تضمنت مشاركة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى فعاليات المؤتمر الوطنى الثامن للشباب مجموعة من الرسائل الخاصة بالجيش المصرى، فهو حائط الصد الأول والأخير للدولة المصرية، وأن الجيش هو مركز الثقل الحقيقى ليس لمصر فقط، بل للمنطقة كلها، وأن ما يحاك ضده من ترويج للشائعات تستهدف إسقاط وكسر هذا الجيش، وبالتالى إسقاط مصر وهو الهدف الرئيسى الذى تسعى إليه هذه المخططات، وشدد على أنه لا يمكن أن نقبل الإساءة للجيش المصرى فى ظل ما تحقق من إنجازات وما يمثله للدولة المصرية، وأن الجيش مؤسسة مغلقة وحساسة جدًا، ولا تشكيك فيها، وأن الأعداء لن يستطيعوا الاعتداء على مصر بشكل مباشر لأن لديها جيشًا وطنيًا هو الأقوى فى المنطقة.
وواقعيًا ارتبط المصريون جميعًا بقواتهم المسلحة ارتباطا يدفعهم للهجوم بشراسة على من يتعرض للجيش ولو بكلمة، فالجيش المصرى مختلف فى علاقته بالمصريين، فجنوده أبناء المصريين جميعًا وليس جيش مرتزقة أو فئوى أو جهوى أو طائفى.
خاض الجيش المصرى «955» معركة لم يُهزم إلا فى 12 فقط (حسب مجموعة 73 مؤرخين)، فالتاريخ مازال شاهدًا على بسالة وقوة الجندى والجيش المصرى فى الحروب التى خاضها، تارة لصد هجمات الغزاة والمعتدين وتارةً أخرى للحفاظ على وحدة وتماسك أراضى الدولة والحيلولة دون تشرذمها وتفتتها إلى دويلات صغيرة ضعيفة.
تعد القوات المسلحة المصرية منذ نشأتها الحديثة أهم وأكبر جيش عربيًا وأفريقيًا، وهو ما جعلها تشكل الركيزة الأساسية للأمن القومى العربى والأفريقى، لذا فقد شاركت بالنصيب الأوفر فى الدفاع عن فلسطين والعروبة منذ اندلاع الصراع العربى الإسرائيلى عام 1948 وحتى عام 1973، وبالتوازى حاربت فى هذه الأثناء أيضا ضد المحتل البريطانى والفرنسى.
كانت حرب أكتوبر 1973 هى أشرس وأقوى الحروب التى خاضتها مصر مع إسرائيل، بعد غدرها لنا فى حرب الأيام الستة، وبعد النكسة عملت العسكرية المصرية على استرجاع الأرض المسلوبة، لتجىء حرب أكتوبر المجيدة التى تعد أكبر حرب تم تنفيذها على ساحة الميدان بعد الحرب العالمية الثانية، فقلبت موازين القوى وكيفية إدارة معارك الأسلحة المشتركة رأسًا على عقب وأعادت هيكلة هذه المفاهيم والقواعد مرة أخرى، لكنها فى الوقت نفسه أكدت على عدة ثوابت معروفة ويقينية لدى المصريين، أنهم يقفون خلف جيشهم ويثقون فيه، ومهما بلغت دقة المؤامرات من احتراف فاعلها فلن تؤثر فينا، ولدينا يقين أن مؤامرات العدو مستمرة وكثيرة وجاهزة للانقضاض على مقدرات الشعب المصرى والعائق الوحيد هو الجيش، فهؤلاء يدركون أن سقوط مصر لن يتحقق إلا بسقوط الجيش، وبالتالى نرى الكثير من الحملات التى تستهدف تشويه الجيش وهز الثقه بينه وبين الشعب.
يعلم المصريون أن الجيش القوى هو عمود الخيمة فى بقاء الدولة مرفوعة الرأس والهامة، وفى الخارج يتآمرون على الجيوش القوية، كما حدث فى ليبيا وسوريا ومن قبلهما العراق، خاصة أن المصريين يثقون فى قواتهم المسلحة ويعلمون أنهم جيش وطنى شريف يحمى الأرض والعرض ليس لمصر فقط بل للمنطقة كلها.
حولنا انهارت الدول بعد انهيار جيوشها واحتلها الإرهاب وأصبحت حدودها مباحة وخرجت أخرى من الخريطة، وفى كل دولة يتم تدميرها يكون بعض مواطنيها قد خانوها، وعلى العكس رأينا جيوشًا يتم نزع ملابسهم وإهانتهم فى الشوارع، ومَن انهار جيشه ومَن أهين جيشه يشتركان فى أن كليهما لا يمتلكان الآن الكرامة.
بعد 30 يونيو كانت قناعة الرئيس عبدالفتاح السيسى القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن الدولة التى لا تمتلك سلاحها وقدرتها العسكرية الرادعة، لا تمتلك قرارها السياسى، فحرص على تطوير القوات المسلحة، فكان القرار بإعادة التسليح بأحدث ما توصل إليه العلم الحديث لتكون القوة القادرة على حماية الأمن القومى المصرى، وحماية حدود الدولة ومواطنيها من أى تهديد كان، حتى لو تطلب الأمر تنفيذ عمليات عسكرية خارج الحدود للقضاء على أى تهديد قبل وصوله إلى أرض الوطن، ولأنه مختلف فى عقيدته القتالية عن أى جيش آخر، فرجاله لا يضعون أمامهم سوى احتمالين فقط «النصر أو الشهادة».
الآن فهمت لماذا تدعو الأمهات الطيبات فى القرى لأبنائها بدخول الجيش حتى تكتمل رجولته، وفى كل مندرة «مضيفة» يجلس الرجال والشباب يسترجعون ذكرياتهم فى أيام الجيش الجملية رغم صعوبتها على البعض ممن لم يتعودوا على الالتزام والانضباط، الآن فقط فهمنا أن أى حروب لم تنتصر فيها مصر رغم قلة عددها كان يسبقها تفتيت وضعف فى الجيش المصرى، وأن كل ارتقاء وتقدم ونهوض كان دائمًا يبدأ من وجود جيش قوى يحمى وحدة البلاد داخليًا، ويرهب الأعداء خارجيًا.