديد الخطاب هو أسرع الوسائل لتصحيح صورة الإسلام فى الخارج.